مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السنة الأمازيغية 2962 بعض المظاهر والتجليات
نشر في هسبريس يوم 14 - 01 - 2012

تعددت تجليات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، بوصفه حدثا اجتماعيا، يحمل دلالات رمزية وتاريخية على مستويات عديدة، منها ما هو ثقافي، وفني، ومنها ماهو أنتروبولوجي.
غير أن ما يميز السنة الأمازيغية هو تلك العادات والتقاليد التي تختلف من منطقة إلى أخرى، الشيء الذي يُكتسبها أبعادا رمزية يعبر عنها المجتمع بممارسة طقوس احتفاليته ترسخت جذورها في الثقافة الأمازيغية التي تعد ثروة وطنية .
ونظرا للأهمية التي أصبح يحظى بها هذا الاحتفال والذي صار تقليدا سنويا لدى المناطق القروية والحضرية على السواء، حيث أصبح يتخذ أبعادا جديدة بتبنيه من طرف الجمعيات المدنية والجماعات الحضرية والقروية والمؤسسات، فقد تحول إلى مطلب معلن من مطالب الفاعلين الأمازيغيين، لكي يتم ترسيمه كيوم عطلة وعيد وطني كما هو الشأن بالنسبة لرأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. لما يحمله من دلالات رمزية ثقافية وحضارية وتاريخية.
ويتمثل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في إعداد الوجبات التقليدية وإقامة الطقوس الاحتفالية وفق عادات وتقاليد ورثها الخلف عن السلف وتتنوع بتنوع المناطق المغربية إلا أن القاسم المشترك هو غلبة الطابع الجماعي للاحتفال، بحيث تشكل مناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة فرصة يجتمع فيها أفراد الأسر لمد جسور التواصل وصلة الرحم.
ويحتفل برأس السنة الأمازيغية الجديدة، الذي يصادف ليلة 13 يناير من السنة الميلادية في كل دول شمال افريقيا، وتعرف بئناير YENNAYER ، وهي كلمة مركبة من YEN أي واحد و AYER وهو الشهر: أي الشهر الأول في السنة• كما يطلق عليه أيضا ID N USGGAS أي ليلة رأس السنة، أو "تابورت أوسقاس" باب السنة، وهو اليوم الذي يفصل بين فترتين .
ومن خصائص ليلة رأس السنة الأمازيغية، أنها توافق أطول ليلة في السنة وبعدها يبدأ الشروع في امتداد طول النُّهارِ وقِصَرِ اللَّيْلِ على موعد أن تكون مناسبة ل " لْعْنْصْرَا " زمن انقلاب الشمس الصيفي، ويتزامن "يناير" من الناحية الفصلية مع تعاقب الفصول، وكذا مختلف أطوار حياة النباتات، التي عادة ما تحدد أوقات القيام بعملية الزراعة والحرث، وبالنسبة للتوقيت فإن " إِضْ نُ ؤسكَاس أمَايْنًو"، يوافق منتصف ما يسمى في " التقويم الفلاحي الأمازيغي" ب " ليالي تيخاتارين " أي الليالي كبيرة" والتي تبدأ يوم 25 دجنبر الميلادي من كل سنة وتدوم 40 يوما.
ويحتفل بالنَّايْرْ الذي يرمز إلى الخصوبة والازدهار، بإقامة طقوس خاصة تباشرها القبائل الأمازيغية، حيث يتم في هذه المناسبة، نحر ديك على عتبة المنزل، وذلك لإبعاد سوء الطالع، وللتفاؤل بالخير، ووفرة المحاصيل• ويعتقد في بعض المناطق، أن من يحتفل بالنَّايْرْ، سيبعد عن نفسه عين السوء، وعواقب الزمن. كما يعد يناير مناسبة للقيام بطقوس محلية عديدة، تختلف باختلاف المناطق•
