حرب بلا هوادة ، تلك التي باشرتها السلطة المحلية ب " سيدي بيبي " ضد زحف الترامي غير المسبوق على الملك البحري العام بالشريط الساحلي لإقليم اشتوكة أيت باها . فإلى حدود الآن، وصل عدد البنايات غير المرخصة والتي تم هدمها بشاطئي "تيفنيت" و"سيدي الطوال " إلى نحو مائة بناية أقيمت على الواجهة البحرية بدون عقود ملكية ولا تقيدا بقوانين التعمير في الملك البحري. بنايات أقرب إلى " أكواخ " رغم تنصيبها بالياجور ، تتراوح مساحتها بين 25 و40 مترا مربعا ، لايحكمها أي تناسق أو تصميم ، وفي أحايين كثيرة لن تقف على صاحب البناية الحقيقي ، والذي غالبا ما يتوارى عن الأنظار بمجرد إتمام " صفقة البناء " مع واحد من المضاربين والسماسرة اللذين التقطوا ظروف الحراك الاجتماعي الأخير خطأَ وانخرطوا في إقامة " قبور حياة " على المقاس فوق هضاب رملية تحمل الموت كل لحظة . وما يزال البحث جاريا من لدن السلطات المعنية في شأن قضية ترتبط بالنصب والاحتيال والترامي على الملك البحري العام وتفويته للغير ، ويشتبه في ضلوع مجموعة من الأشخاص بمنطقة " سيدي بيبي " في تهييئ بقع أرضية وتفويتها لأشخاص آخرين مقابل مبالغ مالية،حيث شيدوا بنايات وصفت بالعشوائية بشاطئ " سيدي الطوال " ، المشتكون تفاجؤوا بعد إتمام عملية " شراء " بقع أرضية متواجدة بالشاطئ من لدن المتهمين ، بعدم وجود ما يثبت ملكيتهم لتلك البقع رغم الوعود التي قدموها بتحرير عقود البيع أثناء إتمام رسوم الملكية لصالحهم. الشريط الساحلي لاشتوكة ، والذي يمتد على طول 42 كيلومترا ، تعول عليه أربع جماعات محلية كرافعة اقتصادية وسياحية بالغة الأهمية ، خصوصا وأنه يحتضن قرى للصيادين فضلا عن نقط سكنية كثيفة . فبجماعة " سيدي بيبي " يتموقع شاطئي " سيدي الطوال " و " تيفنيت " اللذين يتوفران على مجموعة من الخصوصيات الجغرافية التي تجعلهما قابلين لتقديم منتوج السياحة الايكولوجية بامتياز، بالإضافة إلى قربهما من مدينة أكادير على بعد 30 كلم و25 كلم من مطار المسيرة الدولي . وبجماعة " إنشادن " القريبة ، تمتد منطقة "الدويرة " التي ينتعش فيها قطاع تسويق الصدفيات ومؤهلة لكي تصبح نواة لقرى النسيج التعاوني وفق إمكانات حديثة متعارف عليها دوليا في تثمين المنتوج البحري . ويدق كثير من الفاعلين التنمويين بالمنطقة ناقوس الخطر من تفاقم المشاكل المرتبطة بمهنيي الصيد التقليدي والمصطافين وهواة الصيد، وهي التي باتت تطرح تحديا كبيرا أمام مصير البرامج الخاصة بالإنعاش السياحي للواجهة البحرية ، دون إغفال مظاهر الإخلال بالبيئة ، وهو ما يمثل حاجة لإيجاد أرضية قانونية لحماية الواجهة البحرية من الاحتلالات غير المبررة والعقارات التي تجاورها من أي استعمال غير قانوني ووضع حد للترامي عليها . السلطات الإقليمية أقدمت على عقد اجتماعات حضرها المتدخلون في الملف ، شدد خلالها هؤلاء على ضرورة سلوك مسطرة تحديد الملك البحري العام وهو ما تم عبر شطرين ، يتعلق الأول بجماعة " إنشادن " على امتداد مسافة تصل إلى نحو 5.40 كيلو مترا ، وجزء من النفوذ الترابي لجماعة " سيدي بيبي " على مسافة تقدر بنفس سابقتها، بالإضافة إلى امتداد مسافة أخرى على نحو 6.21 كيلومترا بجماعة " سيدي وساي " . ويرتبط الشطر الثاني بالجزء المتبقي من جماعتي " سيدي بيبي " على مسافة تقدر ب 3.51 كيلومترا و " سيدي وساي " على نحو 5.37 كيلومترا فضلا عن الواجهة البحرية لجماعة " ماسة " على امتداد مسافة تقدر ب 14 كيلومترا . ترسانة قانونية أُنجزت لتحديد الشطر الأول من الملك البحري العام بهذه المنطقة ، خاصة فيما يرتبط بمراسيم المصادقة من بينها المرسوم الخاص بتحديد الجزء الواقع بتراب جماعة " سيدي بيبي " تحت رقم 2-08 – 304 ، وبخصوص الملك البحري المتواجد بجماعة " إنشادن " فقد حدد بموجب المرسوم رقم 2- 08 – 321 فيما لازال المرسوم المرتبط بتحديد الملك البحري الواقع بنفوذ جماعة "سيدي وساي " في طور المصادقة حيث تم تسجيل عدد من التعرضات . وفي إطار الشطر الثاني ، صدر مرسوم خاص بالجزء المتبقي من جماعة "سيدي بيبي " تحت رقم 