في ظل التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي يواجهها العالم، شكّل منتدى WEFE Nexus 2025 المنعقد بمدينة طنجة محطة فارقة لتعزيز التعاون الدولي والجهوي من أجل مستقبل مستدام. فقد توّجت فعاليات المنتدى بإصدار "إعلان طنجة للأقاليم من أجل ترابط المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية (WEFE Nexus)"، الذي يعكس التزامًا جماعيًا من ممثلي الأقاليم والجماعات المشاركة بمواجهة التحديات البيئية الملحة عبر نهج متكامل ومستدام. رؤية شمولية لمواجهة التحديات العالمية جاء الإعلان ليؤكد أهمية الأقاليم كفاعلين رئيسيين في إدارة الأزمات المرتبطة بالمياه، والطاقة، والأمن الغذائي، والحفاظ على النظم البيئية. فقد شدّد الموقعون على ضرورة إعادة التفكير في نماذج الحوكمة التقليدية، واعتماد نهج متكامل يربط بين هذه القطاعات الحيوية، من أجل تعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات المناخية وتخفيف آثارها. وفي هذا السياق، أوضح ممثلو الأقاليم المشاركون في المنتدى أن التحديات التي يواجهها العالم اليوم، من ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة، إلى تقلبات أسعار الطاقة والأزمات الغذائية، تتطلب حلولاً تتجاوز الحدود الجغرافية وتستند إلى العمل الجماعي والتعاون الدولي. التزامات واضحة نحو مستقبل أكثر استدامة تضمّن إعلان طنجة مجموعة من الالتزامات العملية التي تعكس إرادة سياسية قوية لدعم التنمية المستدامة، من أبرزها: 1. تعزيز التعاون متعدد المستويات: دعا الإعلان إلى تعزيز التعاون بين مختلف مستويات الحوكمة (المحلية، الجهوية، الوطنية، والدولية) لتبادل الخبرات وتطوير شراكات فعالة لمواجهة التحديات المشتركة. 2. دعم الابتكار المستدام: التزام بدعم البحث العلمي وتطوير حلول مبتكرة في مجالات المياه والطاقة والزراعة المستدامة، مع التركيز على التقنيات الخضراء والاستثمارات المحلية التي تلبي احتياجات كل إقليم. 3. تعزيز التكامل الإقليمي والعابر للحدود: أكّد الإعلان على أهمية المشاريع العابرة للحدود لتعزيز التعاون بين الأقاليم من مختلف أنحاء العالم، لا سيما بين إفريقيا وأوروبا وآسيا والأمريكيتين. 4. تشجيع إدارة عادلة للموارد: شدد الموقعون على أهمية وضع سياسات تضمن التوزيع العادل للموارد الطبيعية، خاصة المياه والطاقة، بهدف تقليل الفوارق الاجتماعية وتعزيز العدالة البيئية. 5. مواءمة السياسات المحلية مع الأهداف العالمية: دعا الإعلان إلى دمج أهداف التنمية المستدامة وأجندة 2030 في السياسات المحلية والجهوية، لضمان تحقيق تقدم حقيقي في مواجهة التغير المناخي. 6. تعزيز آليات التمويل المستدام: التزام بالبحث عن مصادر تمويل مبتكرة لدعم المشاريع البيئية، سواء من خلال الاستثمارات العامة أو الشراكات مع القطاع الخاص. 7. نشر الوعي والتثقيف: التزام بإطلاق مبادرات تهدف إلى زيادة الوعي المجتمعي حول قضايا ترابط المياه والطاقة والغذاء، مع إشراك الشباب والمجتمع المدني في عمليات صنع القرار. نداء عاجل للعمل الجماعي لم يكن إعلان طنجة مجرد وثيقة نظرية، بل جاء كنداء عاجل يدعو إلى اتخاذ خطوات عملية لمواجهة الأزمات البيئية والمناخية التي تعصف بالعالم. فقد دعا الموقعون إلى إنشاء شراكات عالمية شاملة لمواجهة التغير المناخي، وتطوير آليات تعاون دولية لدعم جهود الأقاليم في التصدي لهذه التحديات. وأكد الإعلان أن التغير المناخي لا يعرف حدودًا، وأن الحلول الفعالة تتطلب تعاونًا عابرًا للحدود، يجمع بين الأقاليم والحكومات والمنظمات الدولية والمجتمعات المحلية. كما شدّد على أهمية إشراك جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان تنفيذ السياسات البيئية بشكل فعّال. إرادة جماعية لمستقبل أفضل يُعتبر إعلان طنجة خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي العالمي بأهمية الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية، ودليلًا على التزام الأقاليم والمجتمعات بالعمل معًا من أجل بناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامةً. وبتوقيع هذا الإعلان، يُعبّر المشاركون عن التزامهم الأخلاقي والسياسي بالتحرك العاجل لمواجهة التحديات البيئية، وتأسيس قاعدة قوية للتعاون الدولي من أجل الأجيال القادمة. في النهاية، يُجسّد إعلان طنجة رؤية واضحة لمستقبل يُبنى على التضامن والتعاون، حيث يصبح لكل إقليم ولكل مجتمع دور أساسي في حماية كوكب الأرض وضمان رفاهية الشعوب في كل أنحاء العالم.