لعل الاشارات التي أطلقتها الدولة المغربية في اختيار أبناء الشمال على رأس أهم القطاعات بالحكومة لم تأتي اعتباطا رغم أن الأمر تحكمت فيه أيضا دواعي الكفاءة العلمية والتجربة المهنية، إلا أن اختيار شخصيتين من شمال المغرب لترأس وزارتي العدل والداخلية في ظرفية حساسة اتسمت ببروز نقاش حاد حول موضوع الانفصال والوحدة الوطنية لا يمكن إلا اعتبارها ردا واضحا من أعلى سلطة بالبلاد أن أي نقاش حول حراك اجتماعي للسكان خارج سياقه الطبيعي سيرد عليه بعلاجه من طرف أبناء الشمال على رأس أجهزة الدولة. بدورهم محاموا المغرب مقبلون خلال الأشهر القليلة القادمة على اختيار رئيس جديد لجمعية هيآتهم، وهي المحطة التي سيكونون فيها أمام محك التأكيد أن انتصارهم لمختلف المواعيد النضالية التي عرفتها منطقة الريف ومن منطلق دفاعهم عن القانون وحقوق الانسان، لم تكن قط في تعارض مع إيمانهم بوطنهم وأمنه ووحدته الترابية من شماله إلى صحراءه. كما أن الاتهامات التي كيلت لعدد من المحامين من أبناء الشمال بتأجيج الوضع والانتصار لأطروحات الانفصال مجرد ترهات بعيدة كل البعد عن ما عرف به قطاع المحاماة بالمغرب من انحياز إلى جانب مختلف القضايا الوطنية والتفافهم حولها منذ تأسيس هيآتهم المهنية. رسالة مهنة المحاماة ونبل أعرافها وتقاليدها تطرح اليوم على عاتق كل العاملين في هذا القطاع العريق قطع الطريق على كل مشكك في وطنية أبناء الشمال من فرسان البدلة السوداء الذين انتصروا لقيم حقوق الانسان والحريات الأساسية وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء ونزاهته وحصانة الدفاع وحريته واستقلاله ونزاهته، ولعل أبلغ رد على المشككين هو وجود ابن من أبناء الشمال والريف على وجه التحديد على رأس جمعية هيآت المحامين بالمغرب. وستكون جمعية هيآت المحامين إذا وفق أعضائها في اختيار محام من شمال البلاد لترأس إطارهم قد انتصروا ليس فقط للواجب الملقى على عاتق هيئاتهم في الدفاع عن المصالح العليا للوطن وعن وحدته الترابية فقط، وإنما سيكونون قد انتصروا أيضا إلى نبل مهنتهم وسمو رسالتها التي لا يمكن إلا أن تكون ضمن نسق منسجم مع مختلف قطاعات الدولة وأجهزتها وقواها المجتمعية. … يتبع