يتعرض الأشخاص ذوو الاحاجات الخاصة كل يوم للتمييز و لعوائق تقيد مشاركتهم في المجتمع على قدم المساواة مع غيرهم ، و يحرمون من حقوقهم في الإندماج في نظام التعليم العام و في التوظيف و في حرية التنقل و في المشاركة في الأنشطة الرياضية و الثقافية و في التمتع بالحماية الاجتماعية . فالإنسان سواء أكان من ذوي الاحتياجات الخاصة أم لا ، له الحق في الحياة و التعليم و العمل ، و هذه الحقوق لا بد أن تكفلها الدولة و لا تسمح لأحد بالمساس بها ، فالأشخاص من ذوي الإعاقة قادرون على الانخراط في مجتمعهم و إثبات ذواتهم ، فمن خلال دعم الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة و مساندته يستطيع أن يقدم لمجتمعه الكثير من التقدم و الازدهار. -شفقة الناس تحبطني : ثرية شابة في مقتبل العمر ، أجلسها المرض على كرسي متحرك، بصوتها الذي تغلب عليه نبرات الحزن ، تحدثت إلينا عن الظروف الصعبة التي عانتها لإيجاد عمل بعد سنوات من البحث ، حيث عملت سكرتيرة عند أحد المحامين و عند سؤالها إن كانت قد لاقت صعوبة في ممارسة مهنتها ؟ ، أجابت أنها كانت تمارس وظيفتها على أكمل وجه غير أنه ما كان يصيبها بإحباط نظرات الأشخاص لها بنوع من الشفقة تارة و الاستغراب تارة أخرى . -بسبب اعاقتي لا قيمة لي وسط المجتمع : يقول مهدي ذو 18 سنة بعد سؤاله عن سبب انقطاعه عن الدراسة ، و هل كان للإعاقة التي أصابته دورا في ذلك ؟ "كأغلب التلاميذ في سني و التي تنحذر من أسر فقيرة ، كنت أستغل في الصيف في مزاولة إحدى المهن ، و كنت أفضل النجارة "حيث كتعجبني ديك حرفة بزاف " ، لكن للأسف أثناء عملي في إحدى محلات النجارة المنتشرة بقرب من مقر سكني ، تعرضت للإصابة أثناء قطع الخشب نتج عنها بتر يدي اليمنى ، و هو الأمر الذي عجل بمغادرتي لمقاعد الدراسة من السنة الثالثة إعدادي ، بسبب أني وجدت صعوبة في الكتابة بيدي اليسرى و تعرضي للتهكم من طرف زملاء القسم "كنت نجي نكتب بيدي ليسرية و كنت كنلقا صعوبة نشد ستيلو بيها و نكتب ، و كانت أستاذة تتقولي واش هذا خط تلميذ في تاسع إعدادي ، و دراري تيضحكو ، تعقدت و خرجت من لقرايا " . و عند سؤاله عما يقوم به الآن ، و هل حصل على تعويض عن حادث الشغل بعد تعرضه للإصابة أثناء مزاولته للنجارة ؟ أجاب مهدي " لم أحصل على أي تعويض ، فقد كنت أمارس هذا العمل في محل لا يتوفر على أدنى درجات السلامة و التأمين ، أما هذه اللحظة فإني أشعر أني مجرد شخص إضافي ، فهذا العالم لا يقدم شيئا خاصة مساعدة أسرته الفقيرة . " تنحس براسي معنديش قيمة فهد لبلاد ، تا والديا مكنلقاش باش نعاونهم ". الإهمال و التهميش الصحي : فاطمة تبلغ من العمر 47 سنة ، تزاول مهنة الخياطة ، صادفتها في أحد المتاجر المتخصصة في بيع الأثواب بدرب عمر ، ألقيت عليها التحية فإذا بها تجيب بصوت حنون " و عليكم السلام أ بنتي " ، كانت سيدة متوسطة القامة ، سمراء اللون ، ترتدي جلبابا مزركش الثوب و تضع حجابا أسود اللون على وجهها الذي كان يتصبب عرقا بسبب حرارة الجو ، قمت بسؤالها بضع أسئلة لتجيب بحزن أن لها طفلا معاقا حركيا منذ الصغر ، و يبلغ الآن 12 سنة . فاطمة تجد صعوبة في التوفيق بين الاعتناء بابنها و أدائها لعملها ، و خاصة أنها امرأة أرملة تعيل 3 أبناء ، و مدخولها اليومي من الخياطة لا يكفيها ، تضيف قائلة " مخليت تا باب دقيتو و كاع جمعيات مشيت ليهم ، و لكن مكنلقا تا دعم و لا مساعدة " . تشتكي فاطمة من غلاء الأدوية و الحفاظات التي تستعملها بشكل يومي لإبنها ، و كذا من غلاء حصص الترويض الذي يحتاج لها إبنها مرتين في الأسبوع على الأقل ، و لعوز الحالة المادية فمنذ سنوات لم يمارس إبنها أي حصة ترويضية . تصرح بصوت تعيس و ملامح متعصبة "الدولة مكتقدم تا يد مساعدة لأسر ذوي الاحتياجات الخاصة ، و الشخص المعاق في المغرب كيكون مهمش من ناحية التعليم و التطبيب و الدعم المادي ، إلى كانت الأسر ميسورة