لاشك أن عنوان هذا الموضوع يطرح على القارئ أكثر من سؤال، ولا شك أنه يحيل متتبعي هذا الموقع على سلسلة “عين على ولاية يعقوبيان” التي تتبعت في 16 حلقة تدبير الوالي “يعقوبي” للشأن العام بالجهة وأثارت الكثير من الجدل بين معجبي وخصوم موقعنا.. الحكاية هذه المرة تتعلق بمحاولة للكشف عن مكامن العِلل التي تشكو منها ولايتنا الشريفة في شقها المتعلق بطابور خُدامهَا من البصَّاصين وسعاة حماية السلطة وأفضالها بعد بروز مؤشرات قد تكون خاطئة عن أفول نجم بطل الرواية في الولاية “يعقوبي”. الجميع يعرف أن تنصيب العامل “يعقوبي” واليا على تطوان وأسلوب هذا الأخير في تدبير شؤون الولاية خلق جدلا غير مسبوق في تاريخ هذه المنطقة، وكنا حينها سباقين للقيام بتغطية كاشفة لطريقة اشتغال هذا الرجل في التدبير اليومي وفي الإشراف على الأشغال، وفي الصفقات وفي تنفيد المشاريع، ولم نتوانى في وضع المجهر على مكامن الخلل في تدبير هذا الوالي وبعض الاختلالات التي رافقته عبر سلسلة من المقالات جرّت علينا حينها غضب طابور المستفيدين من آل”نْعم سيدي” والذين يدورون في فلكهم من الصغار، أملا في تصحيحها وتدارك أخطائها لتحقيق تنمية شاملة تستحقها هذه المنطقة، وتحملنا حينها كل أنواع السب والقذف والتهديد والتشهير بثبات وإيمان عميق بنبل أهدافنا وصفاء طويتنا، شرحنا حينها في الحلقة الأولى من السلسلة أننا لا نهاجم شخص الوالي ولا نتعرض لخصوصياته، بقدر ما نحترمه كأعلى سلطة بالولاية، وأن هدفنا أن نتابع تدبيره للشأن العام وأسلوبه المُثير للجدل. كان همنا أن نعرض للقارئ تشخيصا دقيقا لما يجري في ولايتنا الشريفة وتداعيات هذا التدبير على المواطن الشمالي والتطواني بالخصوص، واخترنا لذلك عنوانا استقيناه من اسم الوالي، الذي كان ولا يزال في نظرنا يجمع بين وجهين في اسم واحد، الوجه التقنوقراطي الذي أبلى البلاء الحسن في متابعة وتنفيذ المشاريع التي قلبت المدينة رأسا على عقب، والوجه السياسي الذي حرص في كثير من المحطات على تجاوز القوانين وعدم الاعتراف بها أحيانا بمبرر تنفيذ التعليمات وتحقيق الفاعلية… والحقيقة نعترف أن السلسلة كانت قاسية في إطار ما تستوجبه المهنية والموضوعية، ولم نكتفي فقط بمكامن الخلل حتى لا نكون عدميين، بل بالإشارة كذلك إلى إيجابيات هذا التدبير ال”يعقوبي” الذي لم يكن بُدّاً من الاعتراف والتنويه به، فلا يختلف اثنان على بصمة الوالي في تغيير الكثير من المعالم بولاية تطوان سابقا – عمالتي تطوان والمضيق الفنيدق حاليا – فقد برِع الوالي “يعقوبي” في عمله بشكل غير مسبوق، وتميز تدبيره بالتنفيذ السريع وبالجرأة والاجتهاد اللذان افتقدا إليهما سابقيه. سؤال أسباب النزول أو أسباب العودة إلى هذا الموضوع يتعلق بزلزال القرارات الملكية بإقالة مجموعة من الوزراء والموظفين السامين من المسؤولين عن اختلالات تدبير مشاريع حيوية في شمال المملكة، حيث تداولت بعض المنابر خبر إقالة بعض الولاة وفي مقدمتهم بطل ولايتنا الوالي “يعقوبي”، الخبر أو الشائعة انتشرت كالنار في الهشيم، واهتزت الأرض تحت أرجل طابور المستفيدين من أعوان الخدمة من مُنتحلي صفات غير صفاتهم، والذين انتفضوا من رمادهم لجلد “الوالي” واعتباره أحد أسباب الأزمة، في وقت كانوا لا يقدرون على فتح أفواههم زمن قوة الرجل وسطوته، عملا بالمثل العربي “حينما تسقط البقرة تكثر السكاكين”، رغم أن الوالي “يعقوبي” قد لا يسقط بهذه السهولة، وتكون إنجازاته في تنزيل عدد من المشاريع بالجهة شفيعة له، وسيخرج ساعتها من زلزال الإقالات أقوى من ذي قبل. حكاية هؤلاء تستحق الرثاء والشفقة وتعود بنا إلى مُربَّع علاقة السلطة بطابور أدواتها من البلاطجة، منهم من استسلم لمصيره ومنهم من ينتظر، لكن المفاجأة أن بعضهم وعلى غير العادة تجاوز حدود المعهود، وبدل قراءة الفاتحة وانتظار ما يجود عليه القدر، قفز من الطابور يبحث عن حُلَّةٍ جديدة تساعده على عبور صحراء الهجْر، وبدل التخفي والاختباء وانتظار القادم، فاجئنا بعضهم من المحسوبين على ما سميت بخلية الفواكه الذَّائعة الصيت بتدوينات رديئة تنتقد الوالي “يعقوبي” وكأنها كانت دائما في صف المنتقدين.. هي شريحة جديدة من سُعاة الخبز ظهرت مع ظهور الفضاء الأزرق، شريحة جبانة تخلط بين الذكاء والتذَاكي ومآلها مهما حاولت لن يتعدى دورها الطبيعي في صفوف العيَّاشة بأقل رتبة. هذه الكائنات التي لا تستحق التسمية نعترف لها بإيجابيات تحفيزنا على الاستمرار في ممارسة المهنة بمسؤولية وبقول الحقيقة ونقل الخبر كما هو، هذه الكائنات جعلتنا اليوم نفتخر بأننا كنا على صواب في انتقادنا للوالي ” يعقوبي ” في عز قوته وصولاته، وبنفس القوة والمشروعية نقول اليوم أن ” يعقوبي ” من الولاة الذين طبعوا تاريخ هذه الجهة بما له وبما عليه، نقولها بجرأة ومسؤولية سواء تم عزله أم لم يتم، فسيبقى للرجل مكانته في قلوب الكثيرين داخل ولايتنا، وستظل إنجازاته راسخة، ونكاد نجزم وبدون مبالغة، أن الرجل أفلح في فضح عورة المنتخبين وتلميع وجه الدولة وتقديمها كمُنقدة، وكجهة وحيدة قادرة على الإصلاح. مفارقة هذا الموضوع أن ما دعوناها ب ” ولاية يعقوبيان ” اعتمدت على مساعدة صنفين من البلاطجة أي على بلطجيان، الثاني منهما كان موضوعنا الذي سنتناوله لاحقا بالتفصيل والأسماء. انتظرونا في المقال الثاني : تراجع إشاعة عزل "يعقوبي" وحكاية بلطجيان (2)