لم نكن نتوقع أن يثير المقال الأخير حول الوالي “يعقوبي” المعنون ب “شائعة عزل يعقوبي وحكاية بلطجيان” هذا الكم الهائل من ردود الفعل المتباينة من طرف متتبعي هذا الموقع، سواء أصدقاءه والمتعاطفين معه، أو خصوم الموقع ممن ينظرون إليه بعين الحذر والتوجس. لقد تعود القارئ التطواني بالخصوص، أن تكون مقالات “شمال بوست” في متابعة عمل الوالي “يعقوبي” وإدارته للشأن العام بالولاية سابقا، يحمل في طياته نقذا لاذعا، وتركيزا على هفواته وتجاوزاته، دون إغفال الحديث أيضا عن إنجازاته الغير المسبوقة في تاريخ المنطقة والتي لا يختلف عليها اثنان. مناسبة العودة للحديث عن “إشاعة عزل الوالي يعقوبي وحكاية بلطجيان”، هو تراجع حدة التدوينات التي ظهرت فجأة تتحدث عن قرب عزل الوالي المثير للجدل بهفواته وإنجازته، خاصة مع عدم ظهور أي إشارات من رئاسة الحكومة بشأن اللائحة التي تحدثت عنها عدة مواقع إعلامية – أغلبها غير معروفة – وتضم أسماء كبيرة على مستوى الإدارة الترابية بالمغرب، من بينها “محمد يعقوبي” قد يشملها العزل أو التنقيل كامتداد لتبعات ما بات يعرف بالزلزال السياسي. الجميع يعرف أن طريقة إدارة الوالي "يعقوبي" وأسلوبه في تدبير شؤون الولاية، خلق نوعا من الفضول لدى الشارع التطواني، حيث كان الجميع سابقا لا يعرف وجه المسؤول الأول بالولاية إلا من خلال الحفلات الرسمية لعيد العرش، أو إذا ظهر فجأة على شاشة التلفاز في مناسبة مميزة تعرفها المنطقة. ظهور الوالي “يعقوبي” راكبا سيارته وهو يتجول في شوارع مدن المنطقة أو بين الأحياء الهامشية لتطوانوطنجة يتفقد مشاريع التهيئة الحضرية، أو بالمدينة العتيقة لتطوان للوقوف على سير مشروع ترميم تراث المدينة، يجر من خلفه رجال السلطة المحلية وهم يعدون خطواته، ويحبسون أنفاسهم خوفا من غضباته، لم يكن أمرا مألوفا لدى ساكنة الشمال وبات اسم “يعقوبي” يتردد على لسان العامة كشخصية مختلفة عن باقي المسؤولين. قرار الجهات العليا بترقية اليعقوبي من عامل على المضيق وتعيينه واليا على ولاية تطوان ثم واليا على جهة طنجةتطوانالحسيمة كان قرارا منتظرا ومستحقا، ولم يكن بمحض الصدفة، بعد فتوحات الرجل في عمالة المضيقالفنيدق وبلائه الحسن في تعبيد الطرق وشقها والتواصل مع المواطنين والاقتراب منهم كممثل لنمودج جديد للسلطة الصارمة مع الأقوياء من "علية القوم" واللينة مع الضعفاء من عامة الشعب. لا ننسى كذلك أن تدبير “يعقوبي” لشؤون ولاية تطوان، خلق له أعداءا مثلما كان له أنصار كثر، ولكل تيار أسبابه التي قد تكون مقنعة أو غير مقنعة كل حسب زاوية مصلحته، حيث أسال موضوع الصفقات العمومية الكثير من المداد في ظل حالة الغضب التي انتابت المقاولات المحلية بسبب عدم حصولها على صفقات هامة تخص تهيئة مدينة تطوان، في وقت حمل البعض الآخر هذه المقاولات مسؤولية عدم رسو الصفقات عليها لعدم قدرتها على مجاراة الشركات الكبرى واشتغالها المحدود في نطاق ضيق وبرأسمال صغير، ومن جهة أخرى لخوف أربابها وجبنهم في الدفاع عن مصالحهم أمام هيبة المخزن. “الوالي يعقوبي” مستمر على رأس أعلى سلطة بالجهة، وتظل التدوينات التي خرجت من وراء أجهزة الحاسوب والهواتف، لمن كان بالأمس يدور في فلك ولي نعمته تترقب ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة، بشأن مصير ومستقبل “يعقوبي” والأكيد أن هذه الخلية التي تستحق الرثاء والشفقة تعودت اللعب على الحبلين، حفاظا على علاقتها مع مربع السلطة. عود على بدأ لا نعتقد أن واليا على هذه الجهة سيكون بصرامة وفعالية “اليعقوبي” وإذا كان قدر خطنا التحريري في شمال بوست كموقع اخباري مهني يحترم قراءه هو أن ننتقد الرجل في مناسبات عدة لأن تقييمنا أنه لم يكن صائبا في قراراته، فإن ذلك كان من منطلق واجبنا كسلطة رابعة في توجيه المسؤولين وإيصال الرأي الآخر لهم. اليعقوبي يعي جيدا أنه خادم مطيع للوطن وأينما طلب منه خدمة الوطن سيكون حاضرا بنفس الصرامة والجدية، وبالتأكيد سيكون إلى جانبه صحافيون جديون ينتقدونه ويساعدونه على فهم مكامن الاختلالات في محيط مسؤوليته، مثلما سيبقى الجبناء منتشرون على هامش الأحداث يقرضون كل حبل مثين يشد الوطن إلى بناء مؤسساته الضامنة للحق والقانون.