مرت ثلاث سنوات على وجود حكومة الحزب الشعبي المحافظ بزعامة ماريانو راخوي في إسبانيا والمدة نفسها على حكومة عبد الإله بن كيران في المغرب، ويجري التفاهم بين الطرفين بشكل تام في ملف أثار الكثير من التوتر في الماضي وهو ملف الهجرة، لكن الطرف الخاسر هي الجالية المغربية التي تعاني من قوانين إسبانيا المجحفة. ويعتبر ملف الهجرة من الملفات الشائكة التي تسببت في تدهور العلاقات بين الرباطومدريد في مناسبات متعددة، لكنه لأول مرة خلال الثلاث سنوات الأخيرة يسود توافق وحوار حقيقي بين البلدين. وعمليا، تشيد إسبانيا بمجهودات المغرب في محاربة الهجرة السرية وخاصة عمليات الأفارقة بالتسلل إلى مدينتي سبتة ومليلية. وهذه الإشادة مردها قرار المغرب تعزيز قواته الأمنية بالقرب من المدينتين الواقعة شمال المغرب وهما تحت السيطرة الإسبانية. ولم يتردد المغرب في بناء سور ثالث يحيط بمليلية لمزيد من الحراسة، وإن كان قد قلل من مغامرات المهاجرين الأفارقة فهو لم يمنع نهائيا عمليات التسلل التي تحدث بين الحين والآخر وآخرها خلال الأسبوع الجاري. ومقابل ما جنته إسبانيا من نتائج هامة، لم تحقق الجالية المغربية في هذا البلد الأوروبي أي أرباح من الخدمات التي تقدمها سلطات الرباط بل تضررت بشكل كبير للغاية. فقد تزامن مجيء حكومة الحزب الشعبي المحافظ مع الأزمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد، وهي الأقسى من نوعها خلال عقود. ودفع الوضع الحكومة إلى التشدد في تطبيق قوانين الهجرة على المهاجرين وأساسا الجالية المغربية. وفي تصريحات للقدس العربي، يقول عبد الحميد البجوقي، المقيم في مدريد منذ ثلاثين سنة وخبير في مجال الهجرة إسبانيا وأوروبيا أن: «الجالية المغربية تضررت كثيرا خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فقد تشددت حكومة اليمين بشكل مبالغ فيه في تطبيق القانون وهو ما حكم على عشرات الآلاف من المغاربة بالسقوط في وضعية غير قانونية بعدما كانوا في وضع قانوني». ورغم أنه يستبعد أن تكون الجالية المغربية مستهدفة إلا أنه يؤكد أن أفرادها الأكثر عرضة للمبالغة في تطبيق بنود قانون الهجرة عليهم وهو ما يفسر نسبيا تراجع نسبة المهاجرين المغاربة الذين يقيمون بشكل قانوني في إسبانيا خلال الثلاث سنوات الأخيرة. ويتساءل في هذا الصدد، «المغاربة يشتكون، ولماذا لا تتحرك الحماية القنصلية المغربية للدفاع عن مصالح مواطنيها كما فعلت في حالة مدير المخابرات المدنية في فرنسا عبد اللطيف الحموشي، وكما تفعل دول تتبنى قضايا مهاجريها مثل الإكوادور وبوليفيا اللتين ضغطتا على إسبانيا للتخفيف على مهاجريهما». وارتفعت أصوات المهاجرين المغاربة وبعض الجمعيات التي تمثلهم مطالبين بتدخل الدولة المغربية لدى سلطات إسبانيا لرفع ما يعتبرونه حيفا يعانون منه، لكن الرباط لم تقم بأي شيء يذكر حتى الآن.