سورينام.. تحفة مدارية هادئة "" توجد جمهورية سورينام شمال قارة أمريكا اللاتينية، ترقد في حضن ساحل المحيط الأطلنطي ، في خجل وسكون ، يحفها سحر الطبيعة ، وتؤنسها سماء زرقاء ،يتخللها بياض الوجه الوضاء بحبات المطر اللامعة ، هكذا ولدت سورينام، وترعرعت وسط خصوصيات تتمازج فيها الثقافات والأعراف والتقاليد ، من كل أصقاع العالم القديم والجديد.. تحدها غربا غويانا الإسبانية ، وشرقا غويانا الفرنسية ، ومن الجهة الجنوبية البرازيل ، ومن الشمال المحيط الأطلنطي ، في سنة 1998أعلنت جمهورية سورينام كأكبر محمية غابات مدارية في العالم ، لم تكن هذه البقعة المغمورة وليدة اكتشاف كولومبس ، بل تواجد البشر فيها منذ آلاف السنين ، وكان سكانها الأوائل هم الهنود الأراواك ، وجاء بعدهم الهنود الكاريبي في 1100 قبل الميلاد ، وإسم سورينام مشتق من قبائل "سورين" التي كانت تقطن البلد قبل أن يطردهم الهنود الأمريكان في بداية القرن السادس عشر. تبلغ مساحتها 163.265 كيلومترا مربعا ، وعاصمتها مدينة "باراماريبو" اكتشفها الإسبان في نهاية القرن الخامس عشر-بعد سقوط الأندلس بعام واحد- ولم يستعمروها ، ويعد القائد "ألينسودي أجيدا" الذي صاحب كلومبس في رحلته إلى اكتشاف القارة الجديدة ، هو أول من وطأ أرض سورينام ؛ لكن هناك من يعتبر أن القائد الإسباني "دومينغودي فيرا" هو أول من ضم المنطقة للمملكة الإسبانية عام 1593م، مدعيا بأنها أرض سائبة لاصاحب لها ، وقد نازعهم الهولنديون والإنجليز عليها عدة مرات ، وبالتالي تمت المقايضة بين هولاندا وبريطانيا على سورينام، فكانت من نصيب هولاندا؛ بحيث أصبحت مستعمرة هولدية سنة 1667، وقد حصلت سورينام على استقلالها سنة1975 بعد معارضة حادة من المواطنين الذين هاجر أكثرهم إلى هولاندا، وبذلك لم تجد أي وسيلة للتخلص منهم إلا باعتراف استقلال وطنهم، مع البقاء معهم في اتحاد شبيه بالكمونولث ، والذي يضم المستعمرات الهولنية القريبة منها، لغتها الرسمية الهولندية ، وهناك لغات ولهجات محلية أخرى ..يبلغ عدد سكانها اليوم مايزيد عن 3 ملايين نسمة ، ونسبة المسلمين تقدر بأكثر من 35% ، وهي نسبة كبيرة جدا بالمقارنة مع دول أخرى في القارة ، ولهذا انضمت إلى منظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1996؛ الذي كان السبب في إقناع السلطة الحاكمة في الجمهورية للالتحاق بالمنظمة الإسلامية ، الباحث الكبير في الأقليات الإسلامية الدكتور علي بن المنتصر الكتاني المغربي رحمه الله ؛ حيث كان له دور بارز ومجهودات جبارة في مجال الدعوة الإسلامية بدول أمريكا اللاتينية والعالم كله ، عملتها تسمى جيلدر، ونشاط السكان يرتكز أساسا على الزراعة والفلاحة ، وخصوصا في مجال قصب السكر، والأرزن والبن، والقطن ، وتشتهر سورينام بإنتاج خام البوكسيت ؛ بحيث تنتج خمس الإنتاج العالمي . أمريكا اللاتينية.. ومحاكم التفتيش كانت محاكم التفتيش التي أنشئت في إسبانيا منذ القرن الثاني عشر موجهة ضد المسلمين في الأندلس ، لكن شملت لاحقا اليهود كذلك منذ بداية القرن الرابع عشر، وفي القرن السادس عشر ظهر عدو جديد خارج عن المذهب الكاثوليكي المعتمد آنذاك لدى الملوك في أوروبا، وهم "البروتيستانت" ؛ حيث تم إحراقهم أحياء وإلحاقهم بالمسلمين واليهود "كهراطقة" ؛ والهراطقة هم الذين تمردوا على تعاليم الكنيسة ، وإدخال بعض الإصلاحات والاجتهادات في نصوص الأناجيل المقدسة المعتمدة لدى الكنيسة الكاثوليكية ؛ فهؤلاء لم يسلموا كذلك من بطش محاكم التفتيش ، ولو أنهم ينتمون إلى نفس العقيدة المسيحية..!!