احتضنت مدينة أكادير نهاية الأسبوع المنصرم، لقاء ضم مجموعة من النشطاء والفعاليات المدنية والإعلامية المحلية بمعية مدير المعهد الدولي للتربية والأبحاث حول معاداة السامية كيم روبين ستولر، بهدف " التداول بشأن الوضعية الراهنة لقيم التسامح والتعايش بين الثقافات والأديان بالمغرب، عقب المنعطف الخطير الذي شهدته الساحة السياسية المغربية مؤخرا "، والذي تجلى مكمن الخطورة فيه " في إقدام مجموعة من الأحزاب السياسية بتبني مشروع قانون لمناهضة التطبيع مع دولة إسرائيل، مع ما تضمنته مسودة ذلك المشروع من خطاب يضرب عرض الحائط كل قيم التعايش والتسامح الدينيين والثقافيين وكذا الرصيد التاريخي الثمين الذي راكمته المملكة المغربية في هذا الإطار " حسب ما أكدته تلك الفعاليات. هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء يأتي في سياق جملة من اللقاءات التحضيرية التي أطلقتها منظمة حوار في أفق التعبئة للرد على ما أسمته " بتنامي الخطابات المتطرفة والمهددة للبنية الثقافية والحضارية الوطنية التي اتسمت على الدوام بتعزيز مبادئ التسامح والسلم والتعايش بين مختلف الإثنيات والثقافات والأعراق "، وهو الأمر الذي استلزم حسب نائب ريس منظمة حوار والناطق الإعلامي باسمها، الأستاذ عبد الله بنحسي، " ضرورة تكثيف الجهود من أجل بلورة تصورات عملية ذات فاعلية ونجاعة، وبوسعها التحسيس بخطورة مثل تلك الخطابات المتطرفة وتأثيراتها السلبية على واقع ومستقبل بلادنا". وهو ذات الأمر الذي أكده الأستاذ محمد موحا عن نفس المنظمة، مضيفا " أن تاريخ المغرب موسوم على الدوام بالتعايش بين مختلف الحضارات، خصوصا بين اليهود والمسلمين، وهي الحقيقة الجلية التي أتى مشروع قانون مناهضة التطبيع مع إسرائيل ليعاكسها بل ويهدمها دون العودة إلى الإرادة الشعبية لعموم المغاربة الذين لا يكنون أية ضغائن وأحقاد تجاه أية ديانة أو شعب مهما كان". عبد الله الفرياضي، رئيس تحرير جريدة حقائق مغربية الذي استدعته منظمة حوار للمشاركة في هذا اللقاء، ثمن هذه الخطوة التي قامت بها المنظمة، داعيا في الآن ذاته " إلى ضرورة مأسسة التيار المدافع عن قيم التواصل الحضاري والتعايش بين الثقافات في مواجهة هذه الردة على مستوى القيم التي بات المغرب مسرحا لها " مضيفا أنه " من اللازم أيضا الدفع تجاه مأسسة فعلية للخطاب الداعي إلى حتمية التطبيع المباشر مع دولة إسرائيل، وقطع الطريق أمام تنامي الخطابات المتطرفة والتي لا تأخذ بعين الاعتبار عمق المصالح الاستراتيجية والقومية للمغرب كدولة تنتمي إلى المنتظم الدولي". مدير المعهد الدولي للتربية والأبحاث حول معاداة السامية، كيم روبين ستولر، أكد بدوره في ختام هذا اللقاء على أهمية مثل هذه المبادرات، منوها بالإرث التاريخي للمغرب في مجال التعايش والتسامح بين مختلف الأطياف والطوائف الدينية، داعيا إلى تعزيز هذا الإرث والعمل على صيانته. ليختتم اللقاء بالخلوص إلى تبني جملة من التوصيات، التي كان أبرزها العمل على إعداد وثيقة مرجعية للدفاع عن قيم التسامح والتعايش ومعاداة السامية بالمغرب، في أفق التأسيس لجبهة وطنية موسعة يكون من أهم أهدافها الدفاع عن تلك القيم والدعوة إلى تطبيع مباشر بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل صونا للمصالح الاستراتيجية لكلا البلدين.