نظم نادي فضاء الطالب بكلية الحقوق بطنجة عصر اليوم ندوة علمية حول موضوع "الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، التحديات والآفاق"، وقد عرفت هذه الندوة مجموعة من المداخلات من أساتذة وباحثين، حاولو تسليط الضوء على مسألة الوسائل البديلة لتسوية المنازعات. ففي مداخلته قال رئيس المحكمة الإبتدائية بشفشاون حميد فضلي، إلى أن تشعب النزاعات وكثرة القضايا المعروضة على المحاكم أرهق كاهله، فأصبح الهاجس تصريف القضايا المعروضة دون تمحيص، وأصبح عدد القضايا التي بثت فيها كل محكمة هي المعيار الوحيد للتميز، فيما لم يعد لنوعية وقيمة القضايا المعروضة أهمية في داخل القضاء، وحتى التطبيق العادل للقانون أصبح متجاوزا في سبيل البث في أكبر عدد من القضايا. وأشار المتدخل إلى أنه ليس هناك أي تشريع ينظم الوساطة الأسرية المغربية، ولذلك فإن ضرورة الإصلاح الوساطة الأسرية أملتها أهداف تطمح لها الدولة والمجتمع المدني، ومن الاهداف تحديث المؤسسة القضائية والجهات المساعدة لها عن طريق وسائل عمل باستعمال التقنيات الحديثة، لأن الوساطة والتحكيم والوساطة الاتفاقية لا يمكن أن تتم لدون تقنيات، والاعتماد على الموارد البشرية المؤهلة. واعتبر الاستاذ الجامعي بالكلية هشام بوحوص، أن السياسة الجنائية المعاصرة، بدأت تنحو منحى الفكر التصالحي من خلال الاعتماد على قنوات للتسوية الودية، تعمل على نقل الدعوة العمومية من مضامينها العقابية إلى مضامين تفاوضية تصالحية يساهم أطراف النزاع في تفعيلها بما فيهم الضحية، وتماشيا مع هذا التطور في السياسية الجنائية المعاصرة، فقد اعتمدت الكثير من التشريعات الجنائية المعاصرة على أنظمة قانونية مستحدثة لإنهاء الخصومة الجنائية مثل مؤسسة الصلح الجنائي، ومؤسسة الوساطة الجنائية. وأضاف الأستاذ الباحث أن السبب الأبرز في استحداث هذه المؤسسات البديلة يتمثل في وجود أزمة حقيقية في الدعوة العمومية، حيث يظهر ذلك من خلال مؤشرين، الأول وهو أن هناك إصرار مبالغ فيه في استعمال الدعوة العمومية، ومبالغ في سياسة العقاب في التشريع المغربي، في الوقت الذي تعد طبيعة أغلب القضايا التي تطرح على الدعوة العمومية من القضايا البسيطة أو المتوسطة، في مقابل قلة من القضايا القوية المتداولة في المطروحة على الدعوة العمومية، أما المؤشر الثاني وهو أن الدعوة الجنائية فشلت في الحسم السريع للقضايا المعروض عليها داخل أجل معقول. في المقابل تطرق حسن الرحيية المنسق الجهوي لمركز المصاحبة وإعادة الإدماج إلى مفهوم الوساطة، حيث أوضح أن هذا المفهوم يتميز عن الوسائل البديلة الأخرى في حل النزاعات، فهي وسيلة اختيارية وودية وسرية تتم عن طريق طرف ثالث محايد لحل النزاع، وتهدف الوساطة إلى مساعدة الأطراف في الوصول إلى الحل، ويمكن للوسيط أن يقترح الحل للقضية، ويدفعه الأطراف للوصول إلى حل للنزاع الحاصل. وأوضح الباحث إلى أن للوساطة أشكال تختلف فيها عن باقي الأشكال الأخرى في فض المنازعات، وهي مميزة بين نوعين حسب الباحث، فهناك قرار نظامي تتخذه الأطراف المتنازعة هو ذو بعد إرادي، وهناك قرار غير نظامي وهو ذو بعد الزامي للأطراف المتنازعة.