المتهم الرئيسي ابن كولونيل حاصل على الإجازة في الرياضيات ويتحرك بصفته طبيبا مختصا في عدة أمراض . لم يكن موظف بوزارة الخارجية يفكر في بيع سيارته من نوع مرسيدس C200، لولا أن شخصا غريبا طرق باب بيته بحي حسان بالرباط، ادعى أنه يبحث عن اقتناء سيارة ، وقال إنه يعمل قاضيا في إحدى المحاكم. كانت الساعة تشير إلى حوالي الرابعة بعد الظهر، وبدا لصاحب البيت الذي لم يعلن عن عرض سيارته للبيع أن الأمر قد يكون مغريا، خصوصا وأنه بصدد الانتقال للعمل خارج البلاد. تواعد مع الشخص الغريب، الذي زعم أن في إمكانه اقتناء تلك السيارة بمبلغ مائتي ألف درهم، على اللقاء معه مساء في مقهى في حي الرياضبالرباط، على أساس أن شقيقه القاضي سيكون حاضرا في الموعد لمعاينة السيارة. بعد لحظة، اقترح الشخص الغريب على بائع السيارة منحه مفتاحها بدعوى أنه نسي هاتفه النقال بداخلها، لأن الرجلين قدما إلى مكان الموعد على متن تلك السيارة. اعتبر موظف الخارجية الأمر عاديا وسلمه المفتاح، إلا أن ذلك الشخص أدار محرك السيارة واختفى عن الأنظار. مرت خمس دقائق ثم عشر، دون جدوى، وظل الموظف في الانتظار إلى أن سقط الظلام، ثم اتجه إلى أقرب مركز للشرطة لتقديم شكوى حول سرقة سيارته. ارتفاع الشكاوى ضد السرقة لم تكن تلك المرة الأولى التي توضع فيها شكاوى ضد سارق السيارات المحتمل، خصوصا وأنه يكاد يستعمل نفس الأسلوب ويكرر نفس الأخطاء، إلى درجة أنه لا يخفي ملامح وجهه في اليوم الذي يقرر فيه تنفيذ عملية السرقة، إلا أنه يحرص قبل ذلك على انتحال شخصيات وأسماء لاقتناص الفرص. لكن مواقع السطو على السيارات ستتوزع عند محاور محددة بين الرباطوالدارالبيضاء، وتحديدا بالقرب من المتاجر أو الشوارع الكبرى، حيث يسود الاعتقاد بأن الأماكن آمنة لا تطالها أيادي المتلاعبين. هذه الواقعة تعود إلى صيف 2009. أما الحكاية الثانية، فهي تخص صاحب شركة في الدارالبيضاء، وفي تفاصيلها أنه كان مارا بشارع 16 نونبر بالرباط في يونيو 2009، على متن سيارته من نوع (بي.م.دوبل في.اكس 5) واعترضه، حوالي الساعة الثانية فجرا، شخصان زعما أنهما رجلي شرطة بزي مدني يقومان بدور المراقبة، لبى صاحب الشركة طلبهما للقيام بتفتيشه، ونزل طوعا من سيارته، فما كان منهما إلا أن ركباها ثم لاذا بالفرار، وسجلت القضية ضمن ملف طويل عريض حول سرقة السيارات. في حكاية ثالثة أن شابة تقيم بالخارج قدمت إلى المغرب في صيف 2009، كانت تملك سيارة من نوع (كولف 5) تحت ترقيم إيطالي، وجرتها صدفة إلى الالتقاء بشخص في ملهى بمراكش عرض عليها مساعدتها من أجل تعشير تلك السيارة، وأغراها، في غضون ذلك، بالانتقال إلى مدينة الدارالبيضاء، لكنها ألحت على التوجه إلى طنجة، بالنظر إلى رغبتها في التوجه من هناك إلى إيطاليا على متن الباخرة. كانت السيارة تضم مبلغا ماليا يقدر بحوالي 20 ألف درهم ومجوهرات وملابس خاصة وضعت في صندوق من خشب العرعار، إضافة إلى بطاقة سحب بنكية من مصرف إيطالي وأخرى من بنك مغربي، كما كانت تحوي جواز سفر إيطالي وجهاز حاسوب محمول. في جزئيات أخرى أن ذلك الشخص الغريب حين التقى بها في مراكش أبدى إعجابه بها، وحرص على أن يعرض عليها قصة حياته، التي قال إنها فاشلة على صعيد الزواج، وأنه يرغب في الاقتران بامرأة جديدة. لم يكن يقدم نفسه بهويته الحقيقية، وكان يصر على أن يبدو «جنتلمان»، في انتظار سقوط الضحية، وهنا سيغير من أسلوبه، إذ سيصبح عاشقا ينتهي إلى سارق حدد أهدافه الأولى من وراء ربط تلك العلاقة العابرة. في طريقها إلى ميناء طنجة لركوب الباخرة المتوجهة إلى الجزيرة الخضراء، سلكت تلك الشابة الطريق الرابط بين مراكش، إلا أن الرجل الذي تعرفت عليه في ملهى بمراكش ألح في طلبها مرات كثيرة، وأذعنت في النهاية