بين ليلة وضحاها، اكتشف السكان «الأصليون» ل«عين القليعة»، كما يحب الرئيس أن يسميها أمام المقربين منه، أن قريتهم الصغيرة، التي كانت تحفّ بها الضيعات والحقول،قد تحولت إلى جماعة حضرية يفوق عدد سكانها 60 ألف نسمة.. كان قدر القرية أن تتحول الحقول البلاستيكية إلى عامل جذب قوي حمل إليها من جميع الأعراق ومن كل مناطق المملكة خليطا بشريا يصعب صهره في بوثقة واحدة، في ظل الظروف التي تعيشها هذه الجماعة التي أصبحت مدينة لكنّ «أسمال» القرية ما زالت عالقة بكل أطرافها.. عندما تسأل المهتمّين من أبناء هذه القرية /المدينة، يوجهون أصابع الاتهام لرئيس المجلس البلدي، هذا الموظف السابق في شركة العمران، وهو في الخمسينات من عمره، استحوذ على كرسي هذه البلدية للولاية الثانية على التوالي منذ 2003. ليست للمقابر حرمة من الملفات التي تعرف كثيرا من الجدل داخل هذه المدينة /القرية قضية التعمير. تم تداول أحاديث كثيرة وتوجيه اتهامات بالجملة بخصوص ملفات التعمير، خاصة أن مدينة القليعة لم تتحول إلى مركز «حضري» إلا خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة سنة 2009. ومن بين الملفات التي صادفتْنا ونحن نبحث في هذا الاتجاه، قضية منح رخص للبناء دون احترام المسافة القانونية عند محيط مقبرة «سيدي داود»، والتي توجد داخل المدار الحضري، حيث أقدم الرئيس على تسليم رخص للبناء دون ترك المسافة القانونية، المحددة في 30 مترا.. وعندما عرضنا الأمر على الرئيس، من أجل أخذ رأيه في الموضوع، أجابنا بسؤال يطلب أن نمنحه رقم رخصة سبق له أن سلمها في محيط المقبرة، فكان ذلك جوابه على قضية تتوفر الجريدة على تصاميم تشير إلى وجود بنايات في محيط المقبرة، حيث لا يتجاوز المسافة 10 أمتار، ليبقى الأمر مفتوحا أمام الجهات المختصة، للتدقيق أكثر في الموضوع. بضعة شبان لحماية الأمن تم تحويل شركة للأمن الخاص التي كان من المقرَّر أن تقوم بمهمة الحراسة الليلية في مدينة القليعة إلى شركة، وقد فسر المتتبعون ذلك بكون الرئيس لجأ إلى تغير الإطار القانوني من شركة إلى جمعية من أجل التملص من الضرائب ومن التبعات القانونية لتوظيف الحراس، حيث قام بعد تشكيل جمعية المواطنة للأعمال الاجتماعية، التي يشغل أخ الرئيس أمين مالها. وفي اجتماع في مقر الجماعة الحضرية بتاريخ 17 شتنبر 2010، حضرته 13 جمعية من الجمعيات الخاصة بتوزيع الماء الصالح للشرب، تعهدت هذه الجمعيات بتخصيص مبلغ 1500 درهم شهريا كمساهمة لفائدة جمعية المواطنة للأعمال الاجتماعية، التي تعهّدتْ بالسهر على أمن سكان الجماعة، عن طريق توفير حراس ليليين. وإضافة إلى المبالغ التي تعهدت بدفعه الجمعيات سالفة الذكر، لجأت جمعية المواطنة إلى استخلاص مبلغ 20 درهما عن كل بيت ومحل تجاري. ومن المؤاخذات المسجَّلة على عمل الجمعية استخلاصها مَبالغَ مالية من السكان خارج أي إطار قانوني، في ظل غياب الأمن في مجمل الأحياء، حيث يقتصر عمل الحراس الليلين -حسب إفادة بعض السكان- على الحي الذي يسكنه الرئيس وعلى الأزقة المجاورة له!... كما يتم التضييق على الحراس الليليين القدامى، الذين سبق أن كانوا يؤدون مهمة الحراسة الليلية بين أزقة المدينة، وهناك غياب الشفافية في التسيير المالي لهذه الجمعية، التي يسيرها مقرَّبون من رئيس الجماعة الحضرية. كما سُجِّل مؤخرا عدم توصل مجموعة من الشباب الذين استخدمتهم الجمعية كحراس ليليين بمستحقاتهم كاملة، كما تم