تصطف الأجواء الرمضانية بألوانها الدافئة وروحانيتها الساحرة، وفي هذا الشهر المبارك يتألق شباب مدينة تطوان بطقوسهم الخاصة، ومن ضمنها هوسهم بلعبة البارتشي. لعبة تجمع بين الحظ والتفكير الاستراتيجي، وتتحول إلى ظاهرة تجتاح أوقات فراغ الشباب خلال ساعات الصيام. وتعتبر البارتشي ملاذاً للشباب خلال شهر رمضان، حيث يجتمعون حول طاولات اللعب لقضاء وقت ممتع ومثير، حيث تُعد مزيجاً مثالياً بين التحدي والتسلية، إذ يُشعل اللاعبون جولاتهم بحماس وترقب لنتائج النرد، في سعيهم للفوز والتفوق على منافسيهم. في أحد المقاهي الشعبية بمدينة تطوان، تتنافس أصوات الشباب وصرخات البهجة أثناء لعب البارتشي، حيث يندفعون بتشويق لاكتشاف من سيكون الفائز في هذه الجولة، وتتراقص قطع اللعب على المسار الحلزوني وتتعاقب حظوظ اللاعبين في كل رمية نرد، مما يضفي جواً مليئاً بالتشويق والتحدي. يقول محسن، النادل بهذا المقهى، أن زبناء "البارتشي" كما يطلق عليهم، أصبحوا معروفين لدى الجميع فبمجرد دخولهم إلى المقهى تجدهم يلتفتون يمنة ويسرة باحثين عن طاولة اللعب علهم يجدونها مختبئة في إحدى زوايا المحل. ويضيف محسن، في دردشة مع شمال بوست، أن هذه اللعبة الموجودة بشكل شبه حصري في مدن الشمال (تطوان، طنجة، أصيلة...)، أصبحت ضمن العادات المرتبطة بشهر رمضان الكريم، حيث أن بعض الأشخاص يرابطون بالمقهى طيلة اليوم رغم الصيام، من أجل اللعب وقضاء وقت ممتع، وقد يستمر ذلك إلى حتى فترة الليل والسحور. أما محمد، الذي يصف نفسه بمدمن لعبة "البارتشي"، فيقول أن لعب هذه الأخيرة له متعة خاصة في هذا الشهر الكريم، فتوفر وقت الفراغ بشكل كبير وكذا الأجواء الحميمية والروحية الموجودة به، كلها تساهم في جعل هذه الأوقات لا تعوض خصوصا إذا قضاها الشخص في ممارسة لعبته المفضلة مع أصدقاءه أو أفراد عائلته. ويؤكد المتحدث ذاته، أن علاقتهم الطبية مع أصحاب المقاهي هي ما مكنتهم من الجلوس فيها خلال الفترة الصباحية من ايام رمضان، حيث أن هذه الأخيرة تقفل ابوابها بسبب صيام الزبناء، إلا انها تسمح بشكل استثنائي لمحمد وأصدقائه باللعب. وتجدر الإشارة إلى أن البارتشي لا تقتصر شعبيتها على فئة عمرية معينة، بل تجذب اللاعبين من جميع الأعمار. فهي توفر فرصة للتفاعل والمنافسة بين الأصدقاء وأفراد العائلة، مما يجعلها لعبة مثالية لمشاركتها خلال أوقات الفراغ خلال شهر الصيام. وتعكس شعبية البارتشي في شهر رمضان الكريم الروح الاجتماعية الفريدة التي يمتاز بها هذا الشهر، حيث يجتمع الشباب ليخوضوا تجربة اللعبة معاً، ويشعلون نيران الصداقة والمرح في هذه الأمسيات الرمضانية الساحرة. تم نسخ الرابط