، ويكفي أن نسطر ماقاله "غوستاف لوبون" في كتابه المعروف "حضارة العرب" يقول: "يستحيل علينا أن نقرأ دون أن تقشعر جلودنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قامت بها محاكم التفتيش الإسبانية ضد المسلمين المنهزمين..أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع..واقترح الراهب "بليدا" قطع رؤوس كل العرب دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد ، بما في ذلك النساء والأطفال ..كما قتل بليدا في قافلة واحدة 100 ألف مهاجر، كانت متجهة نحو إفريقيا والمغرب وأمريكا اللاتينية.." فمحاكم التفتيش كان هدفها الأول والأخير القضاء على المسلمين واليهود في الأندلس ، وعلى كل مخالف لقواعد المذهب الكاثوليكي المعتمد لدى ملوك أوروبا، ورغم المعاهدة التي تمت بين أبي عبد الله الصغير والملوك الكاثوليك سنة 1492، وأقسم البابا عليها، ومن بنودها: "تأمين الصغير والكبير في النفس والأهل والمال ، مع إبقاء الناس في أماكنهم ودورهم ، وإقامة شريعتهم على ماكانت ، ولايحكم على أحد منهم إلابشريعتهم ، وأن تبقى المساجد كما كانت..ولايمنع مؤذن ولامصل ولاصائم ولاغيره في أمور دينه " ؛ لكن هذه المعادة لم تدم طويلا وتم نقضها كليا وبدأت التصفية وقبر اللغة العربية وحظرها، وأحرق الكردنال "أكزيمينيس" مايزيد عن ثمانين ألف كتاب ، وفي غرناطة وحدها سنة 1500م أجبر المسلمون على تسليم أكثر15 مليون كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لاتقدر بثمن ، فقد تم حرقها واحتفظوا ببعض كتب الطب والهندسة والفلك والجغرافيا والرياضيات والفلسفة.. مازال إلى اليوم العالم الغربي يقتات من فتاتها، وهكذا تفنن ملوك الإسبان في إذلال المسلمين بالأندلس ؛ بحيث منعوا الختان والوقوف تجاه القبلة ، والاستحمام والاغتسال وحظر الملابس العربية ، وإذا وجدوا رجلا لابسا للزينة يوم العيد عرفوا أنه مسلم فيصدر في حقه الإعدام ، وكذلك لو وجدوا في بيته مصحفا للقرآن الكريم ، أو امتنع عن الطعام في رمضان ..وكانوا يكشفون عورة من يشكون أنه مسلم ، فإذا وجدوه مختونا يعاقب عقابا شديدا ، وفي أغلب الأحيان يعدم . حتى تناول "الكسكس" المغربي واستخدام الحناء تعتبر جريمة من الجرائم وصاحبها يعاقب..!!. ولما شعر الإمبراطور"شارل الخامس" بميل الموريسكيين إلى الهجرة أصدر قرارا في سنة 1514م يحرم عليهم تغيير مساكنهم ونزوحهم إلى مدينة "بلنسية" التي كانت دائما طريقهم المفضل إلى الهجرة ، تابعه بمرسوم آخر، أن كل شخص يطمح لشغل وظيفة في إسبانيا، عليه إثبات عدم وجود أي عضو يهودي أومسلم في عائلته منذ أربعة أجيال على الأقل..؟؟!!. فمابين عامي (1609-1614) تم طرد مالايقل عن 500 ألف شخص إلى البلدان الإسلامية المجاورة كالمغرب وتونس ودول امريكا اللاتينية..