طنجة- نجح التنسيق الوثيق بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني في توجيه ضربات نوعية واستباقية إلى الشبكات الإجرامية المتخصصة في تهريب والاتجار بالمخدرات على الصعيدين المحلي والدولي. ومنذ بداية العام الجاري، توالت العمليات التي قامت بها مختلف المصالح الأمنية، ما أسفر عن إحباط عدد من المخططات الإجرامية وتفكيك شبكات متخصصة في الاتجار في مخدر الشيرا والأقراص المهلوسة والمخدرات القوية. وفي الوقت الذي كانت فيه عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أمس الجمعة، منتشرة بمنطقة طماريس (الدارالبيضاء) ووزان وشفشاون من أجل إجهاض مخطط إرهابي خطير وتفكيك خلية إرهابية مكونة من سبعة أفراد موالين لما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية"، كانت فرقة من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية تقود تدخلا جنوب مدينة طنجة لتفكيك شبكة إجرامية متخصصة في تهريب المخدرات على الصعيد الدولي. وأسفرت هذه العملية النوعية، التي جرت بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عن حجز 9 أطنان و 122 كيلوغراما من مخدر الشيرا موزعة على 288 رزمة كانت معدة للتهريب على متن الزوارق المطاطية السريعة عبر سواحل طنجة. وتتوفر هذه الشبكة، التي تتخذ من ضيعات فلاحية بقرية "الدعيدعات" (حوالي 20 كلم جنوبطنجة)، على موارد لوجستية مهمة وضعت الأجهزة الأمنية اليد عليها بفضل اليقظة والعمل الأمني الاستباقي الرامي إلى تضييق الخناق على الأنشطة العابرة للحدود لشبكات تهريب المخدرات. فضلا عن توقيف 5 أفراد من الشبكة، تم خلال العملية أيضا ضبط ثلاثة زوارق مطاطية ومعدات للملاحة البحرية عبارة عن منبهات ضوئية وبوصلة و20 برميلا مملوءا بالمحروقات وكذا جهازين للاتصال اللاسلكي، إلى جانب قاطرة شاحنة، و8 مقطورات من الحجم الكبير، وأربع سيارات، ولوحات ترقيم مزورة، ومجموعة كبيرة من الأسلحة البيضاء من مختلف الأحجام، ومعدات أخرى لتسهيل أنشطتها الإجرامية. تفكيك هذه الشبكة وضبط هذه الكمية المهمة من المخدرات لم يأت من باب الصدفة، بل هو نتيجة عمل استخباراتي دقيق وترصد دام لعدة أيام، وفق تصريحات والي أمن طنجة بالنيابة، المراقب العام محمد الحموشي، لوكالة المغرب العربي للأنباء. من جانبه، أشار العميد الإقليمي عبد الكبير فرح، رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بطنجة، أن الأمر يتعلق ب "عملية نوعية مشتركة" بالنظر إلى قيمة وكمية المجوزات وعدد الموقوفين. واعتبر المسؤول الأمني أن توفر الشبكة على زوارق مطاطية ذات محركات دفع قوية وشاحنات ومقطورات وعتاد لوجستي كبير يفيد بأن الأمر يتعلق بشبكة إجرامية تشتغل في تصدير المخدرات عبر الطرق البحرية بالزوارق أو عبر الطرق البرية باستعمال شاحنات النقل الدولي. بإحدى الضيعتين موضوع العملية، قامت عناصر الأمن بتفكيك ورشة تلحيم مخصصة لإعداد تجاويف داخل مقطورات شاحنات النقل الدولي بطريقة احترافية، والتي بإمكانها إخفاء كميات كبيرة من المخدرات بهدف تهريبها عبر الموانئ، كما عثر على مخزون كبير من الأشرطة اللاصقة البلاستيكية وبالونات المطاط، وهي من الأدوات المستعملة في تلفيف المخدرات، وكذا سيارات رباعية الدفع معدلة النوابض لنقل المخدرات. وبالفعل، فقد مكنت العمليات الميدانية أو عمليات التفتيش والمراقبة الحدودية من تشديد الخناق على هذه الشبكات الإجرامية، حيث تم في يوليوز الماضي حجز كمية قياسية من المخدرات بميناء طنجة المتوسط بلغ وزنها الإجمالي 27 طنا و300 كيلوغرام من مخدر الشيرا، تم ضبطها على متن 16 حاوية حديدية محملة على متن ثلاث شاحنات للنقل الدولي كانت في طريقها نحو الموانئ الإسبانية. أما في شهر يناير، فقد قامت المصالح الأمنية بحجز 13 طنا و750 كيلوغراما من مخدر الشيرا بميناء طنجة المتوسط، قبل أن تقود التحريات والأبحاث بشأن هذه العملية إلى ضبط أزيد من 15 طنا من المخدرات بضعة أيام بعد ذلك في إحدى الشاحنات المتوقفة بمرأب عمومي بطنجة. وتشمل هذه الجهود الأمنية أيضا حماية التراب الوطني من مخاطر المواد الكيميائية المخدرة والأقراص المهلوسة، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية في هذا الصدد من إحباط عملية إدخال 568 ألف قرص من مخدر الإكستازي إلى التراب الوطني في يونيو الماضي عبر ميناء طنجة المتوسط، لتنجح أسابيع بعد ذلك في اعتراض 11 كيلوغراما و 350 غراما من مخدر الكوكايين على متن شاحنة للنقل الدولي للبضائع. ولا تقف التدخلات الأمنية عند عمليات الحجز فقط، فقد أكد العميد الإقليمي عبد الكبير فرح أن بعض شبكات تهريب المخدرات صارت تلجأ إلى شركات وهمية للقيام بعمليات تجارية كغطاء لأنشطة تهريب المخدرات على الصعيد الدولي، ما يقتضي مواصلة البحث والتحري لكشف امتدادات هذه الشبكة. وبفضل هذه العمليات النوعية، يتم الكشف عن الارتباطات المحتملة لهذه الشبكات على الصعيدين الوطني والدولي، وتحديد جميع مسارات التهريب المعتمدة سواء عبر المسالك البرية أو البحرية، علاوة على رصد تقاطعاتها العضوية المفترضة مع جرائم غسيل الأموال. ولا يقف هذا التنسيق على مستوى ولاية أمن طنجة فقط، بل يشمل كافة التراب الوطني، ما مكن المصالح الأمنية خلال الفترة الممتدة من 15 ماي 2015 إلى 14 ماي 2018 من معالجة 239 ألف و904 قضية على صلة بمكافحة الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية، أحيل بموجبها على السلطات القضائية المختصة 282 ألف و338 شخصا، بينما بلغت الشحنات المخدرة المحجوزة 289 طنا و268 كيلوغراما من مخدر القنب الهندي بمختلف أنواعه، و4 أطنان و615 كيلوغراما من الكوكايين، و42 كيلوغراما من الهيروين، ومليونان و874 ألف و177 قرصا مخدرا.