الحال راه كتقدر تحقق حاجيات ولدها المعاق ، و لكن أسر فقيرة لفحالي كتعاني ، و ربي معين ليها" . الحرمان من حقي في التعلم و التنقل : يعتبر عبد الرحمان حالة من بين آلاف الحالات من الطلبة المكفوفين الذين يعانون من الإقصاء و التهميش داخل المجتمع ، انقطع عن الدراسة ليعمل كبائع مناديل ورقية قرب مقر البرلمان بالرباط ، فبعد فتح حوار معه ، عرفت أنه عجز عن الاستمرار في دراسته الجامعية بشعبة الآداب منذ 3 سنوات ، بسبب صعوبة التنقل في المواصلات العامة و إكراهات متابعة وتيرة الدروس الجامعية في ظل غياب مراجع مكتوبة بطريقة برايل و أشرطة دروس مسجلة ؛ بالإضافة إلى معيقات أخرى جعلت من متابعة الدراسة له أمرا صعبا و التفوق فيها شيئا مستحيلا ، ليستطرد قائلا بصوت حزين : لم نكن نستطيع نحن المكفوفين تدوين الدروس بينما الأستاذ يلقي المحاضرة ، لأن الكتابة بطريقة برايل بطيئة شيئا ما . -نظرة المجتمع حول زواج المعاقين : رضا و منى زوجان مقعدان في مقتبل عمرهما ، تزوجا عن حب بعد تعارف دام لمدة سنة ، تقول "منى" ذات 25 سنة، صادفت رضا في معهد لتعليم الموسيقى ، كنت مولعة بعزف البيانو، و بعد فترة وجيزة زاد تعارفنا و جمعتنا عدة هوايات و اهتمامات مشتركة. ليقاطعها رضى قائلا : منذ أول ما لمحت "منى" أثارت إعجابي بابتسامتها الدائمة و ما زاد تعلقي بها أكثر هو عزفها الجيد على البيانو . قمت بطرح بعض الأسئلة عليهما حول نظرة المجتمع لزواجهما و كذا ردة فعل أقاربهما حول هذا الزواج ، ليجيبا بابتسامة عارمة إن النظرة في مجتمعنا هي نظرة معيقة للزواج ، تحدينا الصعوبات الاجتماعية ، و علاقتنا القوية جعلتنا لا نأبه لنظرة المجتمع الخاطئة، أما بالنسبة لأفراد عائلتنا و أقاربنا فقد دعموا اختيارنا و لم يقفوا موقف التحدي . لتضيف منى : أنا سعيدة بزواجي ، و إعاقة الجسد لم تكن يوما عائقا في بناء أسرة كنتمنى من أي بنت أو ولد في وضعيتي يلقاو شريك حياتهم يبغيهم و يتقبلهم رغم إعاقتهم و نقولها و نعاودها الإعاقة هي إعاقة الفكر و ماشي جسد ، لتستطرد قائلة (و كنتمنى من الله ارزقني بشي بنيتة ) . -"الله كبير " : عبد الله ، يبلغ من العمر 52 سنة ، يشتغل حارس سيارات في إحدى أحياء مدينة الدارالبيضاء ، يجلس على كرسي متحرك ، مرتديا سروالا أسود اللون و بلوزة زرقاء خاصة بمهنته ، و يضع قبعة بيضاء على رأسه لتقيه من أشعة الشمس الضارة . بصوت مغموم و ملامح تجسد الحزن و الألم و قساوة الأيام يحكي عبد الله عن سبب اشتغاله في حراسة السيارات بعدما كان عاملا في إحدى شركات صناعة السيارات بمدينة طنجة ، عانى منذ سنوات من مرض السكري الشيء الذي سبب له بتر رجله اليمنى بعد تعفنها نتيجة إهماله ، و عند رجوعه للعمل بالشركة تفاجأ بطرده بذريعة عدم تمكنه من أداء عمله جيدا بسبب إعاقته . يضيف عبد الله " عانيت من التهميش ، كاع البيبان طرقتها ، عندي 4 وليدات و مزال كيقراو ، مبغيتش نحسسهم بنقص و لا نكون سبب يخرجو من قرايتهم ، الحمد لله عوناتني مراتي تكرفسات و خدمات في ديور تا سهل الله فهد خديمة كنترزق منها ، الله كبير و مكينساش عبادو " . صمت قليلا ليسترجع ذكرياته المرة ليتابع " مني تقطعات رجلي لقيت صعوبة باش نشري كرسي متحرك ، بقيت فترة طويلة كنعتمد على عكاز في تنقل حتا يسر الله فواحد محسن و قدم ليا كرسي متحرك ، و الله كبير " . رغم تعرض عبد الله للتهميش و الطرد من عمله دون أي تعويض أو شفقة ، رغم تغير مجرى حياته من إنسان بكامل قواه الجسدية إلى إنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة ، فلم يفقد إيمانه بالله ، حيث كان يردد بقناعة في كل تصريح له " الله كبير و مكينساش العباد تاعو " . يعتبر عبد الله حالة من بين آلاف الحالات التي عانى أصحابها من التهميش و النكران و الطرد من عملهم بعد إعاقتهم لكونهم سيصبحون عالة ، و سيعتبرون كأئهم ناقصون غير قادرين على الإنتاج بكفاءة .