بعد نهب ومصادرة أملاكهم ، وقد تمت إبادة كثيرة منهم أثناء هذا الترحيل ؛ حيث كان القراصنة يلقوهم في البحر ليموتوا غرقا ، وخاصة لمن كان يريد الهروب أوالمقاومة..!! ومن وصل سالما إلى سواحل البرازيل والشيلي وسورينام.. وجد هناك محاكم التفتيش البرتغالية التي كانت تمنع هجرة الأندلسيين المسلمين إلى البرازيل عندما احتلوها في القرن السادس عشر؛ ففي سنة 1594م تم إصدار قانون من محكمة التفتيش بولاية "بهية" البرازيلية توضح من خلاله علامات المخفي للإسلام ، ومما جاء في بعض بنوده: "الغسل والنظافة خاصة أيام الجمعة ، والقيام الباكر، والصيام ونظافة الملابس ، ولبس الخاتم الفضي..!!" الأمر الذي دفع بالكثير منهم الهروب إلى دول الجوار؛ كالأرجنتين والشيلي وفنزويلا وسورينام..وماتزال إلى اليوم عائلات في البرازيل يعتز أفرادها بأصولهم الموريسكية ، ويحتفظون في بيوتهم بمصاحف قرآنية توارثوها عن أجدادهم جيلا بعد جيل ، وبعضها خطط بأيديهم وعلى الطريقة المغربية ، وأنا شخصيا نحتفظ بصورة فوتوغرافية لإمرأة موريسكية -عبرة للتاريخ وحجة للمؤرخ - وهي مازالت على قيد الحياة ، وقد بلغت من الكبر عتيا ، تقطن في ولاية بهية بالبرازيل . وبعد أن قضت محاكم التفتيش مايزيد على 329 سنة من القتل والحرق، والشنق وتمزيق الأرجل، وفسخ الفك وقطع الألسن، والموت غرقا..!! صدر قرار إلغائها رسميا في15حزيران 1834م. وللإشارة فإن البابا "يوحنا بولس الثاني" عند زيارته للبرازيل عام 1992م طلب العفو والسماح من شعوب أمريكا اللاتينية عن مختلف وسائل العنف التي اقترفتها الكنيسة الكاثوليكية عند غزوها لقارة أمريكا. كيف وصل لإسلام إلى جمهورية سورينام للإسلام جذور تاريخية ممتدة في قارة أمريكا اللاتينية التي عرفت تواجدا إسلاميا مهما عبر ثلاث محطات تاريخية ، الأولى تعود إلى نهاية القرن 15 مع وصول أعداد من المسلمين ضمن أوائل المكتشفين للقارة قادمين من إسبانيا والبرتغال والمغرب وإفريقيا.. ، وتؤكد بعض الدراسات التاريخية والإثنوغرافية الحديثة أن التاريخ الرسمي لم يتحدث عن ذلك ؛ لأن الأمر كان يتعلق بمسلمين سريين مارسوا عقيدتهم في الخفاء خوفا من محاكم التفتيش الإسبانية في غرناطة ، ثم في العالم الجديد ..والتاريخ كما يقول الأمريكان هو قصة المنتصرين ، تقول الباحثة الإسبانية المعروفة "إيزابيل أل فيريس دوتوليدو" في كتابها المطبوع سنة 2000 بعنوان "من إفريقيا إلى أمريكا" تؤكد من خلاله وبالحجج المادية الملموسة والتي تملك في مكتبتها وثائق ومخطوطات نادرة من ضمنها وثائق مسلمي أمريكا الجنوبية سجلتها في كتابها هذا ، ومما جاء فيه " أن ياسين والد عبد الله بن ياسين –مؤسس دولة المرابطين- قطع المحيط الأطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل ، وغينيا ، ونشرفيها الإسلام ، ذهب إلى هناك مع جماعات من أتباعه ، وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية .." مما يعني أن الدولة المرابطية لم تكن في شمال إفريقيا والأندلس والبرتغال فحسب ، وإنما كانت في شمال البرازيل وغينيا ، وهذا موثق في كتاب السيدة الإسبانية المذكورة..