ثلاث سنوات من الاحتجاج (من 2011) و أكثر من ست سنوات من المراسلات (من 2008) على تحويل الطريق غير المصنفة بودينار – سيدي ادريس عبر مدشر إجطي (إشنيوان) لمسار آخرمشبوه، من طرف رئيس جماعة بودينار بإقليم الدريوش، لم تكف ربما للتعريف به كما يجب، أو لم يُرِدْ من يهمهم الأمر أن يعرفوا أو يفهموا ما يجري، لأنهم بكل بساطة يقولون : "فلتذهب إشنيوان إلى الجحيم". هكذا تحس الساكنة مع كثير من الحكرة و الظلم و الإقصاء. لذا قررت إشنيوان أن تعيد الحكاية من البداية، لكن هذه المرة أكثر قوة و التحاما بشبابها و كهولها و شيوخها، للاحتجاج على ضياع حقوقها، و محذرة المسؤولين بما ستحمله الأيام القادمة. إذن كعادتها، خرجت الساكنة في الموعد، مع الساعة السابعة صباحا من يوم الاثنين 20 يناير 2014، تجمع المحتجون بساحة النضال بمدشر إشنيوان حيث كانت الانطلاقة في مسيرة سلمية في اتجاه مقر الجماعة القروية ببودينار، لإيصال رسالة بليغة للمسؤول الأول في الجماعة، مفادها "إن كنت قد خدعت إشنيوان بتواطؤ جميع مسؤولي الإقليم في تحويل طريقهم الذي برمج سنة 2005 في إطار البرنامج الثاني للطرق القروية، و اطلع عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس أثناء زيارته لقرية أركمان سنة 2008، لمدشرك و أصدقاءك، مع كل احترام لكل الدواوير المجاورة"، و بالتالي حرمان مواطني إشنيوان من حقهم المشروع، فإنها تقول لك " إن لم ينصت إلينا المسؤولون، و لم ينصفنا القضاء، فإننا لن نستسلم و لن نصمت عن حقنا و سنقدم أرواحنا و دماءنا في سبيل تحقيق مطالبنا و انتزاع حقوقنا، فهذه موارد و أموال تخرج من ميزانية الشعب، يجب أن توزع بالتساوي على كل الدواوير، لا أن تدخل فيها لعبة المزايدات السياسية و إرضاء النزوات الانتخابية". هكذا عبرت الساكنة عن غضبها الشديد و تذمرها من سياسة الهروب إلى الأمام التي ينهجها المسؤولون. و كعادته،فر السيد الرئيس هاربا إلى المجهول بحثا عن أقراص مهدئة لعلها تخفف عنه آثار لعنة إشنيوان التي تطارده. اتجهت المسيرة بعد ذلك إلى مكتب الماء و الكهرباء للاحتجاج على مشاكل هذا القطاع، و يبدو أن الرسالة قد وصلت، لتقرر الساكنة بعده الزحف من بودينار إلى الطريق الساحلي و بالضبط أمام مدخل إجطي (إشنيوان)، المكان الذي يفضله و يرتاح فيه الجميع، كيف لا؟ و الطريق يمر على أرض إشنيوان و لا تعويض على ذلك و لا مسلك يربط مدشرهم بالساحلي و يفك عنهم العزلة. إنها قمة الإهانة و الإقصاء. لحظات بعد ذلك و تصطف قوات الأمن،بحضور القائد الجهوي للدرك الملكي بالناظور و القائد الممتاز بدائرة الريف و قائد قبيلة تمسمان لحث المحتجين على الخروج من الطريق الساحلية، إلا أن المعتصمين رفضوا الخروج، و بعد شد و جدب، اتفق بعضهم على الخروج لكن شرط إيقاف مهزلة فتح الأظرفة في المشروع المشبوه يوم الثلاثاء 28 يناير 2014 بمندوبية التجهيز بالناظور، و فتح تحقيق في جريمة التحويل، و فك العزلة عن إشنيوان في اتجاه الساحلي و في اتجاه بودينار و تحقيق كافة المطالب الأخرى : تزويد كل إشنيوان بالماء الصالح للشرب، و بناء إعدادية، و توفير الأطر و المعدات الطبية... و كعادتهم دوّن المسؤولون شروحات و مطالب المحتجين، لبحث سبل تحقيق ذلك مع الجهات المعنية. و الغريب في الأمر، أن كلاًًّ من القائد الجهوي للدرك الملكي بالناظور و القائد الممتاز بدائرة الريف صرحا أنهما ليس على علم بموضوع هذا التحويل، و المفروض أن يكونا على علم بكل صغيرة و كبيرة، لأنهما من بين المسؤولين الأوائل على حماية أمن كل المواطنين بدون استثناء من التشرد و الضياع نتيجة العزلة و التهميش. إن ساكنة إشنيوان لا تؤمن بالشفوي و لا حتى بالكتابي، فكم من مشروع على الورق بالحجة و الدليل صار سرابا مع أمثال رئيس جماعة بودينار، و النموذج ما وقع لطريقهم المحوَّل، إشنيوان لا تؤمن بالكلام المعسول للمسؤولين، فهي تسمع عن مليار و نصف لربط إجطي بالساحلي، و لا شيء تحقق على أرض الواقع. تؤمن فقط بأشياء ملموسة، ستصدق خرافاتهم فقط عندما تُدَشَّن الطريق و تطؤها أقدامهم و تفك عنهم العزلة. إن تعنت المسؤولين يدفع كل مرة بأبناء إشنيوان للاحتجاج و الاعتصام، لذا تحمل لهم الساكنة مسؤولية كل ما سيترتب عن ذلك، خاصة بعدأن قررت أن لا تعود إلى منازلها إلا بتحقيق شيئين اثنين لا ثالث لهما؛ فك العزلة أو الموت، كما صدحت بذلك حناجرهم المبحوحة، و إن رُفِع الاعتصام اليوم، فالمعركة لازالت طويلة تحتاج إلى نفس طويل، و الساكنة تستعد لأشكال نضالية أكثر تصعيدا، بعد نجاح معركة اليوم الذي فاق كل التوقعات.