قدمت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وصفة من حزمة مكونة من عدة آليات لمحاربة الفساد، منتقدة تطور مساره في المغرب، وذلك بحصول المملكة على درجة 39/100 في مؤشر مدركات الفساد. وأوصى التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بإدراج كل تشريعات هذه الجريمة ضمن الجرائم الجنائية الموكول البحث والتحري عنها للنيابات العامة، قائلا "بات مؤكدا أن مفهوم الفساد المؤسس على مقاربة جنائية صرفة تشمل جرائم الرشوة والغدر واستغلال النفوذ والاختلاس وتحصيل الفوائد غير القانونية". وأشار التقرير إلى أن مفهوم الفساد يظل عاجزا عن استيعاب مختلف الانحرافات والممارسات المندرجة ضمن المفهوم الشامل للفساد، سواء الذي اعتمدته الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، أو الذي كرسته مقتضيات الدستور في الموضوع. قوة المحاكم المالية وطالبت الهيئة بإحالة جميع ملفات الفساد إلى المحاكم المالية وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، منبهة إلى غياب أي تنصيص على ضرورة إحالة الملفات الرائجة لدى محاكم المملكة على المحاكم المالية. وجاء في التقرير "إذا كانت إحالة القضايا من طرف المحاكم المالية على السلطة القضائية تعتبر مضمونة بنص القانون، فإن الإحالة من طرف السلطة القضائية على المحاكم المالية للقضايا التي يمكن أن تتوفر فيها قرائن التأديب المالي أو التدبير بحكم الواقع، مازالت خارج التنصيص القانوني". وأشار التقرير إلى ضعف عدد القضايا المحالة من المحاكم المالية على النيابة العامة، داعيا إلى تصحيح هذا المسار، مشددا على ضرورة إحالة تقارير المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشيات العامة للوزارات المتعلقة بالفساد على المحاكم المالية. قرائن الإثراء غير المشروع ودعت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها باعتماد مبدأ الزيادة في الثروة أو في الأموال كمظهر للإثراء غير المشروع، مشددة على ضرورة اعتماد العقوبة السالبة للحرية، والمتمثلة في العقوبة الحبسية أو السجنية أو الأشغال المؤقتة. وأكد التقرير أن أغلب التشريعات اتخذت حصول زيادة كبيرة في ثروة الموظف العمومي أو من في حكمه أو في ثروة زوجه أو أبنائه القاصرين بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة كقرينة إثبات الإثراء غير المشروع. وأوصت الهيئة بإخضاع بعض التشريعات للأشخاص المعنوية المتمثلة في الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والنقابات والجمعيات والأشخاص المعنوية المتعاقدة مع الدولة، لأحكام قوانين الإثراء غير المشروع. وأضاف التقرير، أن أغلب التشريعات اعتمدت كذلك مبدأ عدم تناسب الزيادات مع المداخيل المشروعة للمعنيين بالأمر، والعجز وعدم القدرة على تبرير الزيادات، كقرينة لإثبات الإثراء غير المشروع. الوفاة لا الجريمة وشدد التقرير على ضرورة التنصيص الصريح لبعض التشريعات على أن سقوط الدعوى الجزائية بالوفاة لا يحول دون تنفيذ الحكم برد قيمة الكسب غير المشروع. وقالت الهيئة "اعتمدت مختلف التشريعات آليات ومبادرات لتيسر التبليغ والتشجيع عليه، خاصة من خلال وضع إطار تشريعي مؤسسي واضح"، مشددة على ضرورة إيجاد قنوات إبلاغ متنوعة، وإتاحة الوصول إلى المعلومات، وقبول التبليغات الخالية من الهوية، وضمان السرية. وقد أشار تقرير الهيئة إلى أن المعايير الدولية تحث على التوظيف الأمثل لاستحقاقات التكنولوجيات الجديدة، من حواسيب وبريد إلكتروني وتطبيقات. مكافأة المبلغين وأوصى التقرير بمنح مكافأة مالية للمبلغين عن الفساد، مؤكدا أن مجموعة من الدول اعتمدت في تشريعاتها نظام المكافأة المالية للمبلغين إثر استرداد عائدات أموال الجرائم. واعتبر تقرير الهيئة تلك المكافأة بمثابة "اعتراف بمساهمة المبلغين في مكافحة أفعال الفساد والحد منها". وسرد التقرير عدة تشريعات نصت على نظام المكافأة مثل كوريا الجنوبية وتونس والولايات المتحدةالأمريكية. وأوضحت الهيئة، أن التشريع الأمريكي يخول مكافآت للأشخاص المشمولين بالتبليغ الذين يقدمون معلومات أصيلة عالية القيمة. وأفادت الهيئة أن التشريع الكوري الجنوبية يكافئ المبلغين الذين يساهم تبليغهم في استرجاع الأموال العامة، بالحصول على نسبة من 4 إلى 20 في المائة من المبالغ المطابقة. وأضافت الهيئة، أن التشريع التونسي تأسى مؤخرا بالتجربة الكورية بحيث نص على منح مكافأة مالية من طرف الدولة للمبلغين الذين يؤدي تبليغهم إلى كشف الفساد واسترداد الموجودات، وتحدد قيمتها باقتراح من طرف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وخلص التقرير إلى ضرورة معالجة التبليغات، والشكايات والمعلومات والقيام بالأبحاث والتحريات، من خلال وضع محددات مسطرية مضبوطة لمعالجة التبليغات والشكايات والمعلومات والقيام بالأبحاث والتحريات، مع تحديد وتدقيق أدوار ومسؤوليات المأمورين المكلفين بإنجاز هذه العمليات بكل مهنية واحترام للمساطر وحقوق وحريات الأشخاص موضوع الأبحاث والتحريات.