تسجيل مجموعة من حالات الاعتداء على المواطنين من طرف بعض المحسوبين على أنهم حراس ليليون. ومما سيزيد الوضع الأمني في «المدينة» تفاقما امتناع بعض الجمعيات عن أداء مساهماتها، بعد أن سجلت عدم جدية جمعية المواطنة في أداء مهام الحراسة الموكولة لها داخل جماعة حضرية يفوق عدد سكانها 60 ألف نسمة. وفي تعليقه على هذه النقط، أشار الرئيس إلى أن هؤلاء الشبان تفرقوا بعد أن عجزت الجمعية عن أداء أجورهم، وذكر أن المدينة تحتاج إلى مركز للشرطة من أجل استتباب الأمن ولم يُخفِ رغبته في أن يتم التعجيل بذلك. سياسة العقاب الجماعي من بين المشاكل المطروحة كذلك حرمان حي «بن جراي العزيب» من الاستفادة من المحول الكهربائي، والانقطاعات المتكررة في الكهرباء فيه الحي، رغم أن هذا المحول تم إنجازه بمساهمة السكان، حيث إنهم فوجئوا بأن منازلهم يتم تزويدها بالكهرباء عبر المحول القديم، في حين يتم تزويد أحياء مجاورة من المحول الجديد الذي أنشئ أصلا لتخفيف الضغط على المحول القديم، الذي تسبب في انقطاعات متكررة أدت إلى إتلاف العديد من الأجهزة المنزلية. بخصوص هذه المشكلة، اعترف الرئيس بأن هناك فعلا مشكلا وأكد أن المسؤولية يتحملها المكتب الوطني للكهرباء. كما سجل على الرئيس امتناعه عن تزويد بعض الأفراد برخص الربط الكهربائي، وقد وصلت بعض هذه الحالات إلى المحاكم وصدرت فيها أحكام ضد الرئيس وضد بعض السكان المغلوبين على أمرهم ممن تم حرمانهم لكنهم لم يجرؤوا على إيصال قضاياهم ضد الرئيس إلى المحاكم وفضلوا العيش في ظلام دامس وسط «مدينة» القليعة... رخصة بناء في الشارع العام وجه سكان «حي العزيب» في القليعة شكاية لعامل عمالة إنزكان يعرضون فيها لمخالفة في التعمير أقدم عليها أحد السكان الجدد في الحي، حيث أقدم هذا الأخير على حفر أساسات بناء مسكن له يستحوذ ضمن مساحته على مترين من مساحة الزقاق العامّ، الأمر الذي ترتّب عنه تضيق مساحة الزقاق وتشويه الواجهة ومخالفة الاصطفاف المعمول به داخل الحي، علما أن جميع سكان الحي قد سلكوا جميع المساطر القانونية أثناء البناء، بما في ذلك رخصة البناء والتصميم واحترام المسافة القانونية المخصصة للزقاق، حفاظا على المنظر العام. وبناء على هذه الشكاية، انعقد بتاريخ 06/05/2010 في مقر قيادة القليعة اجتماع حضره كل من ممثل قسم التعمير والبيئة في العمالة وممثل الجماعة الحضرية القليعة وممثل الوكالة الحضرية في أكادير وممثل المحافظة العقارية والمسح العقاري في إنزكان وسجل غياب المهندس الطبوغرافي الذي أعد التصميم الخاص بالمنزل موضوع الشكاية. وقد لاحظ أعضاء اللجنة، بعد معاينة الموقع، أن هناك تصفيفا قائما، في حين أن البناية موضوع الشكاية لا تحترم هذا التصفيف واقتطعت مترين من مساحة الزقاق المحددة في ستة أمتار. وطالب حينها أعضاء اللجنة بإيقاف الأشغال من طرف المصالح الجماعية والإدلاء بتصميم تعديلي لاحترام التصفيف القائم. كما أكد محضر معاينة تم إنجازه من طرف مفوض قضائي لدى المحكمة الابتدائية في إنزكان بتاريخ 19/04/2010، أن الأمر يتعلق فعلا بحفر أساس البناء، كما سجل المفوض عدم تعليق رخصة البناء بعين المكان من طرف صاحب المنزل، كما أن الأساس الذي تم حفره لم يكن متوازيا طولا وعرضا مع بقية البنايات المجاورة، حيث إن الزقاق يظهر واسعا بمساحة ستة أمتار من جهة المنازل المبنية، بينما تظهر ضيقة في جهة البناية التي تجري بها أشغال البناء. وعلمت «المساء» في نفس السياق أن المصالح الجماعية لم تقم بتنفيذ مقتضيات محضر الاجتماع السابق ولم تقدم على توقيف الأشغال، كما لم تُلزم صاحب المحل بالإدلاء بتصميم تعديلي، كما تتوفر «المساء» على صور تظهر بجلاء المخالفة المعمارية التي أقدم عليها صاحب البناية و»تستّرت» عليها المصالح الجماعية. لكن الرئيس يرى أن بقية السكان هم من خالف الاصطفاف وليس الشخص المعني بالأمر، وأظهر تصاميمَ يقول إنها تؤكد كلامه، لكن يبدو أن أهل الاختصاص هم الأَولى ب»كشف المستور» في هذا الملف. حفر من المياه العادمة من المشاكل العويصة التي تعاني منها مدينة القليعة افتقادها لقنوات الصرف الصحي، حيث إن السكان يلجؤون إلى حفر «مطامر» من أجل صرف المياه العادمة من البيوت، وهي «المطامر» التي تحولت إلى قنابل موقوتة تهدد المدينة بتلوث خطير مع كل فصل ماطر، فقد أدت هذه المطامر إلى إزهاق أرواح بعض المواطنين، إذ لقي عاملان حتفهما بعدما انفجرت إحدى هذه «المطامر» عندما كانا يحفران «مطمورة» إضافية إلى جانبها، فأدى الانفجار إلى إغراقهما في المياه العادمة، وكان الحدث فاجعة بالنسبة إلى كل من عاينه أو سمع به. عندما طرحنا هذا المشكل على الرئيس، أجابنا بأنه راسل وزارة الطاقة وكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، التي أجابته بأن التطهير السائل في القليعة تمت برمجته في إطار مخطط الوزارة لسنة 2011 /2012. الرئيس يتتبع «كعكة» الأحزاب قرر رئيس جماعة القليعة مؤخرا أن يغير انتمائه السياسي من الحزب العمالي إلى التجمع الوطني للأحرار، وعندما سئل عن هذا التغير، أشار إلى أن مشاكل جماعته لا يمكن أن يحلها مع حزب يعيش خريفه السياسي، وعندما أعدنا طرح السؤال عليه، شعر ببعض الحرج، قبل أن يجيب، مؤكدا أنه عاد إلى حزبه الأصلي وأن «خروجه» من الأحرار إلى الحزب العمالي كان الغرض منه بعث «رسائل» إلى من يهمه الأمر، خاصة أنه استطاع الوصول إلى البرلمان واستعادة منصبه كرئيس للبلدية، رغم خروجه من الأحرار، أما الآن فقد عاد إلى «الحالة الطبيعية». الأزبال وعربات مجرورة بالدواب تبلغ كمية الأزبال التي تنتجها بيوت ودكاكين مدينة القليعة حوالي 40 طنا يوميا، وهي الكميات ما تزال تحملها العربات المجرورة بالدواب أو بالجرار، وما زال السكان يعانون من تراكم الأزبال في الشوارع. وبخصوص هذه النقطة، أكد الرئيس أنه بصدد اقتناء ثلاث شاحنات، وأضاف مهندس البلدية أن المصالح المختصة في البلدية بصدد إنجاز دراسة عملية جمع النفايات المنزلية وإيجاد حلول للمطارح العشوائية التي تملأ أرجاء المدينة. السوق المركزي.. الورقة «الرابحة» منذ سنة 2006، ما زالت أشغال بناء هذه السوق تراوح مكانها، كما أن آمال العديد من التجار ما تزال معقودة عليه لينقذهم من الأكواخ التي تعجّ بها الأزقة، إلا أن أشغاله لم تكتمل بعدُ. وقد وجدنا لهذا التعثر في إنجاز المشروع تفسيرين اثنين، أحدها ما يروجه السكان والمتتبعون للشأن المحلي، الذين يرون أن الرئيس يماطل في إتمام السوق، لأنه يستعملها كورقة انتخابية، حيث استعملها في سنة 2007 للوصول إلى البرلمان واستعملها سنة 2009 للعودة إلى رئاسة الجماعة في ولاية ثانية... لكن الرئيس له تفسير آخر، حيث أكد أن ميزانية الجماعة لا تسمح باستثمار مَبالغ كبيرة من أجل إنجاز هذا المشروع، لذلك تم اللجوء إلى إنجازه عبر أشطر، وأكد أن آخر الصفقات المتعلقة بهذه السوق تم إطلاقها في 28/12/2012.