بات إقليم الدريوش الفتي بعد الإنفصال عن الإقليم الأم الناظور وفي إطار حدود النفوذ الترابي للإقليم الذي يشمل جماعات دائرتي الريف والدريوش يتوفر على واجهة بحرية متوسطية بطول 80 كلم تمتد من مصب واد كرت بجماعة أمجاو إلى مصب واد النكور بجماعة أتروكوت، تشكل –أي الواجهة البحرية- ببعض مراكزها مجال قطاع الصيد البحري بالإقليم، هذا القطاع الذي وجد نفسه كأغلب القطاعات الأخرى بعد الإستقلال عن إقليمالناظور- ونتيجة لتراكمات سياسة الناظور النافع وغير النافع والذي يشكل الأخير في أغلبه ما بات اليوم إقليم الدريوش-،ورغم المؤهلات الطبيعية والبشرية المساعدة، وجد نفسه يعيش إكراهات متعددة تقف في وجه تطوره وتجعل الإقليم في حاجة لعمل مضاعف للنهوض به وجعله قطاعا حيويا ومكونا من مكونات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإقليم الدريوش معطيات فنية تعكس وضع القطاع يتبع قطاع الصيد البحري بإقليم الدريوش إداريا للمندوبية الإقليمية للصيد البحري بالناظور والتي تعمل بنفوذ ترابي يمتد من الحدود المغربية-الجزائرية إلى واد النكور بالدريوش، وإلا حد الساعة لا يصل الإشراف الإداري للقطاع بالإقليم حتى لمستوى مندوبية فرعية بينما يتكتل الصيادون في إطار جمعيات وتعاونيات بعدد من مراكز الصيد فيما يمثلهم مقعد واحد بكل من الغرفة المتوسطية للصيد ومجلس الإقليم، هذا فيما يخص الجانب الإداري. ويبقى ميناء سيدي احساين الذي أنجز في إطار التعاون المغربي الياباني الميناء أو بتعبير أدق يراعي وضع وحجم المنشئة قرية الصيادين الوحيدة الموروثة عن الإقليم الأم، والتي حضيت العام الجاري بزيارة من جلالة الملك تعززت خلالها بمجموعة من المنشئات، حيث تحتضن القسم الأكبر من مراكب الصيد التقليدي التي يفوق عددها 300 مركب منتشرة على نقاط الصيد بالإقليم وهي تحديدا ب "تروكوت، أولاد أمغار بودينار، بني مرغنين، أمجاو، تازغين ودار الكبداني" (أنظر الخريطة) وهي الجماعات الساحلية بالدريوش، انتقل بها حجم المنتوج المصرح به لدى مكتب الصيد بميناء سيدي احساين من 205 طن سنة 2006 تاريخ بداية أول عملية تصريح إلى 1277 طن بعد 3 سنوات في 2009 وهو تطور لا يفسر بالضرورة بتحسن في التجهيزات أو المساعدات ساهم في تنمية الانتاج وإنما راجع أساسا للحزم في جرد ما يتم اصتياده والذي يبقى على العموم أكبر من المصرح به خاصة في ضل الوضع الإداري الذي سبقت الإشارة له ولأن الجرد يتم بالأساس بميناء سيدي احساين ولا يشمل باقي المراكز التي يمكن وصفها بالعشوائية أمواج الصيف قد تقطع رزق صيادي الدريوش ميناء سيدي احساين مركز قطاع الصيد بالإقليم الذي استفاد من موقع جغرافي وتركيب جيولوجي مساعد أضافت له اليد البشرية بعض الحجارة والجلاميد وجهزته ببعض المركبات ليصبح ميناءا، يجد الصيادة به أنفسهم وأرزاقهم رهينة بأحوال الطقس وارتفاع الأمواج فبالإضافة إلى اقتصار النشاط به على الصيد التقليدي ما