إلى ضرب موعد معه في الدارالبيضاء، وتحديدا قرب متجر «مرجان» في حي كاليفورنيا، حيث وجدته في انتظارها، ثم توجها معا إلى الرباط، ومكنته من سياقة السيارة، نتيجة بعض التعب الذي ألم بها بعد اجتياز الطريق بين مراكشوالدارالبيضاء، وكان سوق «مرجان» المطل على نهر أبي رقراق في الرباط أول محطة للتوقف بغرض اقتناء بعض الأشياء. كما في مثل سوابق أخرى، طلب منها ذلك الشخص مفتاح السيارة بدعوى أنه نسي هاتفه النقال، وقد غادر المتجر ولم يعد، فيما بقيت الشابة في انتظاره لتتأكد لاحقا أنه استولى على السيارة ومحتوياتها ولاذ بالفرار. سيناريوهات متنوعة يتعلق الأمر، إذن، بسيناريوهات طريفة ومأساوية في ذات الوقت، لكن التجربة ستعلم أحد ممتهني سرقة السيارات أن يختار طرائده بعناية ودقة، وفق أسلوب يكاد يتكرر بين حالة وأخرى، ويلتقي عند القدرة على المغامرة واستغلال ثقة الآخرين، خصوصا أولائك الذين يضعون إعلانات للعموم لبيع سياراتهم، قبل أن يكتشفوا أن أحد المشترين لم يكن سوى سارق ماهر يمتهن حرفة الإيقاع بالضحايا والزبناء. في تفاصيل حول اصطياد الزبناء أن المتهم الرئيسي، الذي حصل على تأهيل جامعي، من خلال حيازة الإجازة في علوم الرياضيات، كان يداوم على تصفح الإعلانات التجارية المنشورة في الصحف، خصوصا المتعلقة ببيع السيارات، بما في ذلك الإعلانات المنشورة عبر الشبكة العنكبوتية الأنترنيت، على صفحات موقع «سيارات المغرب»، ومن خلال اطلاعه على أشكالها وأنواعها، كان يختار ضحاياه. تبدأ العملية عبر الاتصال بالمالك أو المالكة، ويقدم نفسه باسم مستعار، وكثيرا ما كان يدعي أنه يمارس مهنة الطب، ويحرص، في غضون ذلك، على انتهاج أساليب ملتوية، لكن من دون أن يظهر أمام البائع، إلا في اليوم الأخير الذي يكون قد عقد فيه العزم على الإيقاع به، وبين دردشة وأخرى، يطلب إلى البائع تجربة السيارة عبر سياقتها لمسافة قصيرة. بعد أن يكون صاحب السيارة قد اطمأن إلى شخصه ورغبته المفتعلة في اقتناء السيارة، في ضوء تبادل الحديث حول السعر المقترح، يوقف السيارة عند الطوار، مدعيا أنه سمع صوت المحرك يهدر بعض الشيء، ثم يطلب من البائع أن يضع منديل ورق على مخرج الهواء، مما يضطره إلى النزول، بعد انطلاء الحيلة عليه، ثم يدوس المتهم على فرامل السيارة وينطلق بعيدا، تاركا صاحبها في حيرة من أمره. أول عملية يقدم عليها المتهم هي إغلاق هاتفه النقال، الذي كان وسيلة الاتصال المفضلة، ومن أي مكان ينطلق الرجل في اتجاه مدينة تازة، بعد أن يكون ضرب موعدا مع شخص يدعى الشريف كان يقتني منه السيارات الفارهة المسروقة. بداية التعرف على الشريف وجاء في إفادات قضائية أن المتهم تعرف على المدعو الشريف بإحدى حانات عين الدياب في الدارالبيضاء، وأبدى له هذا الأخير اهتماما باقتناء سيارات معينة، ثم منحه رقم هاتف نقال للاتصال به، بمجرد أن تكون البضاعة جاهزة وتجري عملية التسليم عند مخرج مدينة تازة، وغالبا ما يكون ذلك في الساعات الأولى من الصباح، حيث يتسلم المتهم مبلغا ماليا ويعود أدراجه إلى الدارالبيضاء التي كان يقيم بها، أو إلى أي مدينة أخرى يختارها. كانت أول عملية انطبقت عليها هذه المواصفات، تهم سرقة سيارة من نوع مرسيدس 220، فقد تعرف المتهم على سيدة بمدينة المحمدية، عرض عليها مرافقته إلى مطعم، وفيما كانت تلك السيدة منشغلة بالكلام المعسول والتهام الطعام، وضع يده على مفاتيح السيارة وادعى أنه سيغيب لفترة لا تزيد عن دقيقتين، امتطى السيارة وأدار محركها وانطلق في اتجاه مدينة تازة. في مرة أخرى لفت نظره وجود سيارة معروضة للبيع وعليها رقم هاتف للاتصال. كانت من نوع فولكسفاكن غولف 05. اقترب من السيارة كمن يرغب في معاينتها، فحضر شخص قدم نفسه أنه صديق مالكها وعرض عليه