يبدو أن أزمة صامتة بين المغرب وإسبانيا قد بدأت بوادرها بالظهور على مستوى معبر باب سبتة. ففي ظل سياسة شد الحبل بين الطرفين يحاول كل طرف رمي كرة توقيف عملية التهريب في مرمى الجهة الأخرى. صحيفة “إل بويبلو” الصادرة بسبتةالمحتلة، وصفت توقف عمليات التهريب بمعبر تاراخال “بالأزمة” التي ترخي بظلالها على العلاقات بين الجارين، حيث اتهمت الجانب المغربي بمسؤوليته عن تشديد المراقبة على إخراج السلع بحجة القيام بأشغال تهيئة. حدة التوتر بدأت معالمها، مع محاولة الجانب الإسباني الترويج لفتح معبر طاراخال في وجه عمليات التهريب بشكل أحادي الجانب وذلك لتجاوز الاحتجاجات والضغط الذي مارسته جمعية التجار على الحكومة المحلية مطالبة بتعويضها عن الخسائر التي لحقت التجار جراء توقف خروج السلع من مخازنهم. وفي خطوة غريبة من نوعها، وفيما اعتبر رد فعل على تجاهل المغرب دعوات فتح معبر طاراخال قامت جهات غير رسمية بمدينة سبتةالمحتلة بتوزيع قصاصات صغيرة على مستعملي المعبر الحدودي باب سبتة باللغة العربية والاسبانية تهم لائحة بالبضائع المسموح بها للسيارات والمحتويات. واستغرب مستعملو المعبر الغرض من هاته القصاصة التي توزع بموقف السيارات بمدينة سبتةالمحتلة، خاصة و أن من تلقوا هاته الورقة خلال عبورهم من الجانب الاسباني، اكتشفوا أن الجانب المغربي ليس على علم بهذا الإجراء الذي تم بشكل أحادي ودون أي تنسيق بين الجارتين في هذا الصدد. وبين تأويلات كثير ممن حاولوا فهم حقيقة هذا التصرف، يبقى تخوف السلطات الاسبانية من تضرر وإفلاس الأسواق التجارية بالمدينة جراء الرقابة الشديدة للجمارك المغربية على السلع المهربة هو التأويل الأكثر ترجيحا في الوقت الحالي. و الجدير بالذكر، ان العلاقات بين الجارتين بالمعبر الحدودي باب سبتة أصبحت تتسم مؤخرا بنوع من “الندية” في التعامل، خاصة بعد إغلاق معبر طاراخال في وجه ممتهني التهريب المعيشي. خير دليل، هو الوقفة الاحتجاجية التي نظمها مئات الأشخاص و خاصة النساء بالمعبر الحدودي على إثر منع السلطات الاسبانية دخول النساء المغربيات ممن لا يحملن تأشيرة المرور أو الأوراق الثبوتية الخاصة بالإقامة من ولوج الثغر المحتل، حيث عاين شهود تدخل السلطات المغربية للإغلاق المؤقت للمعبر نظرا لحالة الاكتظاظ ومنع مرور السيارات التي تسبب فيها المحتجون، مما انعكس أيضا على الجانب الاسباني الذي عاش من جانبه حالة تخبط ملحوظ لتسارع بتسهيل مرور النساء وفتح المعبر أمام المحتجين. هذا ونسبة إلى مصادر جد مطلعة، فهناك اخبار تروج بان كبار تجار سبتةالمحتلة وبعد أن فقدوا الأمل في إعادة فتح المعبر، وضغوطاتهم على مندوبية الحكومة هناك، توجهوا نحو الضغط على الجانب المغربي من خلال دعوة ممتهني التهريب للاحتجاج، والدفع بالنساء كأذرع بشرية. كما أكدت بعض المصادر الموثوقة، أن نشاط ما يصطلح عليه ب “الصرافة” اصبح يعرف رواجا كبيرا في الأيام الأخيرة بالمعبر الحدودي، نظرا لإسراع كبار التجار من مدينة سبتةالمحتلة والفنيدق إلى سحب أموالهم في ظل ضبابية المشهد الحالي ارتباطا بنشاط التهريب المعيشي.