انتهت ليلة أول أمس السبت، 30 يونيو 2012، أشغال المؤتمر ال 16 لحزب الاستقلال بإعلان رئيس المؤتمر، محمد الأنصاري، عن تأجيل انتخاب الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال إلى تاريخ لاحق.
وفي تصريح للصحافة قال رئيس المؤتمر أنه " تقرر بتوافق كافة الأطراف تأجيل انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني التي كان من المقرر أن يتم خلالها انتخاب الأمين العام وأعضاء اللجنة التنفيذية " للحزب.
ويأتي هذا التأجيل كنتيجة للخلافات التي ظهرت قبل وأثناء المؤتمر وخاصة بعد دخول حميد شباط على خط المنافسة حول منصب الأمين العام للحزب إلى جانب عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال علال الفاسي.
وذكرت مصادرنا أن عبد الواحد الفاسي واجه شباط ولجنة التنظيم بدلائل قاطعة عن الخروقات التي شابت عضوية مجموعة من مؤتمري المجلس الوطني، حيث قام شباط بإغراق هذا الأخير بأتباعه من القطاعات الموازية خاصة النقابية والشبابة منها، إذ أن أصدقاء عبد القادر الكيحل، مثلا والمحسوب على ثيار شباط، تجاوز عددهم بكثير الكوطا التي كانت مخصصة لهم.
وتبين بعد ذلك، يقول مصدرنا، أن هناك بعض الأشخاص يحملون نفس الاسم كما أن بعض أعضاء المجلس الوطني، تم تغيير أسمائهم بأسماء أخرى وخاصة بنواحي فاس وأحوازها. و تجاوز بذلك عدد أعضاء المجلس الوطني بكثير العدد القانوني المتمثل في 850 عضو.
وتنصّ قوانين الحزب على أن عضوية المجلس الوطني لا تستقيم إلا إذا كان العضو سبق له أن تحمل مسؤولية، لمدة لا تقل عن أربع سنوات، في أحد أجهزة الحزب المحلية أو الجهوية أو منظمات الحزب الموازية...وهو ما لا يسري على أغلب الأشخاص الذين ساقهم شباط ومنحهم عضوية المجلس الوطني بتواطؤ مع المفتش العام المسؤول عن التنظيم. وقد تم تسريب الشارات" Les badges " وطبعها بالخارج من طرف أتباع شباط الذين اغرقوا قاعة المؤتمر بأعضاء يحملون صفة "عضو المجلس الوطني".
وعند مواجهة شباط والمفتش العام المسؤول عن التنظيم بهذه الحقائق من طرف عبد الواحد الفاسي، تم الاعتراف بالأمر الواقع وبذلك تم الاتفاق على تأجيل انتخاب الأمين العام للحزب وكذا اللجنة التنفيذية إلى غاية شهر شتنبر القادم ، في انتظار تنقية وضبط لائحة أعضاء المجلس الوطني.
إلى ذلك شهد المؤتمر مواجهات عنيفة بين أنصار كل من شباط وعبد الواحد الفاسي تبودلت فيها اللكمات والضرب بالكراسي والطاولات(الصور).
وقال عبد الواحد الفاسي في كلمة موجهة للمؤتمرين بالمناسبة. إنه تقرر عقد دورة المجلس الوطني للحزب " في الأيام القليلة المقبلة" لانتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية. مبرزا " الجو الإيجابي الذي مرت فيه أشغال المؤتمر".
من جهته أكد حميد شباط . في كلمة له بالمناسبة. تمسكه بالترشح إلى جانب نجل الزعيم علال الفاسي، حي قال "ما زلت أنا والسيد الفاسي مرشحين لمنصب الأمانة العامة للحزب. وسندبر أمورنا بحكمة وتبصر".
وينصّ القانون الأساسي للحزب. على أن انتخاب الأمين العام يتم من طرف المجلس الوطني بالاقتراع السري وبأغلبية الأصوات. وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
وكان المؤتمرون قد صادقوا أمس السبت، خلال جلسة عامة على التقرير المذهبي الذي عرضه عباس الفاسي الأمين العام للحزب في بداية أشغال المؤتمر الذي انطلق أول أمس الجمعة. والذي يتضمن التوجهات العامة للحزب وحصيلة أداءه الحكومي وكذا رؤيته لعدد من القضايا الوطنية والدولية.
كما صادق المؤتمرون على التقرير المالي للحزب الذي قدمه محمد سعد العلمي أمين المال. والذي يتضمن أرقاما حول مالية الحزب والدعم المقدم له بالإضافة إلى مصاريف الحزب المختلفة .
يبدو أن الاستقلاليين يتجهون نحو المجابهة بين فريق يستند إلى الشرعية التاريخية معتمدا في ذلك على الاسم العائلي ل"آل الفاسي " وأحقيتهم في زعامة حزب علال الفاسي، وبين أنصار شباط الذين يرون أن لهم الحق في الزعامة استنادا للقواعد وللشرعية الجماهيرية خاصة انهم يسيطرون على قطاع الشباب ونقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التي يتزعمها شباط. فهل سينجح شباط في تحقيق ما فشل فيه أواخر الثمانينيات عندما واجه المراكشي امحمد بوستة الذي كان آنذاك في قمة عطائه، ويتمتع بجماهيرية لم يكن لشاب طموح كشباط، تجاوز بالكادّ سنّ 36 سنة، أن يضاهيه فيها؟ وهل ستنتقل بذلك زعامة الحزب مرة أخرى خارج فاس (إلى تازة مع شباط)، بعد أن انتقلت في المرّة الأولى إلى مراكش مع بوستة. وهل سيفلح شباط في "تربية أولاد الفاسي" كما سبق أن صرح بذلك؟ وحدها الأيام كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة التي تورق مضجع الصحافة ووسائط الإعلام في الوقت الحاضر.