يعني استخدام المراكب الصغيرة التي لا تقوى على علو الأمواج فالميناء لا يتوفر على حاجز وقائي يمنع الأمواج من دخوله ويبقى منفتحا على التيارات التي تدخله فيمنع اشتدادها خروج ودخول المراكب نتيجة لمنفذه الضيق، مما يجعل البحارة يعيشون هاجس اصتدام مراكبهم الصغيرة المتهالكة بالحواجز نتيجة لأصغر موجة صيف، أما عن المكان الجاف لرسو القوارب فضيقه وعدم استيعابه لكل القوارب ووضعية الميناء المنفتحة يذكي الخلافات بين الصيادة حول حجز الأماكن لقواربهم، هذا عن الميناء الوحيد بالإقليم أو "الجنة" بالنسبة لمراكز الصيد الأخرى التي تعتمد أساسا على معطى طبيعي لممارسة النشاط دون أدنى تجهيزات أو امكانات، وهي معطيات تضاف لأخرى تفرز الحد الأدنى من أيام نزول القوارب للبحر وبالتالي فأرزاق بحريي الدريوش القليلة أصلا متوقفة على الأيام المشمسة والمياه الراسية وما عدا ذلك فالمغامرة قد تعني فقد المركب أو حتى الحياة. بينما يعيش البحارة الصغار شظف العيش بقلة المداخيل وعدم انتظامها وبالحرمان من الرعاية الصحية والحماية الأمنية مؤشرات بشرية وطبيعية تبحث عن التوظيف رغم الاكراهات والعوائق العديدة والصعبة التي يعيشها قطاع الصيد البحري بإقليم الدريوش إلا أن القطاع يتوفر على مؤهلات ومعطيات تشكل مادة خام لنهضة القطاع ومساهمته في تنشيط إقتصاد الإقليم والرفع من دخل البحارة، فبالإضافة إلى تواجد الطريق الساحلي الذي أعاد التذكير بمنطقة طالها النسيان بين زرقة المياه وكثافة الغابة وعلو الجبل، طريق يمر بكل مراكز الصيد بإقليم الدريوش ويربطها بمناطق التسويق خارج الإقليم، إضافة إلى العامل البشري بوجود ساكنة نشيطة ويد عاملة مؤهلة لممارسة نشاط الصيد الذي يشكل موردها الأساسي ونشاطها الوحيد إضافة للفلاحة التي أنهكتها سنوات الجفاف، وكذا توفر الساحل على مخزون سمكي مهم ومتنوع وذو جودة حيث بات"سمك الساحلي" وهو ما يعرف به المنتوج السمكي للمنطقة مرادفا للجودة رغم غلاء الأثمان، وهو ما يضمن وفرة في الانتاج ومردود تجاري كبير، عوامل ومعطيات يبقى الرهان في استثمارها بعد سنوات من التهميش والتناسي على طموح إدارة الإقليم الجديد في إطار رهانات التنمية الاقتصادية الشاملة لكل مناطق الإقليم بتوظيف مؤهلات وامكانات كل منطقة تحذير من تزوير "سمك الساحلي" سمك إقليم الدريوش على سبيل الختم ولضمان بقاء الصيت الكبير الذي يحضى به سمك مصايد اقليم الدريوش والذي يعرف لدى العامة ب "سمك الساحلي" كونه يباع على الطريق أو مباشرة بالميناء وأغلبه من الأسماك الكبيرة والأنواع النادرة والغالية، نشير هنا الى ظاهرة بدأت تفاقم حيث يعمد بعض الصيادين والسماسرة الى بيع أسماك يتم الاتيان بها مجمدة وأغلبها من مصايد المدن الأطلسية كالعرائش والدار البيضاء حيث بدأت كميات هذا السمك الذي يحقق الربح الكبير نتيجة الاقبال الكبير عليه على أنه سمك طازج من مصايد الدريوش في تزايد مضطرد وبه وجب الاخبار