الجزء I/3: لم يتغير موفق الجزائر من الصحراء منذ سنة 1975، حيث استطاعت انتزاع تصريح من المنتظم الدولي في 10 دجنبر 1975، مفاده أن "تصفية الاستعمار لم تتم"، كما تطرح الجزائر ملف الصحراء من زاوية "تقرير مصير الشعب الصحراوي" عن طريق تنظيم "استفتاء" تحت إشراف الأممالمتحدة، وتنص قرارات المنظمة على أنها تسعى للوصول إلى حل بين المغرب والبوليساريو وبتشاور مع "منظمة الوحدة الإفريقية". ونجد في الموقع الالكتروني للأمم المتحدة أن الإقليم -الصحراء- موضوع تحت إدارة "المينورسو"، ومن جهة أخرى فان تحركات القوات المغربية في المنطقة محددة ومشروطة. دافعت الجزائر عن مقولاتها بقوة منذ مؤتمر "كولومبو لدول عدم الانحياز" في شتنبر 1976، حيث لم تعترف البتة ب "اتفاقية مدريد"، في المقابل راهن المغرب على مبدأ المرونة الذي يمكن أن يحدث تغييرا في موقف الجزائر وتحسين موقفه إزاء منظمة الأممالمتحدة رغم المداولات الساخنة للفترة من 1975 إلى 1981. وفي سياق هذه المرونة قبل المغرب "الاستفتاء" في سنة 1981، كما قدم تنازلات شكلية لا تمس الجوهر من قبيل إجراء لقاءات مباشرة مع البوليساريو تجاوبا مع الخطاب الهادئ للجزائر في عهد "الشاذلي بن جديد". إلا أن المغرب تخلى عن مخطط "الاستفتاء" بسبب إلحاق الجمهورية الصحراوية بمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1983، ثم استؤنفت العلاقات الدبلوماسية في 1988. بعد ذلك تأسس "الاتحاد المغاربي" بمراكش سنة 1989، وخلاله استطاع المغرب حصر عدد دول الاتحاد المغاربي في خمسة دول وهي "المغرب-الجزائر-تونس-ليبيا وموريتانيا"، وبالتالي إقصاء الجمهورية الصحراوية من الخريطة الرسمية لهذا الاتحاد. ورغم تدهور الأوضاع الداخلية بالجزائر منذ خريف 1988، مرورا بإلغاء الانتخابات التشريعية في يناير 1992، فقد كرست الجزائر منذ محادثات الأمين العام السابق البيروفي "بيريز ديكولار" الطابع الثنائي للنزاع، طرفاه هما "المغرب والبوليساريو"، كما استطاعت الجزائر رفع مسألة الصحراء إلى "لجنة تصفية الاستعمار" رغم أن المادتين 10و11 من ميثاق الأممالمتحدة تنصان على انه "حينما يتولى مجلس الأمن مسألة ما، لا يجوز لباقي الأجهزة الاشتغال بتلك المسألة". مقابل دبلوماسية الهجوم الجزائرية، سلك المغرب إستراتيجية تتمثل في إغلاق ملف الصحراء، فأحرز مكسبا تجلى في نص "معاهدة مراكش 1989" في المادة 15 على "تعهد الدول الأعضاء بعدم السماح بأي نشاط أو تنظيم فوق ترابها يمس أمن أو حرمة تراب أي منها أو نظامها السياسي"، وهذا البند هو بدون شك الداعي إلى مناداة الجزائر منذ عامين بمراجعة ميثاق الاتحاد المغاربي. وفي ظل القيادتين الجديدتين المتمثلتان