طالما أن الممارسة الديمقراطية لم تكرس بعد كممارسة وسلوك اعتيادي في حياتنا العامة يؤسس ويكرس التربية الديمقراطية والتشبع بمبادئها إطارا مرجعيا نحتكم إليه في تدبير خلافاتنا وانتخاب أجهزتنا ، فإن كلامي ووجهة نظري هاته، باتت من باب تحصيل الحاصل، والذي لن يروق للكثير، ولا سيما مجلسنا البلدي الموقر، ومع ذلك لن أتقيد برضى أو عدم رضى أية جهة مهما كبر وعظم شأنها، ليس من باب التحدي واستعراض العظلات، بل من باب الدفاع عن القيم الديمقراطية مقاصدها النبيلة. إن المتتبع والمهتم بالشأن النقابي على المستوى المحلي، لا بد وأن يقر خلال الآونة الأخيرة بوجود حركية/ ديناميكية أخذت شكل استقطاب وتجاذبات مست صفوف العمال وموظفي بلدية إمزورن ومنتسبي إطارنا النقابي، هذه الحركية والديناميكية التي افتقدناها منذ مدة في مشهدنا النقابي، مقابل شيوع الجمود وغياب الإبداع والقوة الإقتراحية. كان بإلإمكان اعتبارها نقطة تحول إيجابي في مسار الفعل النضالي والحركة النقابية لو كانت وليدة إفراز موضوعي ناتج عن تراكمات نظرية وعملية حاصلة لذات الفعل والفاعل النقابي، بيد أنه واستقراءا لهذا المخاض يتضح أن مرد هذه الحركية في جزء أساسي منها يعود إلى تدخل أطراف يفترض فيها الحياد ، في محاولة منها التأثير على خيارات الشغيلة ، وتوجهاتها وقناعاتها. وسعيا منها لتقويض أسس بناء أي إطار تنظيمي يجسد طموحات وتطلعاتها. وعلى ضوء تقديرات المجلس البلدي وملامسته طابع الجدية والمسؤولية في المكتب النقابي الجديد ، وخشيته من تبلور إطار قد تنسج وإياه علاقة شراكة قلقة بتعبير ملطف، بادر المجلس البلدي إلى اعتماد سياسة الهجوم كوسيلة للدفاع، ويتجلى ذلك من خلال استعمال الشطط في سلطته التقديرية في تعاطيه مع الهيئة النقابية المحلية المنتخبة شرعيا، سيما في ما يتصل بمنح التسهيلات واحترام حرية العمل النقابي، وكذا السماح باستعمال القاعة على غرار ما كان يحصل مع الإطارات الأخرى، علاوة على مساءلة المضربين واستفسارهم عن ذلك،الشيء الذي شكل إحدى تجليات هذا التدخل ، وعنوان عريض يناقض شعار التغيير الديمقراطي الذي رفعته الأغلبية المشكلة لمكتب المجلس إبان انتخابه ، هذا السلوك شكل انعطافا تراجعيا تراجيديا في علاقة المجلس البلدي بالإطارات المدنية وخصوصا النقابية منها، وانقلابا جذريا على منظومة القيم والمفاهيم الحقوقية التي طالما تغنى بها المجلس في اكثر من مناسبة ومكان. إن المجلس البلدي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة حساباته وتقييمه حتى لا يسهم في إعادة إرهاصات مرحلة متجاوزة وأصبحت من الماضي إن كان فعلا يؤمن بالديمقراطية فعلا وممارسة.