التوسط لمقابلة صاحب السيارة، مادام يرغب في اقتنائها. في الموعد المحدد حضر المتهم على متن سيارة من نوع مرسيدس كان يستخدمها في تنقلاته المريبة، وادعى أنه يرغب في اقتناء السيارة المعروضة للبيع لفائدة زوجته، ثم عرض عليه أن يتوجها معا على متن نفس السيارة إلى مسكن أصهاره الافتراضيين لعرضها على زوجته. وكي لا تخالجه أي شكوك، ترك سيارة مرسيدس التي كان يستعملها في عهدته، وطلب منه انتظاره عند ملتقى أحد الشوارع قريبا من مسكن لا وجود له إلا في مخيلته. وفر هاربا بالسيارة في اتجاه تازة ، تاركا صاحب السيارة في انتظار من لا يأتي أبدا. على موقع الانترنت سيتوقف صاحبنا أمام سيارة من نوع غولف 05. متوقفة في شارع رئيسي في الدارالبيضاء، تقدم إلى صاحبها مدعيا أنه دكتور في الطب، وعبر عن رغبته في اقتناء تلك السيارة، إلا أن صاحبها لم يعره أي اهتمام، فقد كان منشغلا بالحديث عبر الهاتف. تنبه المتهم إلى أن مفتاح السيارة يوجد في مكانه، وبخفة انسل إلى داخلها وأدار المحرك، تاركا الرجل الذي لم يهتم بكلامه مشدوها أمام مشهد لم يتخيل حدوثه أبدا. هذه المرة ستكون السيارة من نوع فولكسفاكن بساط اتصل بمالكها وضرب معه موعدا، قرب المركز التجاري بشارع 2 مارس في الدارالبيضاء، قدم نفسه على أنه طبيب بمستشفى ابن رشد، وأنه يريد اقتناء تلك السيارة لزوجته. في اليوم الموالي التقى الرجلان بشاطئ عين الذئاب. يعيد المتهم تكرار نفس السيناريوهات. طلب إليه تجربة السيارة، قم أوهمه بأن محركها يعتريه عطب ما، ويصدر منه دخان كثيف، ثم طلب منه النزول للتأكد من هذا الحالة التي قال أنها أثارت شكوكه حول سلامة محرك السيارة. وبسرعة استحوذ على المقود ثم لاذ بالفرار، وانتقلت السيارة مثل سابقاتها إلى ملكية المدعو الشريف الذي كان ينتظره عند مخرج تازة التي يبدو أنه اختار لها اسما آخر غير»صابون تازة» لعله سيارات تازة المسروقة. لكن الغنيمة لم تقتصر على السيارة، بل شملت جهاز (دي. في. دي) وجهاز GPRS ودفتر شيكات في اسم مالك السيارة الحقيقي. على موقع الانترنت دائما سينتبه إلى عرض سيارة من نوع BMW. قدم نفسه إلى صاحب السيارة على أساس أنه دكتور في الأمراض الصدرية يقطن بمدينة المحمدية، ثم أبدى رغبته في اقتناء سيارته، وكما هي العادة تمنى عليه سياقة السيارة لتجربتها، إلا أن صاحبها أصر على مرافقته عبر جولة شملت شوارع عديدة. لكنه بعد توقف السيارة هم بالنزول ليعود إلى كرسي القيادة، فاستغل صاحبنا الفرصة، أغلق الباب وأطلق سيارته المسروقة للريح. سيكون له موعد هذه المرة مع سيارة لاندروفر رباعية الدفع، عثر على وصائفها في موقع على الأنترنت، أدار قرص الهاتف وحدد موعدا مع البائع في شارع المسيرة الخضراء بالدارالبيضاء، استعار صفة طبيب مختص في طب الأطفال لإشعار البائع بنوع من الألفة، اتفق معه على كلفة الصفقة بحوالي 40 مليون وضرب الرجلان موعدا، كان في حقيقته نحو المجهول. لم يشأ صاحبنا بترك الفرصة تمر، لذلك فقد حدد صاحب السيارة موعدا مساء نفس اليوم. وكما في تجارب السابق، فقد ادعى أنه يريد أن يشرك زوجته الافتراضية في اختيار نوعية السيارة التي تشتهيها. توجه الرجلان معا إلى أحد الأحياء ادعى المتهم أن زوجته تقيم به، ومن أجل طمأنته حرر له شيكا بمبلغ 20 ألف درهم على حساب صاحب سيارة سابقة كان سرقها منه. وإمعانا في الاحتيال أبدى أمامه شكوكا بأن صوتا ينبعث من مكان السيارة، ثم طلب منه وضع منديل لاكتشاف مكان الخلل، وحين كان صاحب السيارة يدعن إلى ذلك السيناريو، دهس على فرامل السيارة وانطلق بعيدا كما في التجارب السابقة. لكن المدعو الشريف هو من قدم هذه المرة من تازة إلى حي الألفة في الدارالبيضاء لاستلام الغنيمة في مقابل قدر من المال تم الاتفاق عليه.