2- 09 – 510 ، ومرسوم لتحديد الجزء المتبقي بجماعة "سيدي وساي " تحت رقم 2- 10 – 369 ، بالإضافة على مرسوم آخر لتحديد الملك البحري بجماعة " ماسة " تحت رقم 2 – 10 – 367 . مايقع الآن بهذا الشريط الساحلي ، يعتبر ، برأي المراقبين ، امتدادا واضحا للزحف غير المسبوق الذي دُشن بالواجهات البحرية في ضواحي أكادير الكبير ، خاصة بمناطق " أغروض " ، " إمسوان " و"أورير" ، إذ انتعشت جيوب سماسرة احتلال الملك البحري بدون سند قانوني ، حيث تتم معظم البيوعات شفويا وغالبا ما لايبرز في واجهة العملية دافع التكلفة . ولا يجد الزائر للمنطقة عنتا في الوقوف عند تفاصيل لوحة عمرانية تعتبر غاية في التشوه واللاتنظيم ، ويصعب المرور بين مسالكها . معظم عمليات البناء التي تتم في الظلام ، لا تحترم أدنى شروط السلامة إزاء أرواح العمال والمياومين أنفسهم ، وتقتنى غالبية مواد البناء لدى بائعي الخردة وفي مناسبات أخرى لايجد " مقتنصي " الفرص ، حرجا في الاستعانة ببقايا مواد البناء المتروكة في أملاك عمومية . بيد أنها عمليات، تقول عنها مصادر من المنطقة، مكنت من بعث انتعاشة عابرة في شرايين الدورة الاقتصادية المحلية لدى شريحة من الساكنة ، وهي التي يرزح السواد الأعظم منها تحت وطأة البطالة وانسداد آفاق الشغل، كما تسجل تكاليف التنقل واليد العاملة مؤشرات عالية . قد يتحول هذا الشريط الساحلي الواسع على " منطقة خارج القانون " في حال مرور هذا الزحف إلى سرعة ثانية، ويفتح مجالا آخر لشيوع ممارسات غير مشروعة فضلا عن حرمان العائلات المحترمة والمحافظة من التوجه إلى هذه الخلجان والمصطافات. ولم يترك هذا الوضع الشاذ، خيارا للسلطة المحلية التي تدخلت بشكل واسع ومنظم لتحرير الملك البحري العام بهذا الشريط وهي المبادرة التي يعتبرها معظم ساكنة المنطقة بمثابة تدخل لحمايتهم وحفاظا على حقهم في الاستمتاع بواجهة بحرية أريد لها أن تظل " جذابة " وقاطرة لجر مشاريع استثمارية تبقى المنطقة في حاجة ملحة إليها . احتلال الملك البحري العام بهذه المنطقة، يدفع كذلك السلطات المحلية إلى توجيه البرقيات إلى مصالح عمالة الإقليم التي تراسل المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل ، وإدارة المياه والغابات ، بالإضافة إلى المنتزه الوطني لسوس ماسة ، وذلك من أجل اتخاذ ما يتعين اتخاذه قانونيا في حق المخالفين والتعرف على هوياتهم . ومنذ مطلع السنة الجارية تم إصدار إشعارات بإعذار المخالفين المترامين على الملك العام البحري ، بلغت في المجموع 12 إعذارا ، وذلك بعدما تم توجيه نحو 33 إعذارا خلال السنة الماضية ، موزعة بين 17 بجماعة " ماسة " و 13 ب "إنشادن " و 9 ب " سيدي بيبي " ، بالإضافة إلى 6 إعذارات أخرى ب " سيدي وساي"، وكانت دورية وزارية تحت عدد 2259- 127 قد منحت ل " لجنة اليقظة " صلاحيات مراقبة المخالفات المقترفة على امتداد الشريط الساحلي للإقليم وإشعار السلطات المحلية بضرورة اتخاذ إجراءات قانونية في حق المترامين على الملك البحري العام من خلال القيام بالمتابعات القضائية لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بإنزكان والتي وصلت إلى أزيد من 70 شكاية ترتبط بنفوذ جماعات " سيدي بيبي ، ماسة و سيدي وساي" . وفي الأسبوع الأخير قامت السلطة المحلية ب " سيدي بيبي " بحجز كميات من " الياجور " في مستودعات خاصة قاطعة الطريق أمام شاحنات كانت تقل المادة المذكورة نحو الواجهة البحرية لاستغلالها في البناء غير المرخص وهي الآن عمليات لقيت استحسانا من لدن كثير من فعاليات المنطقة للضرب على أيادي عناصر لا تستنكف عن إتمام " صفقات الظلام " بطرق مشبوهة لتفريخ " البرارايك " بشكل قد يحيل المنطقة إلى فضاء " منكوب " . لا أحد الآن يستطيع الجزم بتفاصيل المشهد المرتقب لهذا الوضع الذي يلقي بظلاله الثقيلة على شريط ساحلي خطط له أن يصبح قطب الرحى لتعزيز حضور إقليم اشتوكة أيت باها داخل معادلة التنمية السياحية بجهة سوس ماسة درعة ، في انتظار ذلك، تظل " ماسيطة " السلطة المحلية وأعوانها " قاضية الغرض " ولو بعد حين .