وما نريد قوله أن وجود الإسلام في القارة الأمريكية، قد سبق كولومبس ، الذي يعترف هوشخصيا في مذكراته ؛ بأنه وجد أناس يتكلمون العربية ويصلون في اتجاه القبلة. وعندما استعمرت هولاندا جمهورية سورينام جلبت الكثير من الأفارقة "العبيد"لاستخدامهم للعمل في مزارع قصب السكروالبن والشاي ، مع حفرالآبار وشق الأنهار وتعبيد الطرقات..!! كانوا في الحقيقة الخلايا الأساسية لوجود الإسلام ، والبذور الطيبة التي أنبتت أنوار القرآن في جمهورية سورينام ؛ لأن أغلب هؤلاء الرجال الأحرار كانوا من المسلمين الحفاظ للقرآن الكريم ، ولقد مارست عليهم هولاندا سياسة الاستعباد والظلم والقهر والإرهاب والتعذيب النفسي والجسدي ، فتمردوا وثاروا عليها بقيادة أحد الحفاظ الزنوج ، مشكلين وسط الغابات قرى محصنة ، ظلت في صدام مستمر مع المستعمرمن أجل الحرية والكرامة حتى نالوها سنة 1863م ، وهم مايعرفون اليوم باسم زنوج الغابات (جيوكا) ومعظم عاداتهم وتقاليدهم في اللباس والأكل والشراب إسلامية ، ومازال الكثير منهم إلى حد الآن لايأكل لحم الخنزير ولايشرب الخمر، ومنهم من عاد إلى الإسلام ، يقول الباحث الدكتور علي الكتاني في كتابه "المسلمون في أوروبا وأمريكا" عن سبب وجود الإسلام بسورينام "عندما جلب الهولنديون العمال من أندونيسيا والهند وجنوب شرق آسيا ، وبدأت هذه الهجرات العمالية تصل إلى سورينام في القرن التاسع عشر، وكان معظم العمال الأندونيسيين من المسلمين.." كما وصلت سورينام مجموعة من السوريين واللبنانيين.. بحثا عن فرص جديدة لتحقيق حياة أفضل ، بسبب ظروف غير ملائمة من ناحية المعيشة والعمل ، وكان معظمهم لم يندرجوا في سلك التعليم ، وقد ظل عددهم يزداد يوما بعد يوم ، وانضاف إليهم في السنوات الأخيرة عدد لابأس به من أبناء بعض دول إفريقيا وخصوصا نيجريا، وبلاد إسلامية وعربية أخرى ، وتقدر نسبة المسلمين من إجمالي السكان ب 35% ، وبذلك تكون جمهورية سورينام أعلى البلدان في أمريكا اللاتينية نسبة من المسلمين ؛ لكن للأسف الشديد غثاء كغثاء السيل متخاذلين متقاتلين فيما بينهم كل طائفة تدعي بأنها هي التي تمثل الإسلام الصحيح ، وما سواها هو الضلال المبين..!! فهناك جمعيات إسلامية هندية ، وجمعيات باكستانية ، وجمعيات عربية ، وجمعيات إفريقية ، وجمعيات سورينامية ..كل جمعية تحاول المحافظة على عاداتها وتقاليدها ولغتها ، بالإضافة إلى ارتباطها العضوي بوطنها الأصلي ، وهذا ينعكس سلبا في كثير من الجوانب وأهمها التعليم الإسلامي الموحد ؛ فتجد الجالية الهندية المسلمة تتكلم اغلبها بالأردية ، كما تجد الكثير من المسلمين يتكلمون لغة "تاكي تاكي" وهي خليط من اللغة الهولندية والإسبانية والإنجليزية ، أما الأندونيسيون فيتكلمون عادة اللغة الملاوية ، ولولا مشكل اللغة والاختلافات المذهبية الضيقة الطاغية على الساحة الدعوية في جمهورية سورينام ،لأصبح الإسلام دين الأغلبية في هذا البلد؛ لهذا تجد لكل طائفة مساجدها ومدارسها تعلم فيها أبناءها الدين الإسلامي حسب مذهبهم ولغتهم..!!