يروى عن الإمام علي (رضي الله عنه وكرم الله وجهه) أنه قال: «لو كان الفقر غولاً لقتلته»، ويروى عنه أنه قال: «عجبتُ ممّن لا يجد قوت يومه لا يخرج شاهرًا سيفه». ولو تأملنا قصص الثورات التي حدثت في مختلف أنحاء العالم لوجدنا أن الفقراء هم وقود الثورات، وأن الثورات العظيمة قامت من أجل رغيف خبز، فحرمان المرء من حاجاته الضرورية يسبب له القلق والتوتر، ومن ثم يؤدي إلى العنف والثورة، لكن الكثير من الفقراء مغيّبون بدعوى القضاء والقدر والنصيب.. وكما قال الكاتب الراحل نجيب محفوظ في روايته الشهيرة «البداية والنهاية»: (من يستسلم للأقدار يجعلها تتمادى في طغيانها). والفقر آفة الآفات في دول العالم الثالث. البعض يعزوه إلى قلة الموارد، والبعض الآخر يرجعه إلى كثرة عدد السكان، وآخرون يقولون إن السبب في انتشاره هو سوء توزيع الثروة، وكثرة الفساد الإداري والمالي، والأسباب متعددة لكن النتيجة واحدة، فالفقراء في هذه الدول يزدادون فقرًا والأغنياء يزدادون غنًى. والفقر وتضاؤل الموارد المالية عند الكثير من الأسر في المجتمعات الإسلامية يؤدي إلى تفكك هذه الأسر وكثرة حالات الطلاق والأمية والبطالة، وانتشار الجرائم والسرقات. أما عن كيفية علاج الفقر، فيكون بعدة وسائل، أبرزها الحث على العمل وعدم الاتكال على الآخرين، ووجوب إخراج الزكاة من قبل الأغنياء، والحث على كفالة الأيتام والصدقات وكفالة الأرامل، وتحريم الربا والقمار، وتحريم الغش في التجارة والبيع والتكافل بين أفراد المجتمع الواحد، وتنمية المشاريع للحد من البطالة. ولعل أهم وأنجع الحلول لمشكلة الفقر هو تطبيق العدالة في توزيع الثروة بين المواطنين، فليس من المعقول أبدًا أن تعيش نخبًا معيّنة في المجتمع في أقصى درجات الرفاهية والغنى، بينما تعيش الغالبية من المواطنين وهي تلهث من أجل توفير لقمة الخبز. العدالة الإلهية والعدالة الإنسانية تقتضيان إعادة توزيع الثروة بحيث يحصل المرء العادي على وظيفة مناسبة وسكن لائق ومعيشة كريمة، وإلا فإن المجتمع عاجلاً أو آجلاً سوف يتعرض إلى هزات وثورات وانتفاضات تزلزل أمنه الاجتماعي وتقضي على استقراره. الفقر يعني شهر السيوف في وجه الظلمة وسراق الثروة؛ لأن الفقر يعني الجوع، و«الجوع كافر» كما يقول المثل العربي الشهير.