أثار مقترح التقسيم الجهوي الجديد، والذي توصلت به وزارة الداخلية من اللجنة الاستشارية للجهوية، وأحالته بدورها على الأحزاب السياسية في الرابع والعشرين من شتنبر الجاري، والذي قلص عدد الجهات بالمملكة من 16 إلى 12، ردود فعل بين مؤيدين ورافضين. وتبقى جهة الريف والشرق حسب التسمية الأولية، من المناطق التي رأى متتبعون وفاعلون فيها أن الموافقة على اعتماد التقسيم المقترح، ستُنتج مزيدا من التهميش والعزلة، ولن يخدم مصالح الساكنة. التقسيم لا يخدم مصالح الساكنة وفي أول رد فعل لها على مقترح التقسيم الجهوي الجديد، اعتبرت جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف" أن التوجه لا يخدم مصلحة ساكنة المنطقة، مبرزة في بلاغ تتوفر عليه هسبريس أن منطقة "صنهاجة" بالريف تعاني من التهميش في ظل تبعيتها لإقليم الحسيمة عاصمة الجهة. وأفادت الجمعية أن جماعات المنطقة تبعد عن مدينة الحسيمة ب 75 كلم إلى 150 كلم، في حين أن المسافة البرية إلى وجدة تقدر ب 350 كلم عن أقرب نقطة، وعن أبعدها ب 500 كلم. وتابعت أن "الشبكة الطرقية بين منطقة صنهاجة الريف والحسيمة تعاني من التدهور، ما يجعل السكان يعانون خلال تنقلهم للحسيمة، أما التنقل إلى وجدة فسيزيد من هذه المعاناة ويثقل كاهل السكان ماديا ومعنويا". وأوردت الجمعية أن سكان منطقة صنهاجة بالريف مرتبطون اقتصاديا واجتماعيا بمدن تطوان، طنجة، العرائش، تاوناتوفاس، باعتبار أن "هذه المدن تعرف تواجدا مكثفا لأبناء المنطقة وهجرة مستمرة منذ عدة عقود، كما يفضل صنهاجيو الريف استثمار أموالهم بهذه المدن، في حين لا يرتبطون بأي علاقة اقتصادية أو اجتماعية بمدن الشرق." وفيما يخص الجانب الفلاحي، أوضحت أمازيغ صنهاجة أن المنطقة تعرف بزراعة القنب الهندي إلى جانب منطقة غمارة وجبالة المنتميتان لجهة طنجة-تطوان، معتبرة أن إلحاق هذه المنطقة بالشرق ستفتح من خلاله الدولة الباب بمصراعيه لامتداد الزراعة وترويج المخدرات إلى المناطق الشرقية المحاذية للحدود المغربية- الجزائرية المعروفة بالتهريب. وتطرقت الجمعية للاختلاف الثقافي والإثني عن منطقة الشرق، مردفة أن إخراج منطقة "صنهاجة" بالريف من التهميش الذي تعانيه، رهين بإحداث عمالة صنهاجة ومركزها تاركيست، وعدم ضمها لجهة الشرق، وإحداث جهة خاصة بالريف تضم أقاليم: الناظور، الدريوش، الحسيمة و"صنهاجة"، تكون الحسيمة عاصمة لها. وتقترح أيضا إلحاق عمالة "صنهاجة" المطالب بإحداثها بجهة طنجة- تطوان، نظرا للخصائص الثقافية والاجتماعية والعلاقات الاقتصادية المشتركة، "وفي أسوأ الحالات، إلحاقها بجهة فاس- مكناس، لتكون الواجهة البحرية الوحيدة لتلك الجهة"، حسب تعبير الوثيقة. عواقب التقسيم وشددت الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، عنه منسقها عبد الإله استيتو، في تصريح لهسبريس، على أن مسودة التقسيم الجهوي الجديد تعد جريمة جديدة في حق الريف، ومحاولة لتدمير وتشتيت ما تبقى من الهوية المحلية للريف". وقال استيتو "أعتبر أن التقسيم هو "نتاج عقلية مخزنية ديكتاتورية لا تراعي المصالح الجماعية، المشتركة والتاريخية للريفيين، حيث طغت بشكل واضح المقاربة الأمنية التحكمية". وأعلن استيتو أن الحركة تدافع بقوة عن تمتيع الريف بنظام الحكم الذاتي الموسع، وتعتبره بديلا سياسيا لرسم معالم مستقبل الريف وساكنته، موردا أن القبول بالوضع الراهن هو مسألة اضطرار لا موقف اختيار". وأكد أنه آن الأوان لإحداث مرحلة انتقالية لتحديد المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للريف، وأضاف "إننا مقتنعون بأن الدفاع عن نظام الحكم الذاتي الموسع للريف، هو الطريق الذي سيتيح للريفيين حكم أنفسهم، وامتلاك القرار السياسي والاقتصادي الذي يهم مصالح الشعب الريفي". ولفت منسق الحركة من أجل الحكم الذاتي بالريف، إلى أن التقسيم المقترح ستكون له عواقب وخيمة، وسينعكس بشكل سلبي على الوضع الراهن بالريف، محذرا الأحزاب المغربية من استغلال رفض أهل المنطقة لهذا التقسيم، وتوظيفه في "المزايدات السياسية الدنيئة، والسمسرة باسم الريف". وفي تصريح لهسبريس قال الحسين فرحاض، أستاذ التعليم العالي مساعد بالكلية المتعددة التخصصات بسلوان، إن التقسيم المقترح من طرف وزارة الداخلية لا يراعي الحدود التاريخية، ولا الجغرافية، ولا اللسانية للريف الكبير. وأضاف فرحاض "من طنجة إلى السعيدية يجب أن تكون جهة واحدة لأنها تمتلك نفس الخصوصيات، وتتوفر على مؤهلات اقتصادية متنوعة، كما أن تنزيل الأمازيغية سيكون سهلا في إطار جهوية موسعة تراعي استعمال اللغة الريفية في مناطقها" يورد المتحدث.