، ورغم كثرة المصليات والمساجد والتي تصل إلى مايزيد عن 150 مسجدا ؛ لكن لاتلعب دورها الحقيقي والتاريخي في جمع كلمة المسلمين ونشر رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، فبنظرة طوبوغرافية بسيطة في وضع الجالية المسلمة تكتشف بأن وضعها ليس على مايرام، مقارنة بالأقليات الأخرى، وبالمثال يتضح المقال ؛ فقد أسس المسلمون الهنود جمعية لهم سموها "جمعية المسلمين السورينامية " على المذهب الحنفي ، وبنوا عدة مساجد ومدارس ابتدائية وثانوية ، ولهم جمعية العلماء والتي تضم أئمة المساجد والدعاة ، والهنود في الحقيقة هم أكثر المسلمين نشاطا في مجال الدعوة والعمل الإسلامي والخيري ، وفي المقابل أسس أهل جاوة الأندونيسيون الاتحاد الإسلامي السورينامي على المذهب الشافعي ، فإنشاء تلك الجمعيات على أساس مذهبي يولد الفرقة والعصبية والتشتت ، وفي اغلب الأحيان ينشب التقاتل جسديا لافكريا بين الإخوة الأشقاء..كما يعطي الصورة للآخر عن الإسلام والمسلمين مشوهة، تلفها الضبابية وعدم الوضوح في المعتقد والمنهج ؟ ومما يزيد في الصورة قتامة كما يقول الداعية "أحمد مصلح ماردي" و"محمد علي أحمد"هي وجود مجموعة كبيرة من المسلمين في سورينام انضموا تحت جمعية تسمى (المغربين) يصلون إلى اتجاه الغرب ، باعتبارهم لما كانوا في أندونيسيا كانوا يصلون إلى اتجاه الغرب ! ولهم مساجد كثيرة بنيت على هذا الأساس ، فهذه التناقضات الموجودة في واقع الأقلية المسلمة ، تبرز خطورة المنظمات الأحمدية والبهائية والتي تنتشر في سورينام ودول أمريكا اللاتينية كالنار في الهشيم؛ لمالهم من أدوات مادية ومعنوية تتجلى في قنواتهم الفضائية المثيرة ومساجدهم ومعابدهم الفارهة المتقنة ، ومدارسهم المنتشرة، كلها في خدمة أفكارهم الفاسدة البعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام وهديه صلى الله عليه وسلم ، لكن الحكومة السورينامية لاتستطيع أن تميز بين المسلمين والبهائيين والأحمديين ؛ بل هي تعتبر الجميع من فصيل الإسلام الواحد ، ولهم قوة اقتصادية كبيرة، ولوبي سياسي خطير، من خلاله حصلوا على عدة مناصب في الحكومة ، منها منصب وزير الدفاع ، ووزير الصحة..!!. يقول الداعية " أحمد مصلح ماردي" لقد قدم داعية أحمدي من أندونيسيا سنة 1988 إلى سورينام وقام بمحاضرات ودروس داخل مساجد المسلمين اقتنع به الكثير؛ لما له من قدرة فائقة على إقناع الآخر..! ؛ بحيث خلق ضجة كبيرة بين المسلمين خلال زيارته ، لكننا نحن لانستطيع أن نعمل أي شئ تجاه هذه الحركة ، لأنها حركة رسمية تعمل من خلال قوانين البلد ومسجلة رسميا في دوائرها .." كما أن البهائية التي كانت إلى وقت قليل ،لاتكاد تبين، أصبحت لها نشاطات قوية على الأراضي السورينامية وأفكارها تنتشر رويدا رويدا، وقبلوها بقبول حسن ؛ بوسائلها الإعلامية القوية ، من راديو، وتلفاز، وقناة فضائية محترفة، يلتقطها جميع الشعب السورينامي من مسلمين وغيرهم ، يبثون من خلالها برامج ثقافية وترفيهية ، وندوات إسلامية علمية ، ناهيك عن برامج حوارية خطيرة مع بعض الوجهاء والعلماء ، وأصحاب الفكر، والرأي والقرار، فهذه الأمور كلها تصب تجاه تشويه دين الإسلام ، الذي أصبح الضحية رقم 1 في عالم التكنولوجية المعاصرة..!!. شموع في ظلام دامس مع كل هذه الأجواء القاتمة هناك بشائر طيبة وشموع في ظلام دامس بوجود مجموعة من الشباب الواعي المتعلم في الجامعات الإسلامية