صورة لمغاربة مشاركين من نشطاء المجتمع المدني بشكل مفضوح، وعلى الرغم من احتجاج عارم على انسياقها الأعمى وراء دعاية (البوليساريو) وصانعتها الجزائر، أقدمت مجموعة من الإسبان، أمس الأحد، على احتلال موقع الصدارة في صفوف الانفصاليين خلال افتتاح المنتدى الاجتماعي العالمي بدكار، أمس الأحد. وبذلك، تؤكد هذه المجموعة أنها أصبحت، بتمويل من عائدات النفط الجزائري، طرفا في نزاع الصحراء، وتكون قد أبدت تصميمها على صب النار على الزيت، والتشويش على مسلسل المفاوضات الجارية تحت إشراف الأممالمتحدة. هكذا، وخلال افتتاح المنتدى الاجتماعي العالمي، كان هؤلاء الإسبان أنفسهم وليس الصحراويون القادمون من تندوف، في مقدمة موكب الانفصاليين الذي أوفدتهم الجزائر للتشويش على هذه التظاهرة ذات الحجم العالمي. كما أن هؤلاء أنفسهم، وليس أفراد (البوليساريو)، هم من حمل لافتة كبيرة لوح بها مجموعة تتكون من نحو ثلاثين عنصرا. وعوض التنديد بالبطالة، التي تطال 20 في المئة من مواطنيهم، وبالانعكاسات الأخرى للأزمة الاقتصادية الخطيرة وغير المسبوقة التي تهدد بشل النظام المالي الإسباني، عمد هؤلاء النشطاء إلى استفزاز المتظاهرين المغاربة من خلال سلوكات صادمة ومشينة. ففي الوقت الذي تضاعف فيه الحكومة الإسبانية من نصائحها ل(البوليساريو) بتأييد مقترح الحكم الذاتي في الصحراء كأساس للمفاوضات، يواصل هؤلاء الأشخاص التغريد خارج السرب من خلال اجترار شعارات باطلة عفا عنها الزمن. وأمام هذا التجاوز المكشوف الذي ذهب إلى حد التلويح بأعلام جمهورية الوهم، في خرق سافر لميثاق المنتدى الاجتماعي العالمي وفي تحد سافر للمنظمين، لم يجد مناضلو المجتمع المدني المغربي الحاضرون بقوة في هذا الحدث، بدا من التحرك بحزم لإسكات أصوات هاته الشرذمة وإرغامها على الكف عن ترديد ترهاتها، معطين في ذلك درسا آخر في حب وطنهم والدفاع عن مقدساته. ولم يستسغ سينغاليون تصرف هذه الشرذمة، التي حاولت يائسة تسخير المنتدى من أجل الدعاية لأطروحات زائفة، حيث ندد محمدو لامين طال (طالب سينغالي سابق بالمغرب)، وهو يستشيط غضبا، بسلوك هذه "العصابة من الغوغائيين". وبعد إسكات هذه الأصوات النشاز، تابع المغاربة مسيرتهم في المنتدى بانسجام فائق، وأضفوا لمسة مميزة على هذا التجمع العالمي، بعد أن التحق بهم عدد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بدكار. وحضرت النساء المغربيات المشاركات ضمن الوفد المغربي إلى هذا المنتدى، بقوة في افتتاح التظاهرة، حيث أبدعن على مدى أربع ساعات في ترديد النشيد الوطني، والأغاني الوطنية الخالدة حول المسيرة الخضراء والصحراء المغربية. ومن بين هؤلاء المناضلين، فاعلون من المجتمع المدني من ضحايا الطرد التعسفي الذي أقدمت عليه الجزائر سنة 1975 ، نددوا بمعاناتهم المستمرة حتى الآن. وبجامعة الشيخ أنتا ديوب، نقطة نهاية المسيرة، استقبل المشاركون في خيام كبيرة عاشوا داخلها أجواء احتفالية مغربية. ويروم المنتدى الاجتماعي العالمي، الذي ينظم منذ سنة 2001، التفكير في "عالم آخر ممكن ومختلف عن ذلك الذي تتحكم فيه العولمة والليبرالية الجديدة المتوحشة". ويتعلق الأمر بإرساء مجتمع مدني وحركات اجتماعية كقوة اقتراحية قادرة على تقديم بدائل من أجل عالم تسوده القيم الانسانية الكونية عوض قانون السوق. وكان قرار انعقاد الدورة الحادية عشرة للمنتدى التي تتواصل بدكار حتى 11 فبراير الجاري، قد اتخذ خلال عقد منتدى حول الحركات الاجتماعية ببوزنيقة في شهر مارس 2010. ويعد المنتدى، الذي نظمت دورته الأولى في بورتو أليغري (البرازيل)، بديلا للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس (سويسرا) الذي يجمع سنويا أقطاب المال والاقتصاد في العالم.