في فصل جديد من المواجهة بين السلطات المغربية وجماعة العدل والإحسان المحظورة، وهي من أكبر التنظيمات الإسلامية المعارضة، تدخل عناصر الأمن بالقوة لمنع أعضاء الجماعة من الاعتكاف بمساجد عدة في أنحاء البلاد. وأعلنت الجماعة على موقعها الإلكتروني أن المعتكفين أُخرجوا بالقوة من 12 مسجدا في الليلة الأولى من العشر الأواخر لرمضان بمساجد مدن وجدة وبركان وتاوريرت وزايو وأحفير ومداغ الواقعة شرقي البلاد. وقالت إن قوات أمنية تم استقدام بعضها من مدن أخرى شاركت في عمليات إخراج المعتكفين. واعتبرت الجماعة هذا المنع "خطوة خطيرة تمس الأمن الروحي للمغاربة". وتنظم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الوصية على قطاع المساجد سنة الاعتكاف بموجب قرار إداري، وتعلن مندوبيات الشؤون الإسلامية أيام قبل العشر الأواخر من رمضان من كل سنة فتح باب الاعتكاف إحياء لهذه السنة بمساجد حددتها لهذا الغرض، وتشترط على الراغبين في الاعتكاف أن يقدموا طلباتهم إلى المندوبيات في أجل محدد مصحوبين بطلب خطي ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية. الحمداوي: لا هدف سياسيا للجماعة من الاعتكاف (الجزيرة) خرق واضح ووصف القيادي في جماعة العدل والإحسان محمد الحمداوي تدخل القوات العمومية لإخراج المعتكفين بالقوة من المساجد بأنه "خرق واضح" لحق المغاربة في ممارسة الشعائر الدينية. وقال الحمداوي إن رجال الأمن طردوا جميع المعتكفين ولم يميزوا بين المنتمين لجماعة العدل والإحسان أو غيرهم من المواطنين، مشيرا إلى أن المنع شمل في حصيلة أولية المعتكفين في حوالي عشرين مسجدا بمختلف المدن المغربية. وبشأن ما إذا كان المعتكفون حصلوا على ترخيص من الجهات المعنية بالاعتكاف، قال الحمداوي إن القيام بهذه السنة لا يحتاج إلى ترخيص مثلما لا يحتاجه أداء الصلوات الخمس، مشيرا إلى أن هذه الشعيرة تتم تحت إشراف إمام المسجد الذي تعينه وزارة الأوقاف ويتم خلاله قراءة القرآن الكريم والصلاة فقط دون أن تتخللها دروس أو أنشطة أخرى. وأشار إلى أن السلطات ترفض الاستجابة لطلبات مواطنين للاعتكاف من دون تقديم مبرر، كما أنها منعت في السنوات الماضية آخرين حصلوا على ترخيص من دخول المساجد. ونفى المتحدث أن يكون للجماعة هدف سياسي من إحياء هذه السنة، موضحا أنها تنظم أنشطتها في فضاءاتها الخاصة وترفض استغلال المساجد من أي طرف سواء الدولة أو التنظيمات السياسية. ضبط المجال الديني وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية عبد الحكيم أبو اللوز إن الدولة تنظم سنة الاعتكاف في المساجد بقرار إداري، وذلك في إطار سعيها منذ أحداث 16 مايو/أيار 2003 الإرهابية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء لضبط وتقنين المجال الديني. وأوضح أبو اللوز أن جماعة العدل والاحسان تلجأ إلى الدستور والقانون الذي يضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية للدفاع عن حق أعضائها في الاعتكاف، بينما تقوم الدولة بالمنع لدواع سياسية وأمنية محاولة منها لتفادي أي استغلال للمساجد من طرف الجماعة. أبو اللوز: الدولة تنظم الاعتكاف بقرار إداري (الجزيرة) وميز أبو اللوز في تدبير الشأن الديني بالمغرب بين القوانين والقرارات الإدارية، وقال إن تنظيم سنة الاعتكاف بقرار إداري يعني أن الدولة تريد أن تبسط يدها على الحقل الديني إلا أنها لا تسن من أجل ذلك قوانين قد يبدو فيها مساس بحرية ممارسة الشعائر الإسلامية. فهذه القرارات -بحسب الباحث- هي درجة من الضبط تمكنها من درء شبهة تضييقها على الناس. مواجهة سنوية وتتكرر في السنوات الأخيرة المواجهة بين جماعة العدل والإحسان والسلطات بسبب منع أعضاء الجماعة من الاعتكاف في المساجد خلال العشر الأواخر من رمضان. وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق قد أعلن في تصريحات صحفية سابقة أن وزارته لا تمنع الاعتكاف وإنما تحاول تنظيمه، وذلك بحصر لائحة المساجد المفتوحة لهذا الغرض، مؤكدا أن "الاعتكاف يجب أن يكون من أجل الاعتكاف وليس لشيء آخر". نقلا عن الجزيرة 2018/06/08