لم يكن يدري (م.ع) الذي تم اعتقاله على يد عناصر أمن مدينة الناظور نهاية شهر يوليوز من سنة 2007 بعد حوالي سنتين من فراره وبحوزته بندقية صيد غير مرخصة، أن غرفة الجنايات بالدرجة الابتدائية بمحكمة الاستئناف ستحاكمه رفقة عصابته المكونة من 21 شخصا، بما مجموعه 112 سنة سجنا نافذة بتهم متعددة. فيما برأت ساحة أربع متهمين كانوا يتابعون في حالة سراح لأجل شراء المسروقات. نصيب (م.ع) المتهم الرئيسي في هذه القضية 18 سنة جاء اعتقال (م.ع) على يد عناصر الضابطة القضائية التابعة للأمن الإقليمي بمدينة الناظور نهاية شهر يوليوز من سنة 2007 بعد حوالي سنتين من فراره وبحوزته بندقية صيد غير مرخصة، وذلك إثر إيقاف ذراعه الأيمن (ن.ز) الملقب ب«ولد لعروسية» رفقة ثلاثة أشخاص آخرين. بعد تعميق البحث معهم صرحوا للمحققين بأن (م.ع) يوجد بشقة يكتريها بمدينة الناظور، ليتم على الفور حوالي الساعة الثلاثة صباحا محاصرة الشقة المذكورة، وبعد مداهمتها تم اعتقال السجين الفار. وحسب مصدر أمني، أبدى (م.ع) مقاومة كبيرة ضد رجال الأمن، مما تسبب له بجروح على مستوى رجله أرغمته على الخضوع للعلاج قبل التحقيق معه. كما اعتقلت مصالح الأمن ذاتها خمسة أشخاص آخرين من أعضاء الشبكة، وقد حجزت لدى المعتقلين سيارتين مسروقتين من النوع الرفيع، ليتم ترحيل المعتقلين العشرة إلى مدينة وجدة للتحقيق معهم من طرف الضابطة القضائية التابعة للأمن الولائي بوجدة. (م.ع) كان موضوع عدة مذكرات بحث على الصعيد الوطني صادرة عن الأمن الولائي بوجدة والأمن الإقليمي بتازة تاوريرت وكذا عن مصالح الدرك الملكي بالمدن ذاتها، كما استمعت الضابطة القضائية إلى دركيين وثلاثة من رجال الأمن وردت أسماؤهم على لسان المتهم قبل أن يقرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بوجدة عدم متابعتهم. البدايات الأولى وكان (م.ع) قد أوضح في رسالة كيفية دخوله عالم الإجرام، فبعد توقفه عن الدراسة سنة 1995 أخذ يشتغل في مجال التهريب قصد إعالة عائلته الفقيرة التي كان ينفق عليها كل مداخليه، قبل أن يهاجر سريا إلى الديار الأوربية على متن قوارب الموت انطلاقا من مدينة طنجة، حيث أقام (م.ع) لأزيد من سنتين بإسبانيا بدون وثائق إقامة، خلال هذه المدة اشتغل في العديد من المجالات، مما جعله يتمكن من جمع مبلغ مالي محترم ليقرر بعدها العودة إلى وطنه صيف سنة 1997. وفور وصوله اقتنى قطعة أرضية بنى فوقها منزلا لعائلته ليضع حدا لمعاناتهم مع الكراء، وكي يتمكن من إعالة عائلته المكونة من والديه وأخته الصغرى وابن أخيه اشترى سيارة وعاد لممارسة التهريب من جديد، حيث أخذ ينشط في مجال تهريب الأحذية الرياضية والآلات الإلكترونية والسجائر، واستمر الحال على ما هو عليه إلى أن تم اعتقاله من طرف جمارك مدينة بني انصار سنة 1998، وأدين بالسجن النافذ لمدة سنة واحدة قضى منها ستة أشهر، كما تم حجز سيارته والسلع التي كانت على متنها، والتي فاقت قيمتها المادية 21 مليون سنتيم. معانقة التهريب مباشرة بعد إطلاق سراحه عاد (م.