الموقع الجغرافي للمجال الساحلي أمجاو - تروكوت 1-الإهتمام بالقطاع الفلاحي تشكل الفلاحة بالمجال الساحلي أمجاو– تروكوت أهم الأنشطة الإقتصادية للساكنة المحلية، وبالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها هذا القطاع في حياة المواطنين منذ القديم والعدد الهام من الأيدي العاملة التي تستوعبه، فإن واقع هذا القطاع يتطلب الإهتمام به وصيانته من خلال دعم الفلاحين سواء عن طريق تأطيرهم أو تقديم المساعدات في المواد الفلاحية المخصبة، كما أن حال الدوائر السقوية في العديد من الجماعات المدروسة تتطلب تدخلا من أجل إعادة إصلاح القنوات التي تنقل المياه، إضافة إلى أن المجال الساحلي أمجاو – تروكوت يتوفر على كل المقومات التي يمكن من خلالها إقامة سد بغية تجميع مياه الأودية لاستعمالها سواء في الأغراض المنزلية أو في السقي علما أن المجال المدروس يتوفر على أودية هامة مثل واد كرت وواد أمقران بالإضافة إلى أودية أخرى صغرى، كما أن إقامة السد بهذه المنطقة من شأنه التخفيف من حدة التعرية التي يعرفها المجال خاصة في الأراضي الزراعية المتواجدة بالمنحدرات .
توزيع الأراضي الزراعية المسقية والبورية بالمجال الساحلي أمجاو – تروكوت (بالهكتار)
تنبقى إذن إشكالية النهوض بالقطاع الفلاحي تستدعي تدخلا من خلال : أولا : تشجيع خلق جمعيات حقيقية تكون مهمتها الإهتمام بالقطاع الفلاحي المسقي ومنحها حق التسير وتنظيم إستغلال الموارد المائية، على شاكلة االتنظيم التقليدي. ثانيا : إجاد حلول لمشكل المنافسة على الماء بين المجالات التي تستعمل الأبار في السقي وتلك التي تعتمد على المنابع والعيون الطبيعية، حيث أن المجال المدروس يعاني من غياب الدراسات فيما يخص الفرشات الباطنية. الأمر الذي أدى إلى العشوائية في حفر الأبار بشكل غير قانوني، حيث هناك مجالات مسقية صغيرة تعتمد على الأبار في السقي ونتيجة لحفر أبار جديدة بعاليتها تم قطع الطريق أمام وصول المياه إليها، مما يسبب في تخفيف منسوب الماء بها . يتبين إذن ان الماء يشكل العنصر الحاسم والمتحكم في التنمية الفلاحية بالمنطقة، فإذا كانت الموارد المائية قد ساهمت في القديم في توسيع المجالات الفلاحية، فإنه أصبح الأن من بين أهم الأسباب التي تؤدي بالفلاح إلى التقليص من المساحات الزراعية الأمر الذي يتطلب تدخلا من قبل الجهات المعنية من أجل تنظيم الإستغلال المعقلن للماء، كما يجب تشجيع الفلاحين على إستعمال التقنيات المقتصدة للماء في السقي كالتنقيط .
