حين ترى هذا الكم الهائل من الجمعيات والمنظمات التي تدافع عن المرأة تدرك للتَوِّ أنك تعيش في مجتمع ذكوري شُلَّ نصفه الأنثوي، بل حتى ذكوره صاروا موضوع مآمرة جُندت لها المقاهي والملاهي والمواقع الالكترونية ومباريات كرة القدم الكثيرة ومسابقات الرقص والغناء، والمرأة مستهدفة أيضا، فقد سخر الاعلام كل امكانياته ليجعل مراكز اهتمامها تنحصر في برامج التجميل والطبخ والاعشاب والرشاقة والسمنة والمسلسلات المدبلجة التي تبدأ ولا تنتهي. انبنت فكرة مقاربة النوع، على محاربة الاقصاء الذي تعانيه المرأة على أساس الجنس باعتبار الرجال والنساء يساهمون في خلق الثروة فوجب بالتالي أن تستفيد منها كل فئة، فالحيف الذي لحق النساء بالدرجة الأولى جعل من المناصفة التي هي إحقاق للحقوق، جعل منها حلما يراودنا جميعا، وخطابا يتحدى واقعا سمته الاقصاء والتهميش للعديد من فئات المجتمع على رأسها النساء ومعها ذوو الاحتياجات الخاصة والشباب... موضوع إدماج المرأة تحول من قضية عادلة إلى "همزة" وفرصة للاسترزاق، وكل الهيآت والمنظمات التي تشتغل عليه تحظى بالرضى وترزق من حيث لا تحتسب، وتدعى إلى اللقاءات والمؤتمرات..، بل أصبحت فئة عريضة من النساء تنحو نحو التطرف في إثارة الموضوع والقضايا المرتبطة به لشد الانتباه إليها، حتى طلعت علينا فئة من المحسوبات على الفنانات لتقدم لنا عرضا مسخريا عنوانه: "ديالي" سنة 2012 تتناول موضوع الجهاز التناسلي للمرأة في قالب مسرحي تحت يافطة الدفاع عن قيمة الحرية داخل العمل إبداعي ولا عجب أن يكون المعهد الفرنسي أول المحتضنين سطوب. الموضوع أثار جدلا بين المغاربة عموما باعتباره انفتاحا إلى حدود التمزق، وذهب فيه الفنانون إلى من اعتبره تمييعا وابتذالا ومن استشعر التحرر وحرية الابداع من خلال إثارة الموضوع، وقد لا نستغرب أن يعيد الكَرَّة مثليون بتقديم عرض آخر عنوانه "ديالي" بصيغة المذكر. هذه الخرجات تنامت بشكل لافت للنظر فظهرت حركة احتجاجية نسائية تسمى "فيمن" تدعو إلى التظاهر والاحتجاج بالتعري كشكل "حضاري" جديد، إلى ما لانهاية من المبادرات التي هي الحق الشاذ الذي يراد به الباطل. ولعل النموذج الغربي للمرأة هو ملهم كل الحركات النسائية في المجتمعات العربية والاسلامية، بل تعتبره هذه الحركات التابعة نموذجا يحتذى به بالنظر إلى الانجازات التي تحققت للمراة الغربية، فسارت مجتمعاتنا ترفع شعارات الانصاف والمناصفة. في مقابل ذلك، أي نموذج تحتذي به المرأة الغربية/المرجع والتي هي امرأة من زمن ما بعد المناصفة؟ قبل أشهر خلت، تحولت مغنية الراب الفرنسية "ديامس" إلى الاسلام، وعللت ذلك إلى شعورها بالتيه والضيق، وقد فكرت مرارا في الانتحار قبل أن تعرض نفسها على مصحات العلاج النفسي، رغم أنه لم تكن تعوزها أموال ولا حقوق ولا مساواة. تتحدث مجموعة من الاحصائيات صادرة عن اللجنة الاوربية LA COMMISSION EUROPEENNE”" منشورة على موقعها الالكتروني، عن وضعية النساء الغربيات، فنسب العاملات منهن في أوربا تجاوزت % 64. وعلى المستوى الاجتماعي، تكشف هذه الاحصائيات عن معطيات صادمة، فنسب الطلاق جد مرتفعة بلغت مليون حالة سنة 2009 رغم أنه لم يعد مسموحا به في ايطاليا إلا في 1970 واسبانيا في 1981 وايرلندا في 1995 ومالطا ابتداء من 2011، مقابل انخفاض معدل الزواج 2.2 مليون سنة 2010، وتعرف هذه المجتمعات صيغا متعددة للارتباط كارتباط المثليين، والارتباط بدون زواج حيث تعيش المرأة والرجل تحت سقف واحد) (concubinage بقوانين هي أقرب للعقود التجارية، فاتفاقية الارتباط بدون زواج لتنظيم الحياة المشتركة تسمح فقط بجرد وتحديد نصيب كل فرد من الممتلكات كما لا تلزم الطرفين لا بالوفاء ولا بالمساعدة. وتتحدث نفس الارقام عن ارتفاع نسب الانتحار في صفوف الرجال والنساء على حد سواء، وعن الاطفال المولودين خارج مؤسسة الزواج حيث بلغت نسبتهم 38.3% سنة 2010، كما تطلعنا عن نسب الاغتصاب والتحرش الذي يريد البعض أن يلصقه ظلما بمجتمعاتنا ونعتها بالكبت والبهيمية، ففي فرنسا مثلا –حسب موسوعة الاطلس العالمية لسنة 1996- تغتصب امرأة كل ساعتين والمعتدون % 91 منهم فرنسيون (% 16.8 مهن طبية وشبه طبية، % 13.1 مهن التعليم والتنشيط والتربية في ماقبل الأولي، % 14.8 يمارسون مهام التأطير: مسؤولون، مهندسون، مديرون عامون..، % 12.7 يشتغلون بتطبيق القانون :شرطة، عسكر، درك، برلمانيون...) أما في 2011، فتغتصب امرأة كل 7 دقائق، في صورة تناقض ما يحاول البعض تسويقه عن وضعية مثلى للمرأة الغربية. النتيجة وحسب صحيفة نييورك تايمز ل5 فبراير 2013، صرح برنار كودار المكلف بالشؤون الدينية بوزارة الداخلية الفرنسية عن ارتفاع الداخلين إلى الاسلام حيث تضاعف هذا العدد خلال 25 سنة الأخيرة منذ 2000 ميزه بالخصوص اسلام نجوم الفن والرياضة. فلماذا اخترنا نموذجهم وهم يختارون مرجعيتنا؟.