ارتفعت مؤخرا وتيرة استنزاف المجال الغابوي بإقليم الحسيمة، إلى درجة أن المستفيدين من ذلك بدأ عددهم يزداد يوما بعد يوم، حيث الترامي على الملك الغابوي يتم تحت ضغط الحاجة إلى مساحات أرضية لتحصيل بعض الزراعات المعاشية أو التسويقية، التي يدخل في نطاقها زراعة «الكيف»، الذي يشكل العصب الاقتصادي لسكان الجبال في حياتهم، وبسبب سيطرة عصابات معروفة بالاتجار الدولي في المخدرات، علاوة على ارتفاع عدد السكان وقلة الأراضي الصالحة للفلاحة نظرا لطبيعة المنطقة الصعبة تضاريسيا، والممتدة على سلسلة جبال الريف، حيث يعتبر الترامي على الملك الغابوي بالجماعات القروية التابعة لدائرة ترجيست الأكثر خطورة على الغطاء الغابوي، بحكم أنه يأتي سنويا على مساحات هامة، أحصتها الجهات الرسمية في 15% من معدل اجتثات وقطع الغابة بالمغرب. وتشير الإحصائيات الرسمية المنجزة من طرف المصالح المختصة، أن مساحة الملك الغابوي المترامى عليها بقيادة كتامة بلغ 29 ألفا و600 هكتار، موزعة على جماعات إساكن، ومولاي أحمد الشريف، وعبد الغاية السواحل، وتمساوت، وبني بونصار. ولا تشكل العوامل الطبيعية، تهديدا كبيرا للثروة الغابوية لإقليم الحسيمة، ويبقى العامل البشري وتجار المخدرات هما المسؤولان عن تراجع الغطاء الغابوي والوحيش على حد سواء. وتبلغ المساحة الإجمالية المحفظة من الملك الغابوي بالإقليم 145 هكتارا، في حين تصل المساحة التي هي في طور التحفيظ إلى 16 ألفا 760 هكتار، والتي هي في طور التحديد النهائي إلى 19 ألف هكتار، وتساهم زراعة القنب الهندي في تدهور وتراجع الغطاء الغابوي، لما يتطلبه هذا النشاط سنة بعد أخرى من أراضي جديدة غالبا ما تكون على حساب الملك الغابوي. رغم اختلاف التبريرات وتعدد وتنوع الأسباب الكامنة وراء الترامي على الملك الغابوي، منها النمو الديموغرافي المتزايد وانعدام التحفيظ العقاري والتحديد النهائي للغابات وأراضي الدولة، مما يجعلها عرضة للترامي والاستغلال، حيث أصبح الجميع يقر بقرب وقوع كارثة بيئية بسبب الإفراط في استنزاف المجال الغابوي، مما يتطلب الإسراع في تلمس الطرق الكفيلة لحد هذا النزيف، الذي تتعرض له الثروة الغابوية بالحسيمة، حيث يتشبث العديد من السكان بالأراضي التي يتم الترامي عليها، معتبرين إياها مكسبا ينضاف إلى ملكية أراضيهم وبدون أن يتوفر غالبية السكان على وثائق قانونية تثبت تملكهم للأراضي، التي يقومون بالترامي عليها، مما يجعلهم يعرقلون حسب مصدر مطلع كل الحلول المنطقية المقترحة في تنظيم الشأن الغابوي. وتتفادى السلطة دعم مجهودات إدارة المياه والغابات في تطبيق القانون تهربا من المجابهة مع عصابات المخدرات، ونظرا لارتباط مشكل قطع أشجار الغابة بمصادر أرزاق فئة عريضة من الفلاحين. وأكدت مصادر مطلعة للجريدة أن إتلاف غابات الحسيمة له أسباب تعود في مجملها إلى هشاشة البنى الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع معدلات الأمية، خاصة في صفوف النساء، وزراعة الكيف، وغياب أي وحدة إنتاجية بمنطقة الريف باستثناء قطاع الصيد البحري، وهي نفس الملاحظات التي تسجلها الجهات الرسمية. ويؤكد العديد من المتتبعين والمهتمين بالمجال الغابوي على ضرورة الاهتمام بالآثار الجانبية التي تحدث عن الاستغلال المفرط للغابات، وتنظيم السكان في تعاونيات وإيجاد حل لمشكل حطب التدفئة والتوقف عن المزيد من قطع الأشجار، وتشجيع الفلاحين على القيام بالأنشطة المدرة للدخل. ويلتمس العديد من المناضلين البيئيين، من الجهات المعنية تشديد المخالفات السابقة المسجلة ضد عصابات المخدرات في قضايا ترتبط بتخريب المجال الغابوي، وإصدار غرامات شديدة على مخربي الغابة. والإشارة إلى زراعة القنب الهندي في محاضر مخالفات الفلاحين، وعدم بيع حطب التدفئة في السمسرات، وجعله رهن إشارة السكان ليستفيدوا منه مباشرة. كما يطالب ممثلو الجماعات الجبلية من إدارة المياه والغابات التخلي عن سياسة التشجير المتبعة حاليا، التي تعتمد التشجير بالأكليبتوس، والصنوبر الحلبي، الذي يمتص الخزانات المائية الجوفية، ويفقر التربة. ويقترح السكان بالمقابل فتح وصيانة المسالك القروية والغابوية لفك العزلة عن السكان، وربطهم بالمراكز الحضرية. الأحداث المغربية/ خالد الزيتوني