اعتبر الدكتور هشام بوحوص أن القانوني الجنائي المغربي يعيش أزمة العدالة الجنائية حقيقية، بالنظر إلى أرقام ومعدلات الجريمة التي ترتفع باستمرار، إذ تشير إحصائيات وزارة العدل إلى أزيد من مليون ونصف قضية زجرية، وهو مع ذلك يبقى رقما لا يعتبر عن حجم الإجرام الفعلي داخل المجتمع ، وهو رقم يبقى فقط متعلقا بالإجرام الظاهر أي الذي وصل لعلم العدالة. بوحوص الذي كان يتحدث في ندوة نظمها نادي شباب الإغاثة التابع جمعية العون والإغاثة، مساء أمس الجمعة حول موضوع "الجريمة في المجتمع المغربي، أي مقاربة؟"، سرد مجموعة بعض الأرقام في الموضوع، ومنها أن السجون المغربية تعرف تواجد 80 ألف سجن في المؤسسات السجنية، فيما الطاقة الإستيعابية لا تتسع سوى ل35 ألف، مشيرا إلى أن عدد السجناء في بعض السجون تصل نسبتهم ل300 في المئة، موضحا مع ذلك أن ورغم هذا العدد الكبير من السجناء إلا أن القانون يبقى عاجزا عن الردع ويبقى فاشلا في وظيفته. بوحوص وفي معرض حديثه اعتبر أن السياسة الجنائية في كل دول العالم، تسعى إلى هدف واحد وهو مكافحة الظهاهرة الاجرامية، ولكن الاختلاف يكمن في الوسيلة، والمقاربة التي تعتمدها كل سياسة جنائية، موضحا أن أوروبا القرن الثامن عشر كانت تنظر إلى أن السياسة الجنائية هي مجموعة من الوسائل الزجرية لمكافحة الظاهرة الإجرامية، أي أن الدول كانت تنهج مقاربة زجرية لمحاربة هذه الظاهرة، لكن مع مجيئ الفكر الإصلاحي وحركة الدفاع الاجتماعي أصبحت السياسة الجنائية تعتمد استراتيجية واضحة من أجل مكافحة هذه الظاهرة، على ثلاث أبعاد أساسية، وهي أبعاد الزجر والوقاية والإصلاح. وفي حديثه عن البعد الجنائي أشار بوحوص إلى أنه ينبغي الوقوف عند القانون الجنائي المغربي، فالسياسة الجنائية الحديثة تعتبر القانون الجنائي آليتها الوحيدة ، ولكنها آلية غير كافية، موضحا أنه عند الحديث عن البعد الزجري فإننا نتحدث عن سياسة التجريم، وهو حكم قيمي تصدره الجماعة على سلوك ما فتنقله من دائرة السلوك والإباحة إلى دائرة اللامشروعية. ويرى بوحوص أنه ينبغي أن يكون هناك تطابق بين الفعل الاجتماعي والقانوني، ولا تكون القواعد الجنائية التي تمس بالحريات مقبولة إلا عندما تكون معبرة عن إرادة المجتمع، فالمجتمع هو من يجرم ويعاقب وهو الذي يحدد السلوكات المجرمة والغير المقبولة، وبناء على هذا فعلى المشرع أن يتدخل ليجرم ذلك الفعل، وكذلك الأمر إذا كان المجتمع لا يرى في فعل ما جريمة، فعلى المشرع أن يتدخل لإزالة تجريم ذلك الفعل. وعاب المتحدث على المشرع المغربي مبالغته في التجريم بشكل كبير، وأوضح كلامه بمجموعة من الأمثلة كالغش في الامتحانات والمباريات، التي هي ظاهرة سيتعمد المشرع على مقاربة زجرية لمحاربتها، متسائلا إن كانت هذه المقاربة الزجرية حلا في هذه الظاهرة، موضحا أن هذه المقاربة الزجرية لن تحل هذا المشكل، وأنها عاجزة عن حلها. وفي حديثه عن البعد الوقائي اعتبر المحاضر أنه هو الجانب الخفي والجانب الغائب في السياسة الجنائية، وهو الذي ينقص السياسة الجنائية المغربية، معتبرا أن المشرع المغربي يعتمد مقولة "دعها حتى تقع"، وساعتها تتحرك الدولة لتوصل رسالتين، رسالة الردع العام والردع الخاص، وهذه السياسة فاشلة بكل المقاييس. بوحوص أشار إلى أنه حينما نتحدث عن أسباب الظاهرة الإجرامية، يحضرنا علم الإجرام، وهو علم سببي ويجيب عن سؤال كبير، وهو لماذا يسلك الانسان مسلكا إجراميا، معتبرا أن هناك عدة تحليلات لهذا الأمر، منها أن الجريمة تقف وراءها أسباب نفسية للشخص، أو عوامل اجتماعية، أو أسباب بيئية والمحيط الذي يعيش فيه المجرم، واخرى اقتصادية وعرقية، أي أن السلوك الاجرامي له تفسيرات عديدة، إلا أن كل هذه التفسيرات لم تقدم تفسير علمي دقيق حول السبب الحقيقي للجريمة. وأوضح الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بطنجة، أنه في عالم الإجرام هناك العديد من أنواع الجرائم منها الجرائم الجنسية، والعنف والسياسية، والاقتصادية، كل نوع من هذه الأنواع له مسبباته، ومن الخطأ الاعتقاد أن الدوافع وراء كل هذه الجرائم هي دوافع مشتركة.