بالرغم من كونها تشكل حدثاً سنوياً يقترن في ذاكرة الكثيرين بحركية إقتصادية وإجتماعية وثقافية غير عادية، لا تزال الإحتفالات برأس السنة الميلادية تقسم الشارع المغربي بين معارضين لها من منظور الشرع و الدين، فيما يعتقد البعض الآخر أنها ليست مناسبة للإحتفال بقدر ما هي فرصة لجرد حصيلة سنة من الأحداث المتعاقبة، وإرتباطها بالتدبير السنوي للمقاولات والمؤسسات، فبتضارب الآراء حول الإحتفال برأس السنة الميلادية بعيداً عن الحقيقة الدينية، فهي حقيقة مغلفة بثوب تجاري تربطها بممارسات معينة، جعلت بعض مزارعي العنب الإسبان يستحدثون هذا التقليد، سنة 1895م، قصد تصريف فائض المحصول و رغبة في الحصول على المزيد من الزبائن ... فإن طرفاً يعتبرها فسحة فنية و ثقافية مجردة من أي تبعية فكرية، بل تتجاوزها إلى حدود التأشير الرسمي على لحظة قص حيز عابر من العمر وإستقبال عام جديد بطموح و أهداف أو أحلام جديدة. عبر العالم، تضفي الفتيات الروسيات على الإحتفالات لمحة من المرح و التسلية، حيث يقمن بممارسة لعبة شعبية في ليلة رأس السنة، تتمثل في جلوس مجموعة من الفتيات غير المتزوجات، أمام كل واحدة منهن كومة قمح، فيما يوضع ديك في مقابلهن متخذًا موقعًا محايدًا، فمن يذهب الديك إلى قمحها أولاً ستتزوج قبل رفيقاتها، و على عكس المعتاد تحتفل الأسر التشيلية بالعام الجديد عن طريق القيام بزيارات عائلة جماعية إلى المتوفين من أقربائهم في قبورهم، فتفتح السلطات أبواب المقابر بحلول الحادية عشر من مساء ليلة رأس السنة، كما يرحب بالزوار عن طريق الموسيقى الكلاسيكية الخافتة والإضاءة الهادئة، ويعد هذا التقليد وسيلة لجمع شمل جميع أفراد الأسرة حتى من توفى منهم، وإستقبال العام الجديد في رباط أسري متين، فهم يعتقدون أن المتوفين ينظرون إليهم أثناء زيارتهم، و من التقاليد المنتشرة في الإحتفال برأس السنة عبر عوالم كثيرة، أن يقوم الشخص بكتابة الأشياء السيئة التي حدثت له خلال العام الماضي في ورقة ومن تم تمزيقها أو حرقها، لكن ما يُحرق في الإكوادور هي الفزاعات عند إنتصاف الليل، حيث يتم ملؤها بأوراق الصحف القديمة وقطع الخشب، فهم يعتقدون أن ذلك التقليد يمحو أثر كل الأشياء السيئة التي وقعت خلال السنة الماضية، وأيضًا فإن الفزاعة تخيف سوء الحظ من أن يأتي إليهم، فتمتلئ السنة الجديدة بالحظ والسعادة. هذا عام آخر، يحين مجيئه وسط إستعدادات الفنادق ودور الضيافة، بإستعداد أمني محكم، بضيوف يقصدون الوطن من كل حدب و صوب، بطموح يعلو الناس كباراً و صغارا، بواقع إجتماعي وسياسي خاص و بحركة غير إعتيادية تدب في كل مكان، أمور تجعل من المغرب بإعتباره حلقة أساسية ضمن هذا العالم الواسع، و بالرغم من إختلاف خلفيات التخليد وأوجه الإحتفال، وحدة كونية تندمج في إستقبال سنة جديدة، بإنتظارات كبيرة تكاد لا تتباين عن مثيلاتها في أرجاء المعمورة لدى ساكنتها، فالخلفيات تتلاشى وتاريخ التقويم يندمل وتقاليد الإحتفال تتعدد من مكان لآخر، فلا يسعنا إلا إستحضارها كمرحلة كرونولوجية صرفة نقول فيها : عام قد حل من جديد.. فكل عام وأنتم بخير.