أصبحت بلدة كولمبورخ، وسط هولندا، مسرحا لشجار مستعص بين مجموعتين من الأقليات الإثنية هما المغاربة والملوكيين (الذين يعود أصلهم لجزر الملوك الإندونيسية). أعلنت السلطات هناك عن حظر التجمهر في الطرقات خلال الأسبوعين القادمين. في هذه الأثناء نشب جو من التحدي بين مجموعات المغاربة والملوكيين في جميع أنحاء هولندا. ارتفعت حدة التوترات بين المغاربة والملوكيين في مدينة كولمبورخ بوتيرة متصاعدة خلال الأشهر الفائتة. عراك وشجار، وإضرام النار في السيارات. تمت مجموعة من الاعتقالات، كما استخدمت البلدية مجموعة من المرشدين الاجتماعيين، ولكن وحتى الآن لم تأت هذه الجهود بثمارها. اضطر البوليس في ليلة رأس السنة للتدخل مرة أخرى بعد أن نشب قتال بين المجموعتين الاثنيتين. سوق العمل تسبب خلاف بسيط حول أضرار لحقت بسيارة في نشوب بعض الاضطرابات بين المجموعتين ليتصاعد المشكل من ثم باضطراد، وهكذا تسير الأمور دائما، كما يقول عالم الاجتماع رودي كووبمانس المنسوب للجامعة الحرة بأمستردام، إذ أن مثل هذه الاحتكاكات تأخذ في الغالب شكلا اخطر في أنحاء أخري من العالم: "يتعلق الأمر هنا بالسيطرة على الفضاء العام المشترك، ولكن قد يكون للأمر علاقة أيضا بالتنافس في سوق العمل، وقد يتعلق الأمر، كما حدث قبل سنوات في برمنجهام بسيطرة مجموعة أثنية على الحوانيت والمتاجر في حي من الأحياء السكنية". يسري الآن في حي ترفايده في مدينة كولمبورخ أمر محلي بفرض حالة الطوارئ . يسري كذلك أمر بحظر التجمهر في الشارع، كما أن مخارج وممرات الحريق والطوارئ قد تم إغلاقها بكتل خرسانية، وذلك للفصل بين المجموعات المتخاصمة. جينات موروثة في هذا الحي تسكن حوالي 65 أسرة من اصل ملوكي يعود أصلها لجزر الملوك الاندونيسية. أتي الملوكيون إلي هولندا في العام 1950 حين استقلت مستعمرة الهند الشرقية (إندونيسيا حالياً) بعد كانوا قد ساندوا القوات الاستعمارية الهولندية في قتالها ضد الاستقلاليين، ليظلوا من ذلك التاريخ يعيشون ويشكلون مجموعة منفصلة في هولندا. لمجموعة الملوكيين هذه ينتمي القس ناه ساهوليكا، الذي يذهب إلى أن الخلافات مع الشباب المغاربة تعود لشهر سبتمبر- أيلول من العام الماضي، بسبب إتلاف سيارة احد الملوكيين من قبل مجموعة من الشباب المغاربة: "أعرف كيف نفكر ونتصرف نحن الملوكيين، لا نسمح لأحد بتحدينا والتضييق علينا، نحاول الدفاع عن المكان الذي نسكن فيه مهما كلف الأمر. هذه الجينات ورثناها عن آبائنا الذين قاتلوا دفاعاً عن الهولنديين في اندونيسيا". الانترنت تحدي الشباب المغربي والملوكي بعضه بعضا في مختلف أنحاء هولندا، وذلك عبر مختلف الصفحات الاليكترونية بالانترنت. المجموعة العظمي من الملوكيين في هولندا يدينون بالمسيحية، أما المغاربة فهم من المسلمين، ولكن الخلاف بين المجموعتين لا علاقة له بالديانة كما يقول القس ناه ساهوليكا: "لدي علاقات جيدة مع المغاربة، لدي انطباع بأن الآباء المغاربة يواجهون صعوبة في فرض نوع من الانضباط على أبنائهم، أعتقد أن هذا أمر شائع وسط المجتمع المغربي. بالنسبة لنا فإن السلطة الأبوية مازالت حاضرة بقوة. وقاعدة أكرم أباك وأمك مازالت من القواعد التي تأخذ مكان الصدارة بالنسبة لمجتمعنا". حوادث جديدة على هولندا يعتقد القس ساهوليكا أنه من غير الممكن الإشارة لمجموعة باعتبارها الجاني والأخرى على أنها الضحية. فالشباب يستجيب لاستفزازات بعضه البعض الأمر الذي يؤدي لتفاقم العنف. رغم كل هذا فإن العنف الناشب بين المجموعتين ليس بهذه الخطورة، كما يعتقد عالم الاجتماع كوويمانس: "لم نتعود على مثل هذه الحوادث في هولندا، وهذا أمر جيد، ولهذا السبب يجب علينا اخذ الأمر بالجدية اللازمة. ولكن في نفس الوقت يجب ألا نضخم الأمر لنحوله إلى إشكال قومي، إذا ما تعلق بشكل بسيط من التنافس المصحوب بالعنف، والذي يأخذ في هذه الحالة شكل المنافسة بين مجموعتين تصادف أن لهما خلفيات أثنية مختلفة".