قال تعالى:( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا ) الملك الآية 2 . أخي الصائم،الناس في القيام بواجباتهم ليسوا على درجة واحدة ، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات، والمؤمن يسعى دوما ليكون أحسن الناس وأفضلهم نهوضا بواجباته ، إن وضع بين عينيه مبدأ الإحسان في كل شيء. وانظر لما قال الفضيل بن عياض في معنى قوله (احسن عملا) حين قال: (أخلصه وأصوبه، فان العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل،حتى يكون خالصا صوابا). كل أعمال المؤمن ومنها صوم رمضان، يتوقف قبولها على أمرين :أن تكون خالصة لله وحده وان تكون بالكيفية المشروعة.إذن ففي صوم رمضان نحتاج إلى استحضارشرطين الأول:، والثاني ان نصومه بالكيفية المشروعة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم والصفة التي كان يصوم بها.(*) ولان الصيام جوهره الاحتساب لله فلابد من تجديد النية في ذلك ولهذا تشترط النية في أول ليلة من رمضان إن لم نقل في كل ليلة من لياليه ،فعن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عبيه وسلم قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له.) والنية هاهنا بمعنى الإرادة والقصد ،فتحريرقصد الصيام لله وحده هو جوهر الصيام، وفي الحديث : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى...)،وان العمل مهما كان قليلا فان الإنسان يجازى عليه ويضاعف عليه الأجر بالنية ، كما قد يكون العمل كبيرا وعظيما لكن عدم الإخلاص فيه يحبطه وتكون فيه الهلكة لصاحبه. قال ابن المبارك: (رب عمل صغير تعظمه النية ، ورب عمل كبير تصغره النية). والإخلاص ليس أمرا هينا ،قال سهل بن عبد الله التستري:( ليس على النفس شئ اشق من الإخلاص لان النفس ليس لها فيها نصيب). وان استحضاره في العمل يضاعف الأجر والثواب ، لذا كان السلف الصلح يتعلمون النية كما يتعلمون الأركان قال يحيى بن كثير: (تعلموا النية فإنها ابلغ من العمل.) أخي الصائم أختي الصائمة، لعنا بعد هذه الوقفة مع الإخلاص والنية،أدركنا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.) قال النووي في معنى احتسابا:أن تريد الله وحده ولا تقصد به رؤية الناس وغير ذلك مما يخالف الإخلاص. فلنحرص على استحضار هذا الشرط في كل أعمالنا،في الصيام وفي القيام وفي التلاوة وفي الصدقة وفي ليلة القدر وفي غيرها من أعمال اليوم والليلة. ولنجعل من دعواتنا في هذا الشهر: اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة،واجعلها لك خالصة،ولا تجعل لأحد من الخلق فيها شيئا ،واعنا على صيام شهرنا إيمانا واحتسابا ...آمين . ................................................... (*)في الحلقة القادمة سنتحدث عن هذه الصفة