استخدم العالم الغربي كل ما في جعبته من ادوات ضغط وترهيب لإجبار الحكومة الايرانية على الغاء او تأجيل حكم صدر عن محكمتها الشرعية برجم امرأة متهمة بالزنا تآمرت مع عشيقها على قتل زوجها، ولكنه لم يفعل الشيء نفسه، حتى الآن على الأقل، لمنع جريمة اكبر تتمثل في اصرار كنيسة مسيحية في ولاية فلوريدا على حرق مئتي نسخة من القرآن الكريم. اعدام امرأة رجماً ربما يكون عملاً مستهجناً في العالم الغربي الذي يتبع ثقافة مختلفة، تبرر خطيئة الزنا وتعتبرها من الممارسات العادية، ولكن غزو بلدين مسلمين، وقتل مئات الآلاف من ابنائهما، ونحن هنا نشير الى افغانستان والعراق، فهذا امر مباح ولا غبار عليه، حتى لو تبين ان اسباب هذا الغزو، مثلما هو الحال في العراق، كانت واهية وكاذبة وتفتقد الى الشرعية. لا يتدخل المسلمون او حكوماتهم في اعمال المحاكم الغربية، ولا يتطلعون او حتى يجرؤوا على تغيير احكامها، حتى تلك التي تصدر احكاماً بالاعدام في حق قتلة او مجرمين، ولكن لان الاسلام مستباح، والمسلمين ضعفاء، فان عقيدتهم مستباحة ايضاً، وقرآنهم يستحق الحرق. الحكومة الامريكية اكتفت بالتحذير من حرق القرآن الكريم، وتذرعت بان اقدام الكنيسة البروتستانتية على هذه الخطوة قد يؤدي الى عواقب وخيمة على الجنود الامريكيين المشاركين في الحربين على افغانستان والعراق، اي انها ترفض التدخل بوقف عملية الحرق الاستفزازية هذه احتراماً للقانون الذي لا يعطيها هذا الحق. تطبيق حدّ الرجم بامرأة زانية يحتم التدخل، وتهديد ايران بعقوبات اكبر اذا ما اقدمت عليه، ولكن اهانة مليار ونصف المليار مسلم ينتشرون في قارات العالم الخمس، وحرق كتابهم المقدس في احتفالات استفزازية فهذا امر يحميه القانون. نحن لسنا مع الرجم او عدمه في هذه الحالة، فلسنا قضاة شرعيين ولا نعرف التفاصيل، وانما نحن ضد هذه الازدواجية في المعايير الغربية، والحماية التي توفرها معظم الحكومات الغربية لكل من يريد ان يتطاول على الاسلام واتباعه بمثل هذه الطرق البشعة والاستفزازية. علماء الدين المسلمون هرعوا الى افغانستان بالعشرات لحث حكومة طالبان على عدم تدمير تماثيل بوذا احتراما لهذه الديانة غير السماوية، ولتأكيد تسامح دينهم وعقيدتهم تجاه الاديان والمعتقدات والثقافات الاخرى، وها هم يكافأون بحرق كتابهم المقدس السماوي، ومن قبل كنيسة مسيحية في حين تكتفي الحكومات الغربية بالتحذير فقط من مضار هذه الخطوة. ان هذا الصمت المريب على هذه الاستفزازات هو الذي يغذي الارهاب، وهو الذي يدفع الى صدام الحضارات، واشعال نار الحروب، وتهديد استقرار العالم. مرة اخرى نطالب بتحرك جدي لوقف هذا الانتهاك الصارخ لحرمة العقيدة الاسلامية، والاساءة الى مليار ونصف المليار مسلم، ووضع التشريعات التي تحول دون تكرار هذا الانتهاك، لاننا ندرك الخطر الكبير لمثل هذه الخطوة على امن العالم وسلامته واستقراره، اذا ما تقرر الاقدام عليها بالصورة التي نراها حاليا.