ع)إلى ممارسة نشاط التهريب، مبتدئا من نقطة الصفر إلى أن تمكن من جمع مبلغ من المال اشترى به سيارة أخرى، ليدخل في مسلسل تهريب الملابس والأحذية الرياضية إلى غاية منتصف سنة 2000، حيث القي عليه القبض مجددا من طرف جمارك مدينة احفير الحدودية، لتتم إدانته من جديد بالسجن النافذ لمدة خمسة أشهر مع حجز سيارته والسلع المهربة التي فاقت قيمتها 52 مليون سنتيم مع تغريمه 57 ألف درهم أداها لفائدة إدارة الجمارك، لتتوالى عملية اعتقاله من طرف عناصر الجمارك بالجهة الشرقية. وكان في كل مرة يتم اعتقاله يبدأ من الصفر بعد خروجه من السجن حتى جاء اليوم المشؤوم الذي كان بمثابة تحول جذري في حياته، حين دبت النيران في سيارته التي كان يستعملها في التهريب وبداخلها ما قيمته 14 مليون سنتيم من السجائر المهربة من مدينة مليلية المحتلة، حيث كاد أن يفقد عقله، ليتحول بعد ذلك من مهرب يعمل لحسابه الخاص إلى سائق لسيارة معدة للتهريب في ملكية أحد بارونات التهريب بإقليم الناظور مقابل 700 درهم عن كل عملية. واستمر الوضع على هذا المنوال إلى أن أخبره والده بأن أحد الأشخاص تقدم ضده بشكاية يتهمه من خلالها أنه أقدم على سرقة سيارته من نوع مرسيدس. وما زاد من معاناته النفسية، وهو ما ساهم بدوره في ولوج عالم الجريمة، هو قيام عناصر الدرك الملكي قبيل تقديمه للعدالة بتكبيله من رجليه ويديه وإركابه في سيارة شحن من نوع مرسيدس 207 والطواف به وسط المدينة وأبواب السيارة مفتوحة وعرضه أمام الملأ على أنه زعيم أكبر شبكة لسرقة السيارات. كما أنه ظل بعد اعتقاله رهن الحراسة النظرية لمدة ثلاثة أيام دون أن يحقق معه أي مسؤول أو دركي، وسجلوا ما أرادوا من أقوال وتصريحات بالمحاضر المنجزة دون أن يرد ذلك على اسمه، ولما أحس المتهم بأنه لا محالة سيدخل في متاهة لا مخرج منها، قام بالفرار من مركز الاعتقال قبل إحالته على النيابة العامة. استمر (م.ع) على هذا الوضع وراء القضبان إلى أن جاء اليوم الذي أخبره مدير السجن بأنه مطلوب لدى الوكيل العام للملك باستئنافية تازة، وقد صدر حكم غيابي ضده بالسجن النافذ لمدة 18سنة سجنا. نزل الخبر الفاجعة على منير كالصاعقة وأخذ يتخيل نفسه بعيدا عن ابنه الوحيد وزوجته لما يقارب العقدين من الزمن، وهو الذي لم يكن يتبقى له من المدة الحبسية المحكوم بها سوى أشهر معدودات. أخذ يفكر ليل نهار دون أن يغمض له جفن في والديه المسنين اللذين قد يفارقان الحياة وهو مازال خلف القضبان وفي ابنه الوحيد وزوجته، وبعد طول تفكير قرر (م.ع) الفرار، حيث استغل انشغال الموظفين بالسجن المحلي بوجدة تهييئا للحفل الذي كان سينظم في اليوم الموالي بالمعقل احتفالا بعيد المولد النبوي ليقدم على الفرار باستعمال أحد السلالم ليتم اعتقاله بعد عامين عقب هذه المحاولة.