صورة: تبين عملية السقي بالتنقيط بجماعة تروكوت
المصدر : دربوشي . ك ماي2011
توضح الصورة مشارة لفلاح من جماعة أتروكوت يعتمد في سقيها على أسلوب التنقيط حيث مصدر الماء هو بئر يوجد بجوار منزل الفلاح في الشمال من الصورة وتعود ملكية البئر إلى الفلاح الذي حفره بإمكانياته الخاصة . 2 الصيد البحري رهان كبير بإمكانيات محدودة
إن قطاع الصيد البحري لم يستغل بعد بالطريقة المثلى، إذ لا يزال يعاني من مشاكل مهمة مثل ضعف وسائل الصيد وقدمها، وكذا غياب الإستثمارات التي تليق بالقطاع. ومن شأن الإهتمام بهذا القطاع أن يشكل قوة إقتصادية وأن يوفر فرص شغل جديدة، حيث أن إقليم الدريوش يتوفر على ميناء صغير وحيد على الرغم من تهيئته فإنه لا يزال بحاجة إلى تجهيزات أخرى وكذا عدم إشتغال بعض التجهيزات التي أحدثت في إطار إعادة تهيئته، وبالتالي فإنه مادام الإقليم يتوفر على ميناء وحيد فإنه مطالب بالإهتمام به حتى يساهم في التنمية الإقتصادية للإقليم الفتي . كما أن تجهيز مواقع الصيد الأخرى المنتشرة على الشريط الساحلي للإقليم التي لا تزال تشتغل بطرق تقليدية أن يساهم في الرفع من الإنتاج السمكي وبالتالي تحسين دخل البحارة . كما يجب تجاوز تظافر تدخل إدارتين في تدبير قطاع الصيد البحري بالمجال الساحلي أمجاو–تروكوت (مديرية الصيد البحري بالناظور ومديرية الصيد البحري للحسيمة ) من أجل توحيد التدبير من قبل إدارة واحدة، علما أن معظم الصيادين يرغبون في الإنظمام إلى مديرية الصيد بالناظور خاصة صيادي جماعة أولاد أمغار وجماعة بودينار حيث هذه الإدارة تتوفر على مصلحة تمثلها بسيدي حساين مما يجعلها قريبة منهم. من خلال الصورة يتضح الأوضاع الصعبة التي يعيشها صيادي المنطقة جراء غياب البنيات التحتية الضرورية
تأسيسا على ما سبق فإن الشريط الساحلي أمجاو – تروكوت يتوفر على مقومات التنمية وما ينقصه هو غياب التهيئة والإهتمام من قبل الجهات المسؤولة، حيث أن بإمكان القطاع الفلاحي والصيد البحري والمؤهلات السياحية التي يتوفر عليها الإقليم أن تساهم في التنمية الإقتصادية خاصة وأن المجال تخترقه الطريق الساحلية المتوسطية التي عملت على فك العزلة عنه وأن عملية تسويق منتجات الفلاحة والصيد البحري لا تطرح أي عائق . 3 تثمين القطاع السياحي لحد الأن يظل القطاع السياحي الجانب الأضعف بالمجال الساحلي أمجاو– تروكوت الأمر الذي يدل على مدى الضعف الذي يميز هذا القطاع وبالتالي غياب عمليات التهيئة لمؤهلات متنوعة لا تزال لم تحظى بالعناية التي تستحقها. على الرغم من أن المجال يتميز بتنوع هام على المستوى الطبيعي وهو ما يمكنه من الإندماج في الإقتنصاد الجهوي والإقليمي، حيث يتوفر الشريط الساحلي على شواطئ هامة وتلقى إقبالا في فصول الصيف على الرغم من غياب البنيات التحتية مثل شاطئ السواني التابع لجماعة تروكوت وشاطئ سيدي دريس الذي يتوفر على كل المقومات السياحية، إضافة إلى شواطئ أخرى مثل شملالة بدار الكبداني وشاطئ تزاغين وبالتالي فإن هذه الشواطئ تنقصها البنيات التحتية الضرورية مثل الطرق التي تربط الشواطئ مع الطريق الساحلية المتوسطية، خاصة وأن شبكة المواصلات تشجع السياح سواء المغاربة أو الأجانب على التردد على المجالات السياحية . إضافة إلى تقوية البنيات التحتية، فإن تنمية القطاع يتطلب التعريف بالمؤهلات المتوفرة علما أن المجال يتوفر على معالم تاريخية مهمة. كما أن الجماعات المحلية هي أيضا لها المسؤولية في تنمية القطاع السياحي داخل نفوذها الترابي، لكن في نفس الوقت يجب عدم إغفال ألية مهمة تتعلق باستدامة الموارد السياحية المتوفرة من خلال التعامل مع الموارد المتاحة بمنطق الربح .
