تربية الأبناء ليست بالأمر الهين، فهي مسؤولية كلا الأبوين ؛ وينبغي تأديتها على الوجه الأكمل . ففي حالة استحالة العلاقة الزوجية بينهما ووصولهما إلى الطلاق تبقى هذه المسؤولية عاتقا على رقابهما. إلا إنه للأسف الشديد، وفي كثير من الحالات يعتقد بعض الرجال أن مهامهم ومسؤولياتهم انتهت بانتهاء الرابطة الزوجية دون الفصل بين علاقتهم بطليقاتهم وبين مسؤولياتهم إتجاه أبنائهم والتي تظل واجبة عليهم حتى بلوغهم سن الرشد وأحيانا أكثر ؛ بل وهناك من يلجأون الى بعض الأساليب الخبيثة والملتوية قصد التملص منها ومن دفع النفقة التي لا تغطي حتى عشرة بالمائة من ملتزمات الأولاد الثقيلة، معتقدين أن هذه النفقة ستغني الأمهات، ناسيين أنهم لن ولم يستطيعوا أن يجازونهن ولو مقدار ذرة على جهدهن حتى وإن منحوهن معاشهم بكامله . لأن سهر الليالي والقلق المستمر إذا مرض أحد الأبناء وغيره من مشاكل الحياة لا يقدر بالمال. في الوقت الذي تجدونهم ينعمون مرتاحي البال، في نومهم أو في سهرهم مع الأصدقاء، بكل حرية، وهذه عادة متفشية بكثرة عندنا، فالأم هي المسؤول الأول والأخير في كل الأحوال، فهي من تستيقظ باكرا مهما تعطلت أوقات نومها من أجل الاعتناء بالأولاد ومرافقتهم الى المدارس وكم من أم صعب عليها ذلك عندما لا يكون الأولاد في مدرسة واحدة لكن الله المستعان مادام العبد لا يعير الأمر أدنى إهتمام وبالتالي تجد نفسها حبيسة لائحة الاهتمامات اليومية بما فيها عناء المواصلات صباحا ومساء وتدبير البيت من طبخ وتنظيف وكوي الملابس وهي أيضا من تقوم بدور المدرس لمساعدتهم في دراستهم والتمارين المسائية وغيره من الأعمال الشاقة والمنهكة للأسرة إذا كان فيها وفاق ومساعدة فما بالك لفرد واحد؟ فهي تقتل بداخله الروح وتجعله آلة لقضاء الحاجات اليومية. في كثير من الأحيان وهذه من الأمور التي تعيشهن السيدات المطلقات، لا يجوز لهن المرض والتزام الفراش لأن الواجب الأسري وتحملهن المسؤولية لوحدهن يمنعانهن حتى من أبسط الحقوق بل أكثر من ذلك وإن زارهن يوما ملك الموت لأخد أرواحهن سوف تتوسلهن مهلا بهن حتى تطعمن أولادهن. إذن أيها الرجل -ولا أعمم النداء- المتملص من مسؤولياتك أنظر جيدا لهذه المرأة التي جعلتها منافسا وعدوا لك وهي من تحملت بكل صبر مسؤوليتها ومسؤوليتك إتجاه أبنائكما لن توفيها قدر عملها لأنها تجاوزت كل الأدوار المنوطة بها فهي الممرضة والمربية والحاضنة والمنظفة ووو رغم ما تراه فيها من عيوب. فهي الأم التي لن تطلب منك تعويضا مهما لحقها من ضرر من معاملتك السيئة لها وسهرها وتفاني شبابها من أجل تربية أبنائها. ولكن أنت ملزما أمامها وأمام الله احترامها والرحمة بها ومد يد المساعدة لها فيما يخص الأولاد والإطلاع على احتياجاتهم المادية والمعنوية في حدود ما أمر به الله وشرعه القانون حتى يسود الإحترام بينك وبينها دون المساس بحياتها الشخصية كأنثى فلها مثل حقوقك في إيجاد النمط الذي تراه يتماشى مع حياتها مثلك تماما. وعليه فكلما أرتاحت في حياتها انعكس ذلك على معاملتها لاولادكما. كل التقدير لكل أب وكل أم تحملا مسؤوليته مهما كانت الظروف صعبة. برأيكم هذا التقصير في أداء المسؤولية ناتج عن ماذا ؟؟ (التربية ....إنعدام الشغل...... المسطرة القانونية..الغيرة ....)... أم ماذا ؟ من المتضرر أكثر نساء الوطن أم اللواتي بالغربة ؟؟ وهل التقصير يشمل الجانب المادي أم المعنوي أم كلاهما معا ؟؟. لم أقم إلا بتسليط الضوء على الموضوع بأسلوبي البسيط لأترك المجال للأصدقاء الأعزاء للمناقشة والتحليل لنستفيد جميعا كالعادة مع كل احتراماتي وتقديري لكم .