لا حديث اليوم لدى الرأي العام المحلي بمدينة الرنكون وداخل مواقع التواصل الاجتماعي، إلا عن ما يهدد متنفسهم الوحيد " كدية الطيفور" بعد تسريب قرار وقع في كواليس "عمالتنا الموقرة" بحضور أسماء وازنة في عالم العقار "والبزنس" بالإضافة إلى رئيس المجلس البلدي على تفويت جزء كبير منها إلى لوبيات العقار المتمثلة في الشركة العامة العقارية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير. والى حدود كتابة هذه السطور لم نسمع أي توضيح للمجلس الموقر بشأن موضوع كدية الطيور. لم تندمل بعد جروح "مرجة أسمير" التي كانت تتجمل بها مدينة الرنكون حيث كانت تشكل محمية للطيور بجميع أنواعها ومنطقة عبورها من رحلاتها الإفريقية نحو أوربا، لكن للأسف ضاعت من الساكنة هذه المعلمة البيئية لصالح لوبيات العقار، حيث شيدت فوقها منتجعا سياحيا. وها نحن نتحسر عليها ونتألم من ضياعها. هل سيأتي يوم ما ونتحسر على "كدية الطيفور" المتنفس البيئي الوحيد المتواجد بالرنكون؟ بعيدا عن تفاصيل الواقعة "توقيع الترخيص على 80 هكتار من أجل إقامة منتجعات سياحية بكدية الطيفور" والنقاش المرافق لها من مختلف الحساسيات السياسية والجمعوية إلى حدود اللحظة، فلا يختلف اثنان على أن مدينة الرينكون أصبحت تفتقر بشكل كبير للمتنفسات البيئية، فقد أضحت "كدية الطيور" المتنفس الوحيد للساكنة ولهواة الرياضة والمشي، فمن غير المقبول والمعقول أن نساهم بوعي أو بدون وعي في تدمير وإتلاف هذه المنشأة البيئية الجميلة، أو تقديمها إلى لوبيات العقار على طبق من ذهب. ولا يمكننا أن نضع أيدينا في أيدي مافيا العقار الذي يسيل لعابهم الملوث من أجل الزحف الإسمنتي عليها عوض الالتزام بتوصيات cop22 والاهتمام بالبيئة، ونخاف أن يكون تصور المسؤولين والمنتخبين الذي يحكمون في تسيير الرنكون هو الإجهاز على المناطق الخضراء كما وقع لمرجة أسمير. فلنتحمل جميعا المسؤولية المشتركة كمجتمع مدني وأحزاب سياسية أو مجالس منتخبة وسلطات محلية فيما قد تؤول إليه أوضاع كدية الطيور. ويجب أن نبتعد عن خندقة مشكل "كدية الطيفور"، وأن نعمل على إشراك الجميع بمختلف الحساسيات السياسية والجمعوية، ونضع يدا في يد من أجل حماية رئتنا التي نتنفس بها. ولنأخذ العبرة من تجربة طنجة بخصوص حماية "غابة السلوقية"، حيث استطاع نشطاء البييئة بطنجة حمايتها من أنياب لوبيات العقار هناك بعدما تم الترخيص للبناء فيها بتواطؤ من المنتخبين هناك ودعم السلطة. التاريخ لن يرحم أحدا، أرجوكم وبدون استثناء وأدعوكم إلى الالتفات على مطلب جعل كدية الطيور محمية طبيعية وفق الآليات القانونية، وعدم تركها تواجه مصيرها لوحدها مع سماسرة ولوبيات العقار. علينا أن لا نخلف العهد مع التاريخ هذه المرة، يا أهل الرينكون؛ فاعلين سياسيين، وجمعويين، ومواطنين... جميعا من كدية الطيفور محمية طبيعية، فلقد حافظت البيئة بقدر إمكانها على توازنها وحافظت على الإنسان والحيوان، والآن جاء دور الإنسان ليحافظ عليها، بل لينقذها من سماسرة العقار قبل أن تفقد توزانها للأبد.