يجب أولا أن نفرق بين معنيين للثروة، الثروة الطبيعية، والثروة الاجتماعية. إن الطبيعية هى مصدر كل الثروات ، المواد الخام، الزراعة الأرض والماء والهواء. والأشياء الموجودة فى الطبيعة هى التى يتم تحويلها إلى سلع عن طريق العمال. الأرض فى الصحراء لا ثمن لها، والملح فى البحر والاكسجين فى الهواء، والماء فى الأنهار، الأسماك فى الماء، الحيوانات فى الصحراء. الحديد والمعادن الأخرى فى بطون الجبال . الطبيعة إذن – وليس العمل أو الإنسان- هى المصدر الحقيقى لكل الثروات. إذن الصياد فى صيد الأسماك، والحفارون فى الجبال لاستخراج المعادن والقائمون باستخراج وتنقية الملح من الماء، حرث الأرض ورمى البذور وحصاد الثمار، ومعالجة المعادن لجعلها جاهزة لصناعة معينة، تقطيعها وتركيبها فى أجهزة معينة، وتحلية الماء للشرب، وصيد الحيوان، وتربيته وذبحه وتجهيزه. كل هذه الأعمال التى طوعت الطبيعة تمت بإضافة عنصر بشرى إلى مواد الطبيعة، عنصر العمل الإنسانى الذر يقوم به أفراد الطبقة العاملة. أى أن كل جزء تم “تطويعه” من مواد الطبيعة يحتوى على ” وقت وجهد” مجموعة من العمال ولم يعد بالتالى طبيعة “خام”. هذا العمل “المبذول” ينجح فى تحويل الأشياء الطبيعية إلى أشياء قابلة للاستهلاك، أى أنه يعطيها “قيمة استعمالية” وبدون وجود تلك القيمة الاستعمالية، أى قابلية الأشياء للانتفاع بها، لا يكون لها أى قيمة اجتماعية أو أى ثمن، حيث لا يقدم أحد على شراء أشياء لا يمكن الانتفاع بها، وتلك “المنفعة” جاءت ثمرة العمل المبذول لتحويل الأشياء الموجودة فى الطبيعة إلى أشياء يمكن الانتفاع بها. نستنتج إذن أن: الطبيعة هى المصدر الخام للثروة، ولكن الثروة الطبيعية ليس لها أى فائدة اجتماعية من الناحية الاقتصادية، وذلك لأنها إما أن يتم تحويلها من خلال العمل، أو موجودة بوفره دون بذل أى جهد أيا كان مثل الأكسجين فى الهواء أو الطاقة الشمسية أو الضوء الصادر عن الشمس والقمر. الثروة الاجتماعية إذن هى التى تتكون من أشياء (تحتوى بالضرورة على عمل بشرى) قابلة الاستهلاك، وتقدر اقتصادياً بقدر ما بذل فيها من جهد، أو بقدر العمل المبذول فيها. ووقت العمل المقصود هنا هو المدة اللازمة لإنتاج توب نسيج مثلاً. هذه المادة لها متوسط يحدده مستوى تطور الأدوات ومتوسط الجهد البدنى للعامل، فعامل مريض أو كسول يمكن أن يعمل 8 ساعات فى توب بينما لا يحتاج سوى 6 ساعات من عامل صحته جيدة ونشيط. وكذلك عامل سريع الحركة ونشيط جداً قد ينتجه فى 5 ساعات فقط، وإذا كان يوجد آلات حديثة لغزل النسيج يغزل عليها كمية معينة (100 توب مثلاً) فى 6 ساعات ويباعون بمائة جنيه، وآلات أخرى قديمة تنتجهم فى 20 ساعة .. فإن المصنع الأخير مضطر إما أن يبيع اتوابه المائه بنفس سعر المنتج الآخر أو أن يغلق مصنعه أو أن يستخدم آلات حديثة تصنع المائة توب فى 6 ساعات فقط. هكذا يتحدد وقت العمل المطلوب (حسب درجة التطور) فى مجتمع معين لإنتاج كمية معينة من السلع، أما وقت العمل الزائد عن المطلوب اجتماعياً( مثل فرق ال20 ساعة من ال 6 ساعات المذكورين) ليس له أى قيمة. الآلات هنا تلعب دوراً مساعداً للعمل البشرى، أى البشر هم اللذين ينتجون، ولكنهم ينتجون بواسطة الآلات. وأصحاب العمل فى حاجة إلى أن يطوروا آلاتهم باستمرار حتى يخفضوا عدد ساعات العمل ويزيدوا من كمية الإنتاج دون حاجة إلى الزيادة فى وقت العمل( وقت العمل مدفوع الأجر، وكلما كان أطول كلما احتاج العمال لعمال أكثر لزيادة الكمية فى نفس الوقت.. إنه تخفيض لتكاليف الإنتاج). وهذا “الجهد” المبذول فى “وقت” عمل محدد هو الذى يتيح تحويل المواد الطبيعية إلى مواد قابلة للاستهلاك مثل تحويل الصوف أو القطن إلى قماش. وبالتالى يجعل لها “قيمة اقتصادية”. هكذا فالطبيعة هى مصدر كل الثروات الخام، والعمل هو مصدر كل الثروات الاجتماعية.. الطبيعة تعطى مواد لا أكثر، والعمل هو الذى يحول هذه المواد إلى منافع.. إلى قيم اقتصادية… إلى أشياء مطلوبة يرغب آخرون فى شراءها.. إلى ثروة اجتماعية . img class="rg_ic rg_i" style="width: 290px; height: 174px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px;" src="https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRDlPKwJBmCb3-fGmROpKLza780v_YLRLFaC2Fd5-izswyYRgYO" alt="Résultat de recherche d'images pour "الثروة"" name="DpYNbJdgEU6E1M:" data-src="https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRDlPKwJBmCb3-fGmROpKLza780v_YLRLFaC2Fd5-izswyYRgYO" data-sz="f" /