بعد تقلبات عدة في السنوات الأخيرة، بين الجزر والمد والأزمة والانفراج، العلاقات الإسبانية المغربية على السكة الصحيحة، إذ كشف وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن إسبانيا ما زالت مستمرة في خططها مع المغرب في الأشهر الأولى من عام 2023، في إشارة إلى الاحتفاظ بموعد الاجتماع رفيع المستوى المقرر عقده في شهر يناير. القمة المرتقبة بين البلدين التي طال انتظارها منذ عام 2015، ستعقد في الأسبوع الأخير من يناير أو الأسبوع الأول من فبراير، وهو ما سبق أن أعلن عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، حيث يأمل الجانبين في إرساء دعائم الشراكة الجديدة وبحث ملفات عالقة لا سيما منها إعادة فتح الحدود الجمركية لمليلية وسبتة المحتلتين، ومسألة الهجرة والحدود البحرية.
ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب، في الرباط، في الأسبوع الأخير من يناير أو الأسبوع الأول من فبراير، وذلك بعد سنوات من التأجيل، ليمهد لثاني اجتماع بين الملك محمد السادس ورئيس الوزراء بيدرو سانشيز بعد الخروج من الأزمة.
من مدخل العلاقات الدولية المبنية على منطق البراغماتية، يعتبر عبدالعالي الكارح أستاذ القانون العام أن اسبانيا والمغرب تتمتعان بروابط تاريخية وثقافية وجغرافية تمكن من بناء علاقات التكامل والاندماج، من أجل تحقيق المصالح المشتركة القائمة على مبدأ حسن الجوار والثقة المتبادلة. مشيرا في حديثه ل"الأيام 24″ أن العلاقات بين البلدين تدخل مرحلة جديدة من خلال عقد اللجنة المشتركة المعقلة منذ مدة بسبب الأزمات التي لبّدت أجواء العلاقات، وبالتالي الإعلان الرسمي والعملي لتوتر دبلوماسي وسياسي بين البلدين، والتي وصلت الى مستويات غير مسبوقة.
المرحلة الجديدة تعني وفق المتحدث فتح آفاق واعدة بالنسبة للبلدين، بعدما غادرت إسبانيا المنطقة الرمادية التي كانت توجد بها إزاء قضية الصحراء المغربية، ودعمت بشكل صريح وواضح خطة الحكم الذاتي في الصحراء، ورجحت كفة الحل السياسي للملف على حساب الحل القانوني الذي بات متجاوزاً اليوم.
وقال إن انعقاد لجنة مشتركة سيسهم في وضع خريطة طريق جديدة للعلاقات سيكون الاقتصاد قاطرتها الأساسية، وذلك بحكم شبكة المصالح القوية التي تربط البلدين، مشيراً إلى أن إسبانيا تعد الشريك التجاري الأول للمغرب منذ تسع سنوات، ومذكراً بوجود نحو 1000 مقاولة إسبانية في المغرب، إضافة إلى طموح البلدين لينفتح هذا التعاون على مجالات جديدة مثل الطاقات المتجددة، كما أن المغرب يعد بوابة عبور رئيسة لإسبانيا صوب القارة الأفريقية الواعدة من حيث الإمكانيات الاستثمارية.
التوافق حول الملفات العالقة من بينها جمركة سبتة ومليلية والحدود البحرية ومسألة الهجرة سيكون له أثر إيجابي على إسبانيا، خاصة على المستوى الأمني والإقتصادي بحكم أن تعاونها مع المغرب سيجعلها تنام آمنة وحدودها محروسة، نظرا للأهمية القصوى للتعاون بين البلدين في ملفات محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود.
وفي ما يرتبط بملف الصحراء، يرى عبد العالي الكارح، أنه حسم إثر الموقف الصريح للحكومة الإسبانية، فضلاً عن الإشادة الدولية بهذا الموقف الذي يبرهن على أن الخطوة الدبلوماسية التي اتخذتها إسبانيا مفادها احترام السيادة المغربية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، مضيفاً "يمكن اعتبار هذا الموقف تحولاً في السياسة الخارجية الإسبانية، واعترافاً بالمكانة الإقليمية التي يتميز بها المغرب في القارة الأفريقية، لذا حاولت إسبانيا أن تلائم توجهاتها الخارجية مع أولويات السياسة الخارجية المغربية.