في قرار ملفت، سمحت المخابرات المغربية لوسيلة إعلام أجنبية بالإطلاع على تقرير شائك حول الريف يتضمن اتهامات بتحريك جمعيات أمازيغية لما سمته نزعة الانفصال انطلاقاً من أوروبا، وبالتحديد من هولنداوبلجيكا. وخلفت هذه الاتهامات موجة غضب وردود فعل خاصة من بعض المعنيين بهذه الاتهامات. ويتعلق الأمر بالمجلة الفرنسية التي تهتم بقضايا القارة الافريقية «جون أفريك» التي أصبحت الدولة المغربية تزودها بمختلف الأخبار الهامة بديلاً عن الصحافة المغربية. ومن الأمثلة أن أخبار تحركات الملك محمد السادس تنفرد بها هذه المجلة مثل احتمال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ميامي. ويبقى المثير هو ما ادعته المجلة خلال نهاية الأسبوع من اطلاعها على وثيقة للمخابرات المدنية المغربية حول تطورات الاحتجاجات في إقليمالحسيمة في منطقة الريف شمال البلاد. وتزعم المجلة بوجود جمعيتين أمازيغيتين واحدة في بلجيكا والثانية في هولندا تشرفان على الاحتجاجات التي تهز شمال المغرب منذ شهور، اي تاريخ الوفاة المأساوية لبائع السمك فكري عندما مات مقتولاً بعدما تعرض لعملية طحن في شاحنة للأزبال. وتدعي هذه المجلة أن هذه هي النتيجة الرئيسية التي توصلت لها المخابرات بعد تحقيق وتحليل، وهي موجودة في تقرير سري للغاية اطلعت عليه هذه المجلة الصادرة في باريس. وتتحدث الجريدة عن جمعية التجمع الديمقراطي للريف «أغراو نالريف» وجمعية 18 سبتمبر لاستقلال الريف. ومن ضمن ما أوردته جون أفريك هو تمويل هذه الجمعيات لعدد من الناشطين في الحراك الريفي عبر تحويلات مالية من أوروبا. ولم تكذب هيئة الشرطة والاستخبارات المغربية ما أوردته هذه المجلة المتمركزة في باريس، علما أنها تبادر الى تكذيب أو تأكيد بعض الأخبار بسرعة فائقة للغاية. ويبقى التساؤل هل بادرت الاستخبارات بنفسها الى إطلاع جون أفريك على الوثيقة، وهذا يشكل سابقة مثيرة للغاية لأن الاستخبارات المغربية لا تزود حتى البرلمان بالتقارير أو اطلعت المجلة عليها من خلال القرصان كولمان الذي كان قد قام بتسريب وثائق سرية للغاية تعود للدبلوماسية والاستخبارات المغربية؟ الفرضية الثانية تبقى مستبعدة للغاية بحكم أن القرصان كولمان أراد إضعاف هذه الدبلوماسية والاستخبارات بينما جون أفريك هي الوسيلة الاعلامية المفضلة لدى الدولة المغربية لتمرير خطابات. وهذه الوثيقة تبرز تناقض الدولة المغربية، فمن جهة تعترف بتهميش الريف وهناك أوامر ملكية صارمة بالاشراف على مشاريع جديدة، ومن جهة أخرى هناك التشكيك والحديث عن المؤامرة الخارجية لتبرير موجة الحراك القوية، علماً أن المحتجين يرفعون فقط مطالب اجتماعية محضة. وتخلف هذه الاتهامات ردود فعل قوية وسط المجتمع المدني المغربي وخاصة في أوساط الهجرة التي ترفض استمرار الدولة في استعمال فزاعة الأيادي الخارجية. وكانت هناك انتقادات قوية على شبكات التواصل الاجتماعي. فقد اشار الناشط سعيد العمراني المقيم في بلجيكا وهو من مؤسسي التجمع الديمقراطي للريف الى ان هذه الهيئة لم تعد تنشط نهائياً في الوقت الراهن، وكانت مطالبها واضحة وهي الحكم المختلف عن مناطق المغرب، مضيفاً أنه شعار يستمر في الرهان عليه من داخل هيئات من داخل المغرب ينتمي الى عضويتها أعضاء مثل منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب. وفي مقال له في جريدة صوت المهاجر، شن نقداً لاذعاً ضد المخابرات المغربية، داعياً إياها الى الاهتمام بالجمعيات التي تهدد المغرب، وفي تهكم كتب أنها «جمعية الفساد الإداري» و«جمعية اقتصاد الريع» وتهريب الأموال ضمن أخرى، أي الظواهر التي تهدد الاستقرار الاجتماعي وتجعله في مهب الريح بسبب ارتفاع اليأس وسط المجتمع المغربي من السياسات المتبعة.