إثر تلقي قاعة مواصلات مصلحة الشرطة القضائية بسلا مكالمة بضرورة الانتقال إلى حي مولاي اسماعيل حل عناصرها بعين المكان، حيث كان حشد كبير من المواطنين مجتمعين حول شخص ممدد على الأرض مصاب بجروح دامية على مستوى أذنه اليسرى وعنقه من الجهة اليسرى وجرحين بمقدمة الرأس، إضافة إلى بقع حروق بملابسه وإصابته بآلام في عينيه. وأفاد الشهود أن شقيقين ومشتبه فيه ثالث عرضوا الضحية للضرب والجرح، والإيذاء بالماء الحارق، حيث صرح هذا الأخير أنه كان قد صادف المشتكى بهم في وقت سابق مدججين بأسلحة بيضاء ويعترضون سبيل المارة ويطالبونهم بإمدادهم بمبالغ مالية، وبعد مطالبته بدوره بإعطاء مبالغ مالية رفض ذلك وحينما ذهب إلى والدة الشقيقين من أجل الاسترعاء تدخلت لثني ابنها عما بدر منه إلا أن الأخير قام بدفعه إلى أن سقط أرضا وتدخل أخوه وعمد إلى ضربه بواسطة سكين من حجم 14 وسيف على مستوى رأسه وعنقه ويده، وعند مغادرته مكان الحادث لحقا به ورماه أحدهما بماء حارق، حيث فقد بصر العين اليسرى جراء الماء الحارق، وأصيب بعاهة في أذنه اليسرى أيضا، مدليا بشهادة طبية بها 50 يوما من العجز. وأدلى متهم عند قدومه إلى مصلحة الشرطة القضائية بشهادة طبية تحمل 25 يوما من العجز، منكرا المنسوب إليه جملة وتفصيلا،وأشار إلى أنه لم يحضر أطوار النازلة، في حين أوضح شقيقه أنه كان قد دخل في نزاع مع المشتكي الذي عرضه للضرب والجرح برأسه بواسطة سكين، وعندما حاول إيداءه بالماء الحارق الذي كان يتحوزه ارتمى عليه، حيث تطايرت المادة الحارقة على المعني بالأمر، وأنه لايدري ما إذا كان قد أصاب الضحية بعاهة لأنه كان في حالة سكر. وأبرز المتهم الثاني أمام قاضي التحقيق أنه دخل في شجار مع الضحية حيث كان في حالة سكر، وتبادلا الضرب والجرح على مستوى العنق والرأس بواسطة سكين، نافيا أن يكون قد تسبب لغريمه في أية عاهة مستديمة. وأحيل الملف على قاضي التحقيق باستئنافية الرباط الذي وجه للمتهم الأول الموجود رهن الاعتقال تهمة الضرب والجرح بواسطة السلاح نتج عنه عاهة مستديمة، في حين توبع الظنين الثاني في حالة سراح مؤقت بتهمة الإيذاء العمدي، طبقا للفصلين 401 و402 من القانون الجنائي. وأكد الضحية أمام هيئة الحكم أن المتهم الأول وجه له الضرب والجرح بواسطة سيف على مستوى أذنه ويده، والثاني صب عليه الماء الحارق، وفي الوقت الذي تمسك هذا الأخير بالانكار، أقر المتابع الأول بضرب الضحية في أذنه بعدما تبادلا الضرب والجرح، حيث أصيب هو الآخر في رأسه بواسطة سكين. وأكد دفاع الطرف المدني أن موكله أُصيب بعاهة مستديمة على مستوى عينه وأذنه اليسرى استناداً إلى تقرير الخبرة الطبية، ملتمسا إدانة المتابعين وفق ملتمسات النيابة العامة، وأساسا الحكم بتعويض مائة ألف درهم واحتياطيا إجراء خبرة توضيحية حول الخبرة. أما ممثل النيابة العامة فطالب بإدانة المتهم الرئيسي بالنظر لاعترافه والخبرة الطبية، التي خلصت إلى وجود آثار حرمان جزئي بالأذن اليسرى بنسبة 20 % ، وإدانة الثاني وفق التكييف المتعلق بالإيذاء العمدي المفضي إلى عاهة مستديمة. من جهة التمس الدفاع البراءة لمؤازريه وعدم الاختصاص في المطالب المدنية، وكذا إجراء خبرة طبية مضادة بخصوص عاهة العين اليسرى لكونها جاءت معتلة، خاصة وأن قاضي التحقيق استبعدها لعدم وضوحها، والتي تمت ترجمتها الى اللغة العربية أثناء مناقشة النازلة، مضيفا أن المستمع إليهم أكدوا عدم تواجد المتهم الثاني وقت النزاع. وقضت المحكمة بعد المداولة بمؤاخذة المتهم الأول، المزداد عام 1988، بثماني سنوات سجنا نافذا، وست سنوات سجنا نافذا في مواجهة الثاني، المزداد سنة 1993، حيث اعتبرت هيئة الحكم إنكاره ما هو إلا وسيلة للتملص من العقاب أمام تصريحات الضحية، والشهود، وآثار الحرق على ملابسه وكذا تقرير الخبرة، التي أكدت أن المشتكي أصيب بعاهة مستديمة جراء سكب الماء الحارق. كما حكمت المحكمة في الدعوى المدنية التابعة بأداء المدانين على وجه التضامن مبلغ 70 ألف درهم لفائدة المطالب بالحق المدني.