و هي تمطر السماء تلهمنا ” الزموا بيوتكم” لا يوجد شيء عبثي في هذا الكون، كل ما يحدث له معنى و سبب حتى لو عجز عقلنا البشري على فهمه أو استيعابه. فالله سبحانه خالق هذا الكون و مدبره يرسل لنا آياته في كل لحظة. يلهمنا، يحدثنا بطريقته، يرحمنا، يساعدنا و يتوب علينا و يغفر لنا خطايانا. فمنذ الصباح و هي تمطر و تبرق، و في المطر رحمة. و تحت الظرفية التي نعيشها جميعا، في المطر رحمة زائدة. فصوت المطر جعلني أرتبط من جديد مع الطبيعة التي أحبها و أفتقدها جراء الحجر الصحي الذي نعيشه. فانغمست في التأمل في زخات المطر و هي تتهاطل بقوة و استمتعت بسماع زقزقة العصافير بين الفينة و الأخرى فغمرني إحساس بالسلام و السعادة و كأني في نزهة. المطر تحت هذه الظرفية، هو رحمة إضافية، فكأنه يدعو كل الساكنة أن تقبع في منازلها. بدا لي كأن الله يرسل جنوده من السماء ليساعد بلدنا الحبيب في حصر وباء كورونا، و قلت مع نفسي ” بمشيئة الله سننجو جميعا فقط علينا أن نعمل بالأسباب” . أعذر هؤلاء الناس الذين مازالوا يخرجون و يتجولون في الأحياء و يمارسوا حياتهم كأن لاشيئ تغير في العالم، أنا متأكدة بأنهم لا يريدون إيذائنا أو إيذاء أنفسهم أو إيذاء أقاربهم و أصدقائهم عن قصد. و لكنهم فقط ما زالوا تحت تأثير الصدمة. فهم لا يريدون أن يقنعوا أنفسهم بأن البلاد في خطر، حياتهم في خطر، أحباءهم في خطر، أباؤهم و أمهاتهم في خطر، مكتسباتهم في خطر، أبناؤهم في خطر، جيرانهم في خطر، أصدقاؤهم في خطر،…إنهم يهربون من واقع اللحظة بأن يغمسوا رؤوسهم في الرمل كالنعام. و لكن الهروب لم يكن يوما حلا. فيكفي أن نرى ما يحصل في إسبانيا و إيطاليا و فرنسا لندرك بأن فيروس كورونا أمر جلل. فرئيس فرنسا لم يصرح عبثا بأن بلاده في “حرب”. و اليوم لم تطلب منا الدولة أكثر من أن نلزم بيوتنا لتحارب هي و أطرها هذا الوباء قبل أن يتكاثر و يستفحل فتعجز عن مواجهته فنجد أنفسنا نتساقط اتباعا كالصراصير. فهل هذا كثير؟ لم تطلب منا أن نحمل الأسلحة، لم تطلب منا أن نترك منازلنا و نهيم في أرض الله الواسعة بدون ملجأ و لا مأوى، لم تطلب منا أن نمنحها كل مدخراتنا و أموالنا، لم تطلب منا أن نعطيها أبناءنا و أزواجنا ليذهبوا إلى ساحة المعركة. فقط طلبت منا أن نمكث في منازلنا. بالله عليكم، هل هذا كثير؟ في كل أسرة مغربية، يوجد طبيب أو جندي أو رجل سلطة. فمن أجلهم ألزموا بيوتكم. فكل مصاب إضافي بفيروس كورونا هو عبئ أضافي كان من الممكن تفاديه لو مكثتم في منازلكم. فارحموهم و امكثوا في منازلكم. يكفي ما يعانوه من ضغط يومي في هذه المرحلة فكونوا عونا لهم و لا تكونوا أنتم و فيروس كورونا عونا عليهم. فأرجوكم ارحموهم يرحمكم من في السماء و ” امكثوا في منازلكم”.