يتسبب الطقس والتساقطات الثلجية، في عرقلة السير العادي للعملية التعليمية، خاصة في عدة مناطق بإقليم الحسيمة، والممتدة من تارجيست إلى حدود إقليمي تاونات وشفشاون، بالنظر إلى صعوبة التحاق العديد من التلاميذ بمدارسهم في المناطق الجبلية الوعرة. وتبقى المبادرات المتخذة في هذا المجال محتشمة، ولا ترقى إلى مستوى التطلعات، بالنظر إلى محدوديتها. وعادة ما يلجأ المعلمون في المناطق الأكثر برودة في فصل الشتاء بإقليم الحسيمة، إلى جمع الحطب من الغابات لضمان التدفئة داخل القسم، في غياب مبادرات جريئة، وعدم تجهيز الأقسام بوسائل التدفئة الضرورية، في الوقت الذي ما زالت فيه جهود الحد من ارتفاع نسبة التغيبات خلال الأيام الممطرة المرتبطة بالخصوص ببعد التلاميذ عن المدارس ووجود حواجز طبيعية في الطريق إليها، دون مستوى التطلعات. ويقطع العاملون بالمجموعات المدرسية التابعة للجماعات الجبلية المذكورة، أزيد من 120 كيلومترا غرب الحسيمة، للالتحاق بمؤسساتهم التعليمية. ويشعر العديد من رجال التعليم بهذه الجماعات، بالإحباط في عملهم، وباتوا يفكرون في التخلي عن مهنة التدريس، بسبب الظروف القاسية، ومشاكل التنقل، إلى جانب غياب التواصل مع المسؤولين الإداريين، وغياب ظروف العمل، وكلها عوامل جعلتهم يفكرون في استغلال نشاطهم وحيويتهم في مهن حرة. ويكشف البرد القارس والتساقطات الثلجية التي تجتاح مناطق كتامة وإساكن من حين إلى آخر، هشاشة التجهيزات والبنيات التحتية داخل المؤسسات التعليمية بها، المعروفة بانخفاض درجة الحرارة طيلة فصل الشتاء. ويستدعي الأمر، التفكير الجدي وتوفير التجهيزات اللازمة من مدافئ وحطب التدفئة بمختلف المؤسسات، لضمان ظروف مناسبة للتعلم، وحتى لا ترتعش أجسام التلاميذ من شدة البرد. وأكد العديد من نساء ورجال التعليم بالمناطق المذكورة، أن التدفئة أيام البرد هي النقطة التي أفاضت الكأس، إذ أن كل المدرسين بهذه الجماعات ساخطون على الوسائل المستعملة، باعتبار الوزارة الوصية، لا توفر الفحم الحجري والخشب، كما أن الإدارات نفسها، لا توفر من يقوم بإشعال المدفئة ساعة على الأقل قبل بداية الحصص، حتى لا يؤثر دخانها على التلاميذ. ويوظف بعض الأساتذة التلاميذ في جمع الحطب، وإشعال المدفئة في غياب الأعوان الذين من المفروض أن توكل لهم هذه المهام. وتفرض برودة الطقس في الجماعات الجبلية التابعة لإقليم الحسيمة عطلا إجبارية على التلاميذ بسبب المرض، إذ أن الزكام والتهاب اللوزتين يتصدران الأمراض التي تصيب التلاميذ، وفق ما صرح به معلم بمجموعة مدرسية فضل عدم ذكر اسمه، مضيفا أنه لا يلتحق بالقسم سوى ثلث التلاميذ أيام البرد، وأن أغلب التلاميذ يضطرون لقطع حوالي ثلاثة كيلومترات مشيا، للوصول إلى المدرسة، منها مسافات طويلة وسط الثلوج. وفي حال عدم اشتغال مدفئة القسم، يظل هؤلاء التلاميذ يرتعشون من البرد، وبعضهم لا يستطيعون حمل القلم بين أصابعهم، وفي انتظار الاستئناس بالوضع داخل الحجرات الباردة تضيع مدة مهمة من الحصة الصباحية. وبسبب ضعف الإمكانيات المادية، يعتمد العديد من التلاميذ على قوة الإرادة لتحدي الطبيعة، فيواجهون محن البرد ويقطعون المسافات، صباح كل يوم في نشوة الالتحاق بالقسم، واللقاء مع الأصدقاء، الذين يقطع بعضهم الطريق بالاعتماد على الدواب وسيلة للنقل المدرسي في البادية. وتجري عمليات إشعال المدفئات عبر مبادرات فردية من قبل المعلمين، إذ أكد معلم أنه يحضر ساعات قبل انطلاق الحصة الصباحية، ويشعل المدفئة ويغادر القاعة في انتظار انسحاب الدخان. وأكدت إحدى المعلمات بإحدى المجموعات المدرسية الجبلية التابعة لإقليم الحسيمة، أن رائحة دخان الخشب تسبب لها آلاما في رأسها، وأنها أصبحت تدمن على تناول أقراص لمواجهة الأوجاع التي تشعر بها.