شهدت امستردام أمس الثلاثاء صراعا محموما بين مرشحين مغربيين لزعامة حزب العمل في بلدية سلوترفارت غربي المدينة، انتهى بانتصار أحمد بعدود، الوجه الجديد في الساسة المحلية في امستردام، على السياسي المرموق وذي الشهرة الأكبر أحمد مركوش الذي ترأس بلدية سلوترفارت لسنوات. بدأ الساسة الهولنديون ذوي الأصول المغربية في البروز على المسرح السياسي الهولندي الوطني والإقليمي منذ أن تسلم أحمد أبوطالب عمدة مدينة روتردام حاليا منصب وزير الدولة (كاتب الدولة) في وزارة الشئون الاجتماعية قبل سنتين. ومع تعاظم الدور السياسي والاجتماعي للساسة المغاربة الهولنديين، أصبح عليهم أن يفكروا في أنفسهم ويقيموا دورهم، ليس فقط على أساس أنهم يمثلون ذوي الأصول الأجنبية مثلما كان يحدث في السابق، بل على أساس أدائهم السياسي ألاحترافي. يلعب الساسة المغاربة الهولنديين دورا مهما في السياسة المحلية في ضاحيتي سلوترفارت اودسدورب غربي أمستردام (نيو – ويست). وهما ضاحيتين فقيرتين نسبيا ومعظم مساكنها بنيت قبل الحرب العالمية الثانية وتفتقر للتجديد والصيانة. وتتميز سلوتر فارت واسدورب بارتفاع نسبة البطالة بين سكانها الذين ينحدر معظمهم من أصول أجنبية. يدين سكان الحيين بالولاء تقليديا لحزب العمل الاشتراكي الديموقراطي، ويضمن من يتزعم القائمة الانتخابية لحزب العمل، رئاسة المجلس المحلي للبلدية ويصبح بالتالي سياسيا معروفا على النطاق الوطني في هولندا. مشكلة الشباب بالإضافة إلى المشاكل اليومية التي تعاني منها هذه الأحياء القديمة، والتي ستجمع قريبا في ضاحية كبرى، تعاني هذه المنطقة أكثر من غيرها من ضواحي أمستردام من مشاكل كبرى يسببها الشباب من أصول مغربية. ويُتهم هؤلاء بقيامهم بأعمال إجرامية وترهيب الناس في الشوارع. ولذلك يحتاجون إلى اهتمام أكثر من قبل السياسيين المحليين المنشغلين بالبحث عن حلول لهذه المشاكل ربما يكون أحمد مركوش المعروف بأسلوبه المتشدد أفضل من ينفذها. تحذير مسببي الشغب مرتين وبعدها العقاب، هي سياسة أحمد مركوش الذي يعد في الأوساط المغربية المحافظة شخصية مثيرة للجدل. ويُتهم بكونه لا يهتم إلا بالمشاكل التي يسببها الأجانب. يترك أحمد مركوش مكانه مضطرا لغريمه أحمد بعدود الذي ينظر إليه كشخصية أقل صرامة، يعتمد على الحوار كسبيل لإيجاد الحلول. وهي سياسة غير مرغوبة وطنيا، لاسيما بعد مجيء سياسيين مناهضين لسياسة الاندماج القائمة، مثل بيم فورتاون وخيرت فيلدرز. ''غض الطرف‘ لم تعد سياسة مقبولة لدى قطاع عريض من الهولنديين الذين ملوا سلوك الشباب المعيب. تقدمي على المقاس أحمد مركوش كان أول مسؤول على مستوى أمستردام لم يتردد في تحميل الآباء المغاربة مسؤولية تربية أبنائهم. فالآباء المغاربة لم يكونوا متعودين على تدخل أي شخص غريب في كيفية تربية أولادهم. وفي الوقت نفسه كان يسعى إلى إقناع الآباء بأهمية التعليم والالتزام بالنظام وتحمل المسؤولية. خرق أحمد مركوش كرئيس لمقاطعة، الكثير من القوانين غير المكتوبة. فمحاولاته طرح قضية المثلية الجنسية موضوعا للنقاش، جلبت عليه النقمة حتى من زميلين له في حزب العمل من السياسيين المغاربة. مثير للجدل إلا أن أحمد مركوش دخل في صراع حتى مع غير المسلمين. وهكذا رفض التنديد بالمسلمين الذين يرفضون مد اليد للسلام على النساء. كما اعرب عن استغرابه من رفض النساء المحجبات للعمل في سلك الشرطة؛ الأمر الذي أثار التساؤلات لدى الكثيرين. سياسة القبضة المتشددة لأحمد مركوش أتت أكلها. فقد انخفض معدل الجريمة والإزعاج الذي يسببه الشباب. لكنه خسر النزال، ويرجع الأمر بالدرجة الأساس إلى العناق المميت الذي أحاطه به السياسيون من حزبه على المستوى الوطني. يحبذ حزب العمل وضع الأشخاص ''الصارمين‘ مثل مركوش في دفة الميزان في صراعه ضد فيلدرز. ويظهر أن الناخبين في سلوتفارت لم ينظروا بعين الرضا للتدخل الفوقي من طرف حزب العمل، فاختاروا عقب ثلاث جولات، التصويت لصالح الخصم المحلي.