عادل الزعري الجابري- و م ع يشكل تنفيذ المشاريع الممولة من طرف الاتحاد الأوروبي في المغرب ودعم التكتل لجهود المملكة في حربها الناجحة ضد وباء "كوفيد-19"، خلال الآونة الأخيرة، موضوع معركة تدور رحاها خلف كواليس البرلمان الأوروبي. وتتجسد هذه الهجمات العدائية، المنسقة من قبل نواب أوروبيين ينتمون لأقصى اليمين وثلة من مؤيدي الطرح الانفصالي بالبرلمان الأوروبي، في تقديم أسئلة برلمانية متكررة وغير منتظمة للمفوضية الأوروبية، في أعقاب نشر تقرير محكمة الحسابات التابعة للاتحاد الأوروبي، والمتعلق بموضوع الدعم المالي. لكن رد السلطة التنفيذية الأوروبية لا رجعة فيه. لقد حسمت بشكل نهائي، وكأن الأمر يتعلق بشهادة إبراء للذمة، في هذا الموضوع الذي يحاول خصوم المملكة، كل مرة، دسه في دائرة التداول البرلماني. وهكذا، جاء التصويب ضمن إجابة، هي الثالثة من نوعها في أقل من شهر، للمفوض الأوروبي للتوسع وسياسة الجوار الأوروبية، أوليفر فاريليي، الذي جدد التأكيد على عزم المفوضية الأوروبية الاستمرار في استعمال الدعم المالي كإجراء لمساندة المغرب خلال فترة البرمجة المقبلة، موضحا أن تقرير محكمة الحسابات الأوروبية لا يوصي المفوضية بالتوقف عن اللجوء لهذه الآلية. فبعد هذا التوضيح، يبدو جليا أن المفوضية الأوروبية تحافظ على نفس النهج، أي رفض استنتاجات وتوصيات محكمة الحسابات الأوروبية، ومن ثم، فإنها لا تكترث لمناورات الانفصاليين وبعض أوساط أقصى اليمين، التي تحاول توظيف تقرير المحكمة للمساس بالمغرب ونزع المصداقية عن العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي. ويحيل جواب المفوض فاريلي، أيضا، على الموقف الذي تستمر المفوضية الأوروبية في الدفاع عنه، إن على مستوى مجلس الاتحاد الأوروبي أو داخل البرلمان الأوروبي. وكان المفوض الأوروبي قد جدد التأكيد على نفس الموقف في أحد ردوده السابقة، وهو يغيض محاوريه، عبر عرض مثال على نزاهة المغرب والشفافية الكاملة لعلاقاته مع الاتحاد، لاسيما عندما تطرق لسداد مبلغ عقب خطأ في التخصيص. فهذا العنصر يبرز، إن لزم الأمر ذلك، درجة الإلمام الأكيد للسياسة المنتهجة من طرف المفوضية الأوروبية في المملكة، وروح الثقة والشفافية التي تسود الشراكة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. هكذا، فإن السلطة التنفيذية الأوروبية تجدد التأكيد على دورها ك "حارس" للعقيدة المالية وكضامن لمصالح الاتحاد الأوروبي، عبر الاضطلاع بشفافية كاملة بمهمتها المتمثلة في المراقبة الممنهجة لعمليات الدعم المالي، بفضل آليات رسمية ومنظمة، تشكل هيكل الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. فشفافية هذه الآليات تعزز مصداقية هذه الشراكة مع المغرب، التي تتصدر باقي دول الجوار، لاسيما فيما يتعلق بالتعاون المالي. وفي معرض إجاباته على الدعم المالي، لم يفوت المفوض الأوروبي فرصة تنوير النواب الأوروبيين، الذين يحومون حول مسألة حقوق الإنسان، من خلال الإشادة ب "التطورات الإيجابية" المسجلة خلال الفترة التي قامت محكمة الحسابات الأوروبية بتدقيقها، لاسيما إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز سنة 2017، والمصادقة على القانون 103.13 في 2018 بشأن محاربة العنف ضد النساء والفتيات. كما أشاد ب "الإصلاحات الإيجابية" التي همت منظومة التقاضي، وتطور الإطار التشريعي لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد. لقد امتنع المغرب، الذي ليس في نهاية المطاف سوى ضحية جانبية لسوء تفاهم بين المؤسسات الأوروبية، عن الرد على تقرير محكمة الحسابات الأوروبية، بالرغم من احتوائه على ثغرات جدية، لأن المملكة تؤمن بصحة اختياراتها والمسارات المستقبلية لشراكتها متعددة الأوجه مع الاتحاد الأوروبي، والتي تم رسم خطوطها العريضة ضمن "الإعلان السياسي المشترك"، المعتمد في ختام الدورة الرابعة عشرة لمجلس الشراكة المغرب-الاتحاد الأوروبي.