4 تدبير وتثمين الموارد المحلية وهو الموضوع الأكثر حساسية من أجل تحقيق أي تقدم تنموي بالمنطقة، ونخص بالذكر ماهو طبيعي من تربة وغطاء نباتي ومياه، فقد لاحظنا في الفصل الأول من هذا البحث حالة التدهور التي وصلت إليها الموارد، فالغطاء النباتي المورد الأكثر تجددا تراجعت مساحته بسبب الضغط المتواصل عليه نتيجة للتدخلات السلبية للإنسان بالمجال، كما أن التربات الجيدة تعرضت إما للإنجراف أو لتراجع مادتها العضوية نتيجة التعرية التي تعرفها مناطق مختلفة من المنطقة، كما أن الموارد المائية تراجعت بشكل كبير حيث العديد من الأبار جفت وأخرى تعمقت فرشاتها نتيجة لإعادة حفر البئر من جديد وبالتالي فإن الأمر يتطلب تدخلا من أجل : أولا : تثمين الموارد المتبقية منها وذلك عن طريق فرض سياسة إستغلال لائقة تتماشى وقدرة الموارد المتوفرة على التجديد، ونورد هنا على سبيل المثال المورد الأساسي المتمثل في الماء، حيث أصبح الوضع أكثر من أي وقت مضى يتطلب إقامة سد من أجل تجميع مياه الأودية المتوفرة بالمنطقة. ثانيا : الإهتمام بالمورد الذي يؤكد الكل على ضرورة تثمينه والمتعلق بالبشرية، فحسب ما تم ذكره من إكراهات يجب فتح علاقات التعايش المتبادل بين ساكنة الأرياف وساكنة المدن بغية التحول إلى قطب التنمية لا قطب للتخلف والإستنزاف، وفي هذا الصدد يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورا رياديا على مستوى تحسين وضعية الساكنة الريفية عن طريق تنظيم جمعيات تهتم بقضايا ومشاكل الساكنة الريفية . في الختام يتميز المجال الساحلي أمجاو – تروكوت بموقع إستراتيجي مما يجعله يتوسط قطبين حضريين هامين (الحسيمة والناظور) إلا أنه على الرغم من ذلك فإن فكرة التخطيط التنموي لدى الناشطين في الميدان التنموي غائبة، وأمام هذا النقص يجب على جميع الأطراف أن تنظم للقاءات محلية منتظمة، لوضع جهاز وبرنامج من خلاله يمكن مراقبة وتطبيق كل المشاريع التنموية وفق الأهداف الرامية إلى الملائمة مع المجال المحلي . كذلك تفعيل مبدأ التنسيق وفقا للمنهج التشاركي وكذا التخصص لدى كل الجهات المعنية بالتنمية، خصوصا لدى الجمعيات المهتمة بالتنمية، وإفراغها من التوجهات السلبية المسيطرة عليها الحزبية، العصبية القبلية (أقصد بالعصبية القبلية : تعصب الجمعية لدوار أو الجماعة التي تنمتمي إليها)، مع الدفع إلى البحث عن التكامل فيما بين الجمعيات وليس إلى التنافس، بالإضافة إلى البحث عن تسوية أهدافها من خلال تقوية قدرات أعضائها، مما سيجعلها تساهم في خلق شبكة لمختلف متطلبات التنمية المحلية المنشودة، وهذا بطبيعة الحال لن يتحقق إلا بتكريس مفهوم الشراكة والتكوين والتأطير الذي يجب أن ينخرط فيه كل الأعضاء في جميع المؤسسات المحلية المعنية بأمر التنمية. إضافة إلى عدم إعتبار السكان كطرف مستهدف وفقط وإنما إشراكه في الدورة الإنتاجية لكل ما من شأنه أن يعمل على تنمية المنطقة.