صرح وزير الخارجية الاسباني خوسي لويس ألباريسJose Luis Abares في حوار مع جريدة الباييس El paísالإسبانية يوم الجمعة 3 فبراير من السنة الجارية أن "المغرب شريك استراتيجي يحتل المرتبة الأولى في أولويات السياسة الخارجية لإسبانيا"، ويأتي هذا التصريح بعد انعقاد الدورة الثانية عشرة من لقاء القمة بين البلدين في الرباط أيام 1 و 2 فبراير من السنة الجارية. Abdelhamid beyuki يؤكد هذا التصريح أن البلدين يعِيان منذ مدة أهميتهما لبعضهما البعض، أهمية استراتيجية يحكمها الجوار وعناصر الشراكة الكلاسيكية التي تحكم علاقة المغرب بإسبانيا والاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها تدبير الهجرة غير النظامية، الأمن ومحاربة الإرهاب والإجرام الدولي. وعي الدولتين بأهمية الشراكة الاستراتيجية بينهما كانت تواجهه تحديات حدودية وملف الصحراء المغربية وغياب الشفافية والصراحة في تدبير العلاقات والمصالح المشتركة، ما كان سببا في أزمات متعددة وعدم استقرار العلاقات وتغيرها أحيانا بتغير الحكومات. انفراج الأزمة الأخيرة بين البلدين التي انفجرت بسبب استقبال اسبانيا لزعيم البوليساريو للاستشفاء في إسبانيا بجواز سفر جزائري مزور سنة 2021،وهو الانفراج الذي جاء بعد أن وجه رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيس رسالة إلى ملك المغرب في أبريل من السنة الفارطة تعترف فيها إسبانيا بأهمية مقترح الحكم الذاتي للصحراء كحل وحيد وممكن وواقعي تحت السيادة المغربية لحل هذا النزاع المفتعل، كما كان هذا الموقف الجديد للحكومة الاسبانية مفتاحا لبناء علاقات جديدة بين البلدين، أساسها الشفافية والصراحة والندية، هذه العناصر أصبح المغرب يعتبرها أساس علاقاته الخارجية وتعاونه مع الدول والتي وردت بشكل صريح في خطاب الملك بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب في غشت 2022 " إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات " عناصر أخرى كان لها دور في تطوير الموقف الاسباني وعودة العلاقات بين البلدين بقوة تتعلق بالمتغيرات التي يعرفها العالم، ونوعية التحالفات الجديدة للمغرب وفي مقدمتها العلاقة الجديدة والمتقدمة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد اعتراف هذه الأخيرة بمغربية الصحراء ، ونهج المغرب لسياسة خارجية واقتصادية قائمة على تنويع شركائه الاقتصاديين، والتي نراها في المزيد من الحضور البريطاني في المغرب عبر الاستثمار والتبادل التجاري الذي انتقل بسرعة من %3 إلى 11%، وتطور علاقات المغرب التجارية مع الصين وكذلك المرتقبة في مجال الاستثمار. إسبانيا التي تعتبر الآن الشريك التجاري الأول للمغرب بنسبة تفوق 16% تستعد الآن للرفع من مستوى استثماراتها في المغرب في مجالات حيوية ،مثل البنية التحتية والطاقة المتجددة والموارد المائية تحلية مياه البحر وأخرى تضَمَّنَها الإعلان المشترك الصادر عن لقاء القمة الأخير المنعقد بالرباط أيام 1 و2 فبراير 2023 من خلال 19 اتفاقية ثنائية ومذكرات تفاهم. في مجال الهجرة عرف عدد المهاجرين غير النطاميين القادمين إلى إسبانيا من المتوسط والمحيط الأطلسي عبر المغرب تراجعا بنسبة 31%، وعلى المستوى الأمني يساهم المغرب بشكل كبير ومتميز في تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية والاجرامية سواء في إسبانيا أو باقي دول الاتحاد الأوروبي. إلى جانب هذه العناصر يحضر الآن بقوة البعد الاقتصادي لهذه العلاقات الذي تعزز بعد لقاء القمة الأخير. كما لا تغيب عناصر تتعلق بمنافسة فرنسية إسبانية من حيث أولويات العلاقة وتمثيل مصالح المغرب في الاتحاد الأوروبي التي كانت تنفرد بها فرنسا من موقع علاقاتها التاريخية مع المغرب، وفي الأممالمتحدة كانت فرنسا داعمة للمغرب في اجتماعات مجلس الأمن. هذا الدور الذي تغير بعد الاعتراف الكامل للولايات المتحدةالأمريكية بمغربية الصحراء وفتح قنصلية لها في مدينة الداخلة، وتطور التعاون المغربي الأمريكي عسكريا واقتصاديا وتجاريا والمساندة الأمريكية للمغرب في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الذي اعتمد القرار 2654 في أكتوبر من سنة 2022. كل هذه العناصر كانت وراء تعزيز قناعة إسبانيا بأهمية المغرب كشريك استراتيجي يتبوأ المرتبة الأولى ضمن أولويات السياسة الخارجية الاسبانية، وهو الموقف الذي يحظى بدعم مراكز القرار الاقتصادي في إسبانيا وكل مختبرات التحليل والبحث كمعهد الكانو Instituto del Canoالقريب من دواليب الدولة العميقة في إسبانيا. إسبانيا والمغرب مقبلان على مرحلة مستقرة من العلاقات الثنائية، وهذه العلاقة ستتأثر لامحالة بالتوازنات الإقليمية والدولية الجديدة، إلى جانب الحضور الأمريكي المتسارع، كما ستواجه في مرحلتها الأولى مجموعة من التحديات والتنافس الأمريكي الفرنسي وتداعيات دبلوماسية تنويع الشركاء التي تنتهجها مؤخرا السياسة الخارجية المغربية. تم نسخ الرابط