أحيت الطريقة الصوفية العلوية المغربية، برحاب زاويتها بمدينة تاوريرت، ليلة العاشر من محرم لعام 1438 ه الموافق لليلة 12 أكتوبر 2016 م، أمسية روحية بمناسبة حلول السنة الهجرية المباركة، بحضور فضيلة شيخ الطريقة و ممثلها العام بالمملكة الشريف سيدي الحاج سعيد ياسين. و يدخل تنظيم هذه الأمسية الروحية المباركة في إطار البرنامج القار للطريقة، حيث تنظم هذه الليلة بداية كل سنة هجرية، من أجل التذكير بقيمة الزمن، وتعاقب الأيام على العباد، والتنبيه إلى استغلال كل وقت من أوقات العبد المؤمن (وذكرهم بأيام الله).
يتم اختيار شعار لكل موسم، وذلك من أجل ربط المريد بحدث الهجرة، ليس كفعل ضارب في التاريخ فحسب، ولكن كمحطة روحية، يستلهم منها كل مريد نفحات روحية، ودروس وعبر، يستعين بها على تقويم مساره في طريق ربه، وشعار هذا الموسم كان " الهجرة: سلوك ويقين". فالسلوك كيفما كان نوعه قولا، فعلا، اعتقادا أو قصدا، عبارة عن مجموعة من المراحل يجب أن يمر بها العبد أو المريد، من أجل الوصول إلى الغاية و المبتغى. و السلوك في الحياة اليومية للمريد، يتجلى في العمل بما يعلم، مقتديا بمن عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم. أما اليقين فيتجلى بالحفاظ على مجاهدة النفس و بغلق باب الشك للوصول إلى مقام القرب و الشهود و الاصطفاء لتعلم أنه الحق (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ). الآية.
و أكد مقدم زاوية الطريقة الصوفية العلوية المغربية بمدينة تاوريرت السيد الحاج محمد مستعين أن زاوية الطريقة بمدينة تاوريرت تتشرف بتنظيم هذا الاحتفال السنوي من أجل المحافظة على تراث و ثوابت الامة و تقريب مفهومهما لشباب اليوم.
انطلق الحفل بتلاوة القرآن ثم ذكر و سماع و مديح والصلاة على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وبعد استرسال الحضور في أمداح وسماع خاشع تهيأت الأحوال و ارتفعت الهمم إلى إقامة حضرة ربانية أضفت جوا من السكينة والطمأنينة والصفاء على الحفل.
و جاءت كلمة فضيلة شيخ الطريقة الصوفية العلوية المغربية و ممثلها العام بالمملكة، في سياق شعار الموسم، حيث تقدم فضيلته في استخلاص دروس وعبر من الهجرة النبوية المباركة، حتى خلص فضيلته إلى أن الهجرة مستمرة باستمرار الدنيا، وكل مسلم مطالب بهجر ما لا يرضي ربه، والتمسك بحبل الله المتين، والهجرة نحو البحث عن الحقيقة حيثما كانت. هذه الحقيقة لا تدرك إلا بصحبة العارفين بالله. و على المريد أن يكون له يقين الوصول إلى مقام القرب و الشهود و الاصطفاء.
و ألقى الأستاذ العيساوي و الشيخ لخضر الذرفوفي كلمات بالمناسبة تمحورت حول الهجرة النبوية و فضل الصحبة. و قد تلى السيد عمر برقية التهنئة بحلول السنة الهجرية و الولاء و الإخلاص المرفوعة باسم فضيلة الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين إلى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وقد امتلأت الليلة بتلاوات بينات من الذكر الحكيم، وأمداح نبوية إلى ساعات متأخرة من الليل حيث خشعت النفوس و لانت الجلود و رفعت الأكف، والقلوب مبتهلة إلى بارئها متضرعة إلى مولاها، بأن يرزق أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس العز والنصر والتمكين وأن يبارك خطواته الميمونة وأن يديم عليه موفور الصحة والعافية والسعادة والهناءوأن يحفظ ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن ويشد عضده بشقيقه الأمير مولاي رشيد وباقي الأسرة الملكية الشريفة.
إن الهدف الأسمى للطريقة الصوفية العلوية المغربية من هذا الاحتفالات و الملتقيات هو غرس المحبة في قلب المريد و إذكاء روح العمل و العبادة لدى الفرد، و مواكبته للتطور و المساهمة في .تنمية محيطه مع الحفاظ على هويته و الدفاع عن ثوابت الأمة
و معلوم أن الطريقة الصوفية العلوية المغربية تأسست منذ أكثر من مائة عام و شيخها الحالي وممثلها العام و بالمملكة المغربية هو الشيخ الشريف سيدي الحاج سعيد ياسين و سندها متصل خلفا عن سلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها عدة زوايا في مختلف جهات المملكة يسيرها "مقدمين" حيث تقام لقاءات أسبوعية للذكر و الفكر.