نختلف بالمطلق، لا لشيء، سوى لأن السياسيين بالمغرب مصاصي دماء بحق، ليسوا جدد بحق، هم كائنات يتناسلون كالجراد، جند الله... طريقهم لجيوب أهل الفقر، كطريقهم للرفاه وحانات الليالي الحمراء... عبر أنفاق التفقير التي تقبع منذ زمان في جحورهم الموغلة بالقيادات المتعجرفة الفارغة، لم يكن ذلك مجرد كابوس كمم أفواه حاشية الشعب، لنسميه معا كابوسا إستفاق منه المغاربة في وقت متأخر من دجى ليلة من ليالي فبراير، كان كل ذلك حقيقة مرعبة ترعرعت بهدوء وكبرت بتباث، وإنكشفت بعري نثن... أوهام الإستقلال وحضور الإستعمار بمدرعاته الإستيطانية في الوطن، لله في خلقه ألوان وأشكال، كل أصناف الجهل الممزوج بكل أشكال التردي كانت كامنة في جحورهم الموصدة، تتخفى وتتعالى وسط زحمة تشريعات تؤكد كونهم لا شيء. عميق القول يحيلني على كل الفقراء ممن عرفوا طريقهم للتحرر، كانوا أبناءا جديرين حقا بالوطن، أبناء الله الأحرار، ينتصرون للحرية في زنازن فقرهم، الفقر منعهم من كل شيء حتى من الوطن، الفقر جعلهم عبيد الوطن الشرفاء، لكن لم يكونوا في يوم من الأيام مصاصي دماء... وإني لا أمسك بعصى الأشياء عبثا، أعيد نظم التفكير لأنتصر لكل الذين فهموا ما يجري في الوطن بعد عناء، بجهد وتعب وملل، يتجاهلون مفهوم الزمان، يحتملون ما يقع بإسم القناعة والقدر، يتأملون الصبر لعله يكشف طلاسيم عناده، مبالاتهم للمكان لا تدفعهم للرحيل ولا للغياب ولا حتى للموت، أحيانا الفقر يقوي لدى المرء إنتصاره على شوفينية مصاصي الدماء... لكل واحد منهم وطن، أهل البلاط لهم وطن، منتحلي صفة المثقف البلاطي لهم وطن، الواقفون على أبواب الله لهم وطن، ماسحي أحذية المارة هم كذلك لهم وطن، العاكفون خارج الحدود لهم وطن، و مصاصي الدماء لهم وطن،... وفي الجنوب لعقود نعيد مسيرة الوطن... ما أحوجنا فعلا لوطن يحتضن، لوطن نبيد فيه الجشع ، لتلك الأرض التي ترضع أبنائها جنون الإحتضان، إلاهة ليست ترمي فلذات كبدها في القمامة والزبالة... تصيبهم بالعلم، تصيبهم بمنصب شغل، تصيبهم بالكرامة في العيش،... وطن ليس يزعج فيه أحد وجودنا فيه بالهواء الفاسد، الشمال أو الجنوب، الشرق او الغرب، خارطة تصيب وطني بورطة، وجهة المرء وطنه... اليد التي نمدها لخلق عالم جدير بنا، سيكتب لها الخلود يا سادة.