عندما إطلعت على حجم الداعمين لحفل نانسي عجرم المنظم بمدينة اكادير، بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر، من سلطات محلية ومجالس منتخبة وشركات خاصة ومؤسسات شبه عمومية وأبناك ومصارف مالية، ادركت يقينا أن الأوليات المستعجلة لمواطني المغرب، القابعين في المناطق النائية وأقاصي الجبال تبقى من اخر اهتمامات مسؤولينا "الأجلاء" عائدات مالية مهمة، وإعانات مالية سخية، تلك التي تم وضعها رهن إشارة اللبنانية نانسي عجرم ، مقابل أن تغني لعشاق السهر والطرب، ولمئات من معجبيها من الفتيات والشبان بفضاء الهواء الطلق اكادير، ولتذهب حاجيات السوسيين من مياه الشرب والمسالك الطرقية ولقاحات العقارب... إلى الجحيم. 100 مليون سنتيم، هو أجر عجرم لأحياء هذا الحفل، ورغم الضجة الكبيرة التي سبقت حفل استضافة عجرم، غير أن منظمي الحفل لم يتوقعوا حجم الخسارة الغير المنتظرة، بعد عزف محبو الفنانة اللبنانية عن الحضور لمشاهدة الحفل بعين المكان، بعد أن بلغت تذكرة الدخول ما بين 250 و700 درهم وهو ما جعل محبو الفنانة يستتكفون عن الحضور نظرا للتكلفة الباهضة المخصصة للدخول. وإذا كان الداعمون على إختلاف مشاربهم، قد حشدوا هممهم لانجاح حضور نانسي الى أكادير، فإن معاناة العطشى من ساكنة هيلالة وتسكدلت وباقي دواوير ايت باها، لازالوا ينتظرون من يدفع عنهم معاناتهم مع نذرة مياه الشرب والعطش الذي يتهدد الساكنة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في عز فصل الصيف. مشاريع مائية مع وقف التنفيذ، لم ترى النور بعد، رغم ما بشر به المسؤولون في القنوات العمومية، بشأن حجم وأهمية المشاريع المنتظرة كبناء سد تلي بايت بها، ومشروع تزيود الساكنة الدواوير بالماء الصالح للشرب الممول من طرف البنك الاسلامي، وقس على ذلك عدد المشاريع التي بقيت حبرا على ورق طيلة السنوات الأخيرة دون أن تخرج الى حيز الوجود. أهالي ايت باها، الذين قدر لهم أن يعيشوا قدرهم مع العطش الى أجل غير مسمى، لا يعرفون عجرم ولا اصالة ولا غيرها من الفنانات اللبنانيات والمصريات ، فأهالي ايت باها، ينظرون الى هاته الكائنات المتحركة على أنها حلت بأكادير في يوم عزيز، يذكرهم بذلك زمن هجرة الأجداد والاباء الى بلاد العم موغا بفرنسا، حيت العمل في باطن الأرض لاستخراج الفحم، ومنها الى معامل الرونو والبوجو...، انه باختصار اليوم الوطني للمهاجر، حيت لازلنا ننتظر تأصيل معانيه الحقيقية والعميقة لدى الخلف والأجيال القادمة، كحدث بارز في مغرب ما بعد الإستقلال.