نظم نادي شباب الإغاثة بطنجة مؤخرا ندوة علمية اختار لها عنوان " الجريمة في المجتمع المغربي، أية مقاربة ؟ " وهي الندوة التي كانت من تأطير أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة " هشام بوحوص " والمحامي بهيئة المحاماة بطنجة " اسماعيل الجباري الكرفطي " والتي احتضنها فضاء جمعية العون والإغاثة. وافتتح أستاذ علم الإجرام بكلية الحقوق بطنجة ستار المداخلات العلمية بحديثه عن السياسة الوقائية وارتباطها بالسياسات العمومية المعتمدة للدولة المغربية، حيث قال أن الجريمة هي مسؤولية كل القطاعات من تعليم وتشغيل وغيرها، وأي اختلال في هذه القطاعات ينعكس سلبا على معدلات الجريمة، معتبرا في الوقت ذاته أن الجريمة هي ظاهرة طبيعية في المجتمع وهي قديمة قدم الإنسان ومرتبطة ببقائه. وأكد بوحوص أن سلوك الإنسان المسلك الإجرامي يرجع لعدة عوامل إقتصادية وإجتماعية وبيولوجية ونفسية وغيرها، معتبرا أن جميع هذه العوامل لم تستطع أن تقدم تفسيرا علميا للظاهرة الإجرامية معللا قوله بأن علماء الإجرام عندما يتصورون الجريمة يتصورونها باعتبارها وحدة مركبة دون تفريق بين أنواع الجرائم. وقال بوحوص أن المعيار الذي يحدده المشرع للجريمة هو تطابق الفعل الإجرامي مع الفعل الإجتماعي، حيث كلما اعتبر المجتمع فعلا ما منبوذا كان لزاما على المشرع التدخل ليضفي عليه الصفة الإجرامية معتبرا أن هذه هي السياسة الحكيمة والرشيدة التي ينبغي أن يتبناها المشرع المغربي. ووفق ما جاء في معرض حديث أستاذ علم الإجرام أن ما يعيب سياسة المشرع المغربي هو اعتماده مقاربة زجرية ومبالغته وإفراطه في التجريم مما أفقده الغاية التي جاء من أجلها معتبرا ذلك فشلا دريعا للسياسة الجنائية. وفي نفس السياق قال المحامي بهيئة طنجة اسماعيل الجباري الكرفطي أن مقاربة الجريمة في المجتمع المغربي لا بد أن تنطلق من الوثيقة الدستورية مشيرا إلى أن هنالك تحول كبير للفرد في علاقته بالسلط فيما يتعلق بسياسة التجريم والعقاب. وعالج المحامي اسماعيل الجباري في مداخلته موضوع الندوة من خلال عدة مقاربات : فعن المقاربة الحقوقية أكد أن لكل مجتمع خصوصيته بيد أنه لا يجب أن تتحول هذه الخصوصية إلى الاستبداد، مشيرا إلى أن المقاربة الحقوقية في المغرب لا ترتكز على الفرد باعتباره محور التشريع الجنائي بقدر ما تبحث عن الإعتمادات النقدية والمالية معتبرة الفرد معادلة رقمية لا أكثر من ذلك. وفيما يخص مقاربة العيش المشترك قال المتحدث أعلاه أن عامل الدين يساهم بشكل مهم في ردع الأفعال الشاذة التي تكتسي طابعا جرميا مشددا على أن الدين لا يجب أن يحدث انقسامات وانشقاقات في المجتمع بقدر ما يجب أن يساهم في تعزيز لحمة الأفراد ومتانة العيش المشترك. وتعليقا على المقاربة الأمنية في المغرب قال الأستاذ اسماعيل أن المغرب ما زال ينهج مقاربة كلاسيكية تعتمد سياسة زجرية تتخذ بعدا جنائيا صرفا متمثلا في تضخم النصوص التشريعية، مشيرا أنه لا بد من خلق توازن بين البعد الأمني والبعد الحقوقي. واختتم المتحدث مداخلته بالمقاربة القضائية مؤكد أنه لا بد من توفير ضمانات جديدة فيما يتعلق بمعالجة الجريمة من خلال إسناد وظيفة جديدة للقضاء تنتقل من منطق الاعتقال والتقييد الى خلق نوع من التوازن داخل المجتمع. وقد عرفت هذه الندوة العلمية حفلا تكريميا للأستاذين هشام بوحوص واسماعيل الجباري الكرفطي من خلال تسليم رئيس جمعية العون والإغاثة مصطفى بوكور درع التميز عربون