العربية ، ورؤساء جمعيات تحاول جمع شتات المسلمين في وحدة إسلامية شاملة جامعة مانعة ، وعودة الكثيرم ن الأفارقة إلى دين الإسلام ، دين أجدادهم وآبائهم ، كما أن البرلمان السورينامي ربع أعضائه من المسلمين ، بالإضافة إلى هذا والحمد لله ، هناك وزراء من المسلمين في الحكومة لهم دورهم الإيجابي والفعال في تحسين صورة الإسلام بين الشعب السورينامي من بينهم الدكتور"ماوريتس حسن خان"؛ ناهيك عن ظهور عدد لابأس به من المجلات والجرائد الإسلامية في الساحة الصحافية في مقدمتهم "مجلة دار الفلاح الإسلامي السورينامي" وجريدة "إقرأ" التي يديرها السيد "طاوس والي" ومجلة "الإسلام" التي تصدرها جمعية العلماء باللغة الهندية .. فنور الإسلام، ورسالة السلام ستستمر بحول الله تعالى إلى أبد الآبدين ، لأنها محفوظة من الله ، مصداقا لقوله تعالى" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ، ومهما حاول المشعوذون والدجالون أن يطفئوا نورالله ، لن يستطيعوا أبدا ، والله متم نوره ولوكره الكافرون. وجدير بالذكرأن في جمهورية سورينام الكثير من المؤسسات الخيرية الإسلامية المحلية والدولية، تعمل جاهدة في تقديم العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين، ودعم منح التعليم للطلبة والطالبات وابتعاثهم إلى الخارج لإتمام دراستهم ، ومنهم رابطة العالم الإسلامي التي تتكلف بدفع رواتب بعض الدعاة والمدرسين ، كما تقوم الهيئة الخيرة التركية ومن كل سنة بتنفيذ مشروع أضاحي العيد ، يستفيد من خلاله الكثير من الأسر المسلمة المعوزة بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الإسلامية المحلية، وخصوصا مع "المؤسسة الإسلامية السورينامية" والتي يرأسها "صوباري محمد رضوان " ومؤسسة "المؤتمر الإسلامي لسورينام" والذي يرأسه حاليا "محمد رفيق شيراجللي". كما لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية الليبية مجهودات دعوية وخيرية وإنسانية محمودة في سورينام ؛ فهي تتكلف بكثيرمن الدعاة والأئمة ودفع رواتبهم الشهرية ، ومساعدة بعض الفقراء واليتامى من أبناء المسلمين..فجمهورية سورينام بلاد خصبة للدعوة الإسلامية لما لها من تميز ثقافي واجتماعي وديني ، إضافة إلى مساهمة الطبيعة الخلابة في خلق أرضية ملائمة تساعد الفكر الإنساني على الإبداع والتأمل في ملكوت الله ومخلوقاته ، فالحياة هنا شبه بدائية طبيعية في جميع أشكالها وألوانها ، فلا عجب وأنت تتجول في الشوارع ترى القرود تتسلق أمامك على الأشجار بكل حرية وأمان ..!! وتسمع عبر أذنيك مباشرة زغاريد الطيور وهي تتحفك من كل وقت وحين بقطع موسيقية آية في الجمال والذوق الرفيع، خالية من تعقيدات الألحان البشرية المعقدة والمزعجة! كما يمكن أن تشاهد رقصة الخيول "الكيبانغ" التي يشتهربها الجاوا..وفي الأخيرا نتبه من تحركات الثعابين التي تنتقل بين الشوارع يوميا ؛ حيث المنطقة على فوهة غابات الأمزون الشهيرة ، ومع ذلك أقول لكم يا عشاق الطبيعة الخلابة ، زوروا هذه الجمهورية ولاتخافوا ؛ فثعابينها ليست كثعابين أوروبا المتحضرة.. ؟؟!! *رئيس مؤسسة الإمام مالك للأوقاف والشؤون الإسلامية لأمريكا اللاتينية [email protected]