ويشير الأستاذ محمد حمام، في مقال تحت عنوان "السنة الأمازيغية بالمغرب: معطيات تاريخية"، في (دورية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية العدد 2 ص 21) الى أن " ••• السنة الأمازيغية تبدأ يوم 13 يناير من كل سنة• وفي ليلة ذلك اليوم، يتم الاحتفال بحلول السنة الجديدة وفق طقوس معينة، تختلف شيئا ما من منطقة إلى أخرى• وتلك الليلة تسمى إض - ؤسْكَاسْ أو إضْ - نُو - سْكَاسْ، في بعض المناطق، ويطلق عليها في مناطق أخرى إضْ - نْ - حكوزة (آيت سغروشن، إزيان، اشقيرْنْ)، وبيانو (آيت وراين) وكما يدل عليها اسمها إض - سكاس، أي ليلة السنة، فإنها تعني في آن واحد ليلة نهاية السنة المنصرمة وبداية السنة الجديدة، وللتعبير عن فرحتهم بهذه المناسبة، يقوم الناس باعداد وجبات أكل خاصة، تتفاوت مكوناتها من منطقة إلى أخرى•
مميزات السنة الأمازيغية
بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، فاتح يناير يبدأ النشاط الفلاحي، وتكون عادة تلك الفترة المتمثلة في الاعتدال الربيعي والانقلاب الشتائي خلال السنة• وفي نفس الصدد أشار الأستاذ محمد حمام الى أن"••• ما نعرفه عن السنة الفلاحية عن طريق الرواية الشفوية فهي تتكون من 365 يوما مقسمة الى أربعة فصول هي: تكرسْتْ (الشتاء)، وتلدرار أو تَرْدَرارْ لدى أهل دادس وإيمغران وآيت بُووُولي في الاطلس الكبير، وتَفْسوُتْ أو تِيفْسَا في مناطق أخرى من الأطلس المتوسط وشمالي مدينة فاس (فصل الربيع)، وانْبْدُو (فصل الصيف) وتَمَنْزْوِيتْ لدى آيت بووولي (فصل الخريف)• وتمَنْزويت مشتقة من جذر فعل إِنْزْيْ الذي معناه وَصَل باكرا، وبتعبير آخر، فهذا الفصل هو فصل الحرث المبكر، وبعض الزراعات السريعة، والملاحظ أن مدة هذه الفصول تتفاوت شيئا ما حسب المناطق، ففصل الحرارة يبدأ مبكرا.
كما تتكون السنة الأمازيغية الفلاحية حسب الأستاذ محمد حمام من اثني عشر شهرا هي : الأخرى مقسمة إلى إثني عشر شهرا هي: يناير، وفبراير، ومارس، وأبريل، ومايو، ويونيو، ويوليوز، وغشت، وشتنبر، وأكتوبر، ونونبر، ودجنبر، وبفعل انتشار الإسلام في المغرب تمت أسلمة أسماء بعض الشهور الأمازيغية وخصوصا منها الشهور التي لها طابع ديني كشهور رمضان، وعاشوراء والمولد النبوي. وهكذا تداخلت السنة الفلاحية الأمازيغية مع السنة الهجرية، وفيما يلي قائمة هذه الشهور بالأمازيغية حسب نفس الدراسة (21) :
1 / رَمْضَانْ = رمضان
2 / وِينْ العيدْ = شوال
3 / وِينْ كَرْ لَعْيَادْ= ذو القعدة
4/ وِينْ تَفَسْكَا = ذو الحجة
5 / تَاعَشُورْتْ = محرم
6/ وِينْ المُولُودْ= صفر
7 / إِيكْنْ إِزْوَارْنْ = ربيع الأول
8/ وِسِّينْ إيكْنْيُونْ = ربيع الثاني
9/ أَطْفَاس أَمْزْوَارُ= جمادى الأولى
10/ أَطْفَاس إِكْرانْ = جمادى الثانية
11/ وِينْ إِكْرَّامْنْ ( أو أكَرَّامْ) = رجب
12 / تَلْتْيُورْتْ = شعبان .
بعض مظاهر الاحتفال بالسنة الأمازيغية في مناطق عديدة من المغرب
رغم اختلاف طرق الاحتفال بهذه المناسبة في مناطق عديدة، إلا أن العائلات تشترك في اجتماع أفرادها حول مائدة عشاء يناير، الذي يبقى مناسبة تتوارثها الأجيال.
واحتفال المغاربة بالسنة الفلاحية، تعبير عن تشبثهم بالأرض، وخيراتها، ويتجلى ذلك في الطقوس المرتبطة بالاحتفال، حيث يتم بالمناسبة إعداد العديد من المأكولات، والوجبات التقليدية المتعارف عليها، والتي تختلف باختلاف المناطق وبأنواع المحصولات المنتجة بها من حبوب وخضر وغيرها، ويتم اعداد"إِمْنْسِي" أي العشاء احتفاءً بالسنة الأمازيغية، كما أن الطعام الذي يقدم، يجب أن يشكل رمزا، لغنى وخصوبة ووفرة المحصول.
ومن مظاهر الطقوس بهذه المناسبة لدى قبائل أيت مزال: يتكون الطبق الذي تعده النساء، خصيصا بهذه المناسبة "رأس السنة الأمازيغية" من العصيدة ( تاكَلا) وقبل تناوله يوضع في القدر، فِلْسْ ونَوَى تمر وجزء من قشرة شجرة أركَان ( إركَ - ن – وركَان)، لاعتقادهم أن من وجد في لقمته أثناء الأكل – ذلك الفلس فإن مآله الغنى. أما من كان في حظه أن يجد فيها النوى فإنه ستكون له ماشية كثيرة، في حين من وجد فيها ذلك الجزء من قشرة أركَان فإن مصيره الفقر. وفي أعالي سوس تسمى هذه الأكلة بركوكس.
وفي طقوس الاستعداد التي تباشرها القبائل الأطلسية، لاستقبال هذا اليوم الجديد "إِخْفْ نُ ؤسْكَاسْ" اجتماع نسوة العائلات، وقيامهن بتهيئ الكسكس بطريقة تقليدية يسمى "طْعَام نُ فُوسْ"، وتتكون عناصره من دقيق القمح أو الشعير والماء والملح، ويتم اعداده من جميع أنواع الحبوب المعروفة في المنطقة، تيمنا بسنة فلاحية جيدة• وتتكون وسائل الإعداد من الغربال و"أكَرا" أي الكسكاس المصنوع من الطين و"اسمسل" وإناء معدني يسمى بالامازيغية لدى قبائل الاطلس "أيت يحيى" "تاسيلت نْ سبْعْمعَاد"•
كما أن هذه المناسبة تعد فرصة لإقامة عشاء "إِمْنْسِي" خاص، ويتمثل في طبق الكسكس، ويحتوي على سبعة أنواع من الخضر، اضافة الى ثمرة واحدة، ويكون سعيد الطالع "أنبارش" من وجد نوى الثمرة أثناء تناول العشاء، ومن العادات الأطلسية كذلك، أن الفتيات تتبادل المتمنيات بمناسبة السنة الجديدة: كأن يجدن في الحياة الكثير من الأشياء المفضلة، ولو بشكل بسيط، والتي يمكن أن تضفي على حياتهن الكثير من البهجة والحبور•
ومن العادات التي تباشر بهذه المناسبة في بعض مناطق سوس، إعداد عصيدة يناير (تكَلا ن يناير): وهي عبارة عن احتفال برأس السنة بواسطة وجبة عصيدة، تتعشى بها كل أسرة ليلة فاتح يناير، وتكون العصيدة محشوة بحبات أركَان (أقاين)، أو عجمات التمر (أغرمي)، ويتفاءل الآكل بمصادفته هذه الحبات، ويستقرئ حظه من خلال عددها•
وتعد النساء وجبة من الكسكس بسبع خضر والبسيس وأُورْكِيمَنْ، وهوعبارة عن خليط من القطاني وبركوكس وهو عبارة عن طحين، يخلط ويفتل بالماء، ويمزج بعد ذلك بزيت أركَان والعسل وأملو وغيرها.
وتعتبر "تاكْلاَّ"العصيدة، الأكلة المميزة وذات الرمزية العميقة في الثقافة الأمازيغية، والتي يتم إعدادها بمناسبة رأس السنة الأمازيغية منذ القدم، هذه الأكلة التي تبرز مدى تشبت إنسان تامزغا بالأرض، وجرت العادة منذ القديم، أن تناول هذه الوجبة في هذه المناسبة يكون مصحوبا بطقوس ثقافية، من أهمها أنه يتم إختيار رجل أو إمرأة السنة، صاحب الحظ السعيد، والذي يجد أثناء الأكل "أغورمي " وهو بدرة ثمر يتم إخفاؤها في الطبق المعد.
وبخصوص منطقة الريف، وبحسب الباحثة (علاش صباح)، فإن طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة تختلف من قبيلة لأخرى ، فقي قبيلة آيت ورياغل، وتمسمان، وآيت ولشك وآيت توزين وإقرعيين وآيت سعيد.....فإن عادات الاحتفال تكاد تكون متشابهة ، إذ يتم توفير بعض الفواكه الجافة، وإعداد وجبات من الحبوب والقطاني، مثل ثِيغْوَاوِينْ ⵜⵉⵖⵡⴰⵡⵉⵏ أوثِيمُويَازْ. ⵜⵉⵎⵓⵢⴰⵣ يتم إعدادها بتحميص القمح أو الشعير، كما يتم إعداد وجبة إِمْشْيَاخْ ⵉⵎⵛⵢⴰⵅ، التي تجمع بين القطاني والحبوب وخاصة الذرة والقمح بإضافة الثوم، كما يتم إعداد البقول أو إغديون ⵉⵖⴷⴷⵉⵡⵏ أوثب ⵜⵉⴱⴱⵉ حسب إقرعيين. كما يتم إعداد الفطائر ثاغفين أو رَمْسْمّنْ ⵜⴰⵖⴼⵉⵏ / ⵕⵎⵙⵙⵏ
ويتم تقطيع مختلف الرغايف ورمسمن في ثاَحْبيثْ ⵜⴰⵃⴱⴱⵉⵜ أو صحن كبير، لإعداد أرفيس ⴰⵔⴼⵉⵙ ويصب عليه الدجاج الذي يتم طبخه في المرق دون فواكه.
أما في قبيلة بقيوة أو إبقوين، فيخصص يومين للاحتفال بقدوم السنة الجديدة الأمازيغية ، ففي اليوم الأول تعد الأطباق المصنوعة من الحلفاء ⴰⵔⵉ وتملأ بجميع الفواكه الجافة التي يملكونها أو يعمدون لشرائها من السوق ( اللوز ، ثيموياز ، ثزارت يوزغن ، زبيب ، رحمص، إباَوْنْ ( الفول( وتقوم النساء بصنع فطائر، ويتم توزيع كل من الفواكه الجافة والفطائرعلى الأطفال . بالنسبة لليوم الثاني فتقوم النساء بإعداد وجبة عشاء مميزة غالبا ما تكون عبارة عن دجاج بلدي.
أما ما يتعلق بطقوس الاستشراف بموسم فلاحي جيد، فيعمد السكان في بعض القبائل(آيت ورياغل مثلا) إلى ترك جزء من وجبة العشاء وتوزيعه على جميع أركان البيت تعبيرا لهم عن تقاسم ما تجود به الأرض خلال هذه السنة مع كائنات خفية أو قوى مباركة حسب إعتقاداتهم.
وفي منطقة فكَيك يتم تحضير ما يسمى ب " الكليلة" وهو لبن يتم تجفيفه محليا في مواسم وفرة الحليب، إذ يحول إلى حبوب تشبه الحصى، وخلال احتفالات رأس السنة يصبون الماء على هاته الحبوب ويصنعون منها لبن الكليلة الذي يوزع على الضيوف وأفراد العائلة.
في قبائل إيمغران وتدغة وأيت عطا، تقوم النساء بإعداد طبق كسكس يسقى من مرق مكون من اللحم وسبع خضر أو أكثر، يضعن فيه نوى تمر واحد، يعتقدن أن من يجد هذه النوى أثناء الأكل سيكون سعيدا ويعتبر المحظوظ والمبارك فيه خلال السنة. ومن الأقوال المأثورة أيضا عند سكان هذه القبائل أن من لم يشبع من الطعام في ليلة رأس السنة فإن الجوع سيطارده طيلة تلك السنة. ومن جملة هذه المعتقدات كذلك أنه إذا أمطرت السماء في تلك الليلة أو في اليوم الأول من السنة الجديدة، فإن الأمطار ستنزل بغزارة خلال هذه السنة وسيكون الموسم الفلاحي جيدا وتكون المحاصيل الزراعية مهمة.
أما في منطقة حاحا فإن النساء يقمن خلال ليلة رأس السنة بوضع ثلاث لقمات قبل النوم في سطوح المنازل، ورقم ثلاثة يرمز إلى الشهور الثلاثة الأولى من السنة: يناير، فبراير ومارس، واستدرارا للمطر يرشن من بعيد المكان الذي وضعت فيه اللقمات بشيء من الملح، وفي الغد يقمن بتفحص هذه اللقمات، ويعتقدن أن اللقمة التي سقط عليها الملح تحدد الشهر الذي سيكون ممطرا.
ومغاربيا تحتفل المجتمعات القبايلية بهذه المناسبة تبعا لعادات وتقاليد موروثة عن الأجداد تتزامن مع موسم الزرع، الحصاد، والجني الذي تطلق عليه أسماء عديدة ك: إملالن، سمايم نلخريف، أضرف 30، أضرف 90،... وتستقبل العائلات القبائلية هذه المناسبة بنحر الأضاحي وذلك بتقديم "أسفل" الذي يعني الأضحية والتي تختلف من عائلة لأخرى حسب إمكانياتها، حيث نجد عادات بعض قرى القبائل قائمة على ذبح ديك عن كل رجل ودجاجة عن كل امرأة، وديك ودجاجة معا عن كل امرأة حامل من العائلة. وتقوم المرأة القبائلية بموازاة ذلك بتحضير مأكولات تقليدية مختلفة ومتنوعة يطلق عليها سكان منطقة القبائل إسم "امنسي نيناير"، وذلك لما له من تأثير بالغ على العائلة ورزقها طوال أيام السنة الجديدة، حيث أن تنوع أطباق هذه المأكولات يوحي بكثرة الرزق والأرباح وجني محصول وفير.
ويلعب طبق الكسكس الذي لا يخلو أي بيت قبايلي منه، دورا رئيسيا في مائدة يناير مرفوقا بلحم الأضحية والخضر الجافة (المرق)، كما توضع إلى جانبه المأكولات التقليدية التي تكون أساسا من العجائن ك "الخفاف أو السفنج، المسمن، ثيغريفين" لما لها من معان وقوة التمسك بالموروث عن الأجداد.
ومن العادات الأخرى السائدة في منطقة القبايل، حلق شعر المولود الذي يبلغ سنة من العمر عند حلول هذه المناسبة، حيث تخصص له أجمل الثياب ويوضع داخل (جفنة) كبيرة لترمى فوقه امرأة متقدمة في السن مزيجا من الحلويات والمكسرات والسكر والبيض.
وتشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن الأمازيغ ربطوا عاداتهم بالأرض، فمارسوها بشكل تلقائي، متبعين نظاما زمنيا دقيقا، يبتدئ في أول ليلة من السنة الفلاحية حيث تقام الحفلة، وذلك بتهييء تاكلا ن ءيض ن ءيناير، ويكتسي زمن إحياء هذه العادة بعدين اثنين:
- البعد الأول: ويبدو جليا من خلال ارتباط مكونات هذه العادة بالأرض، إذ هي بمثابة بداية السنة الفلاحية كما أسلفنا، والأكلة التي تقدم فيها تتكون من مواد لها مغزى، وهي مؤشر على حال مستقبل السنة•
- البعد الثاني: له ارتباط بتاريخ الأمازيغ الذي يبتدئ مؤقتا، في المصادر المكتوبة - خاصة منها ما كتبه الإغريق - مع اعتلاء أكَليد (الملك) الأمازيغي شيشونغ العرش في مصر• وكان ذلك بعد تنحيته لآخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين، حيث انتصر شيشونغ على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة بمصر في معركة دارت بين الطرفين سنة 950 ق•ب.
ومن جهة أخرى فقد ارتبط التقويم الأمازيغي في الثقافة الشعبية، بما هو أسطوري وبالمعتقدات الأمازيغية القديمة التي تحكى على أن امرأة عجوزا استهانت بقوى الطبيعة واغترت بنفسها وأرجعت صمودها في الشتاء القاسي إلى قوتها ولم تشكر السماء فغضب يناير رمز الخصوبة والزراعة منها ومن تصرفها فطلب من فورار"شهر فبراير" أن يقرضه يوما حتى يعاقب العجوز على جحودها فحدثت عاصفة شديدة أتت على خيرات أراضي تلك العجوز ومنه تحول ذلك اليوم في الذاكرة الجماعية رمزا للعقاب الذي قد يحل بكل من سولت له نفسه الاستخفاف بالطبيعة لذلك كان الأمازيغ يستحضرون يوم العجوز ويعتبرون يومها يوم حيطة وحذر يتجنبون الخروج فيه للرعي والأعمال الزراعية وغيرها مخافة من قوى الطبيعة ويكرسونه للاحتفال بالأرض وما يرتبط بها من الخيرات الطبيعية .
خاتمة
وعلى سبيل الختم يمكن القول في هذا الشأن أنه نظرا لقلة الأبحاث والكتابات التي تناولت هذا الموضوع بالبحث والتمحيص، فإن مجال البحث مدعو إلى التنقيب الأنتروبولوجي وكذا الأثري، لتوضيح الرؤية وإضاءة هذا الموضوع بمزيد من المعلومات الشافية والكافية، لتفسير هذه الظاهرة المرتبطة بشمال افريقيا، وخاصة لدى القبائل الأمازيغية.
وبما أن رأس السنة الأمازيغية يعد أحد أهم الطقوس الاحتفالية الأمازيغية ببلدان شمال إفريقيا كما أوضحت ذلك فينبغي أن تتضافر الجهود لتصنيفه تراثا لا ماديا عالميا كما يتحتم تضافر الجهود من قبل جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية وكل مهتم بالثقافة الشفهية قصد رصد جميع المعلومات المتعلقة بهذه الطقوس الاحتفالية التي تميز استقبال السنة الأمازيغية الجديدة في جميع مناطق المغرب. وأسْكًاسْ أنبارْشْ إسْعْدَنْ إصبْحانْ إفُولْكِينْ